/ صفحة 339 /

بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
تمخضت الحرب العالمية الأخيرة عن ((هيئة الأمم المتحدة)) وما سموه ((مجلس الامن)) كما تمخضت الحرب التي قبلها عن ((عصبة الأمم))، ونادى المنادون: بشراكم أيها الناس فقد تنزلت السماء برحمة منها على الأرض، وأقسم المنتصرون ـ شكراً لله على نعمته، واعترافا بسابغ فضله ـ لا يبقين في الدنيا مظلوم ولا مهضوم ولا خائف ولا جائع، وليعيشن الضعفاء بجانب الاقوياء اخوة متصافين، كل يعمل على شاكلته، ويدور في دائرته، ولينشرون لواء العدل يستظل به القاصي والداني لا فرق بين أسود وأبيض، ولا بين شرقي وغربي، وليكونن الشعار منذ اليوم آية الانجيل: ((المجد لله في الاعالي، وعلى الأرض السلام)).
ولم يخدع الناس عن أنفسهم بهذا النداء، ولكنهم تخادعوا للمنادين، فلم يكن أحد يجهل أن ذلك تنظيم للاستلاب،
واصطلاح على الاقتسام بين الدول القوية على حساب الشعوب المستضعفة، ولا سيما وقد جعل لكل دولة من الدول الخمس حق الاعتراض ـ الذي يسمونه ((الفيتو)) ـ على أي قرار تراه غير متفق مع سياستها، فكأنهم بهذا ((الفيتو)) قد أمن بعضهم مكر بعض، وضمنوا ألا يصيبهم في أنفسهم مكروه، وتوافقوا على أن يتبادلوا الصمت والاغضاء كلما عرضت مشكلة لأمة من الأمم الضحايا حتى تسوى عل ما يريد صاحب المصلحة منهم مهما علا صراخ الضحية واشتد بها الفزع والجزع.
لم يخدع الناس عن أنفسهم في شأن هذه المنظمة الجديدة، وهم يعلمون علمها من القياس على أختها السابقة وما ميزت به عنها مما لا يعدوان يكون تنقيحاً