/ صفحة 368/
بين الإسلام والنصرانية:
الحروب الصليبية في شكل جديد
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الكبير الشيخ محمد عبد اللطيف دراز
مدير الجامع الازهر والمعاهد الدينية
ـ 2 ـ
لم يكن ((أوربان الثاني)) حين دعا إلى المجمعين العظيمين للنظر في شأن الإسلام وطغيان مبادئه على المبادىء المسيحية، واكتساحها بقوة خارقة دون جهد يبذله أهله، لم يكن هذا البابا الا ترجمانا لما كانت تغلى به صدور المسيحين في أوربا منذ أواخر القرن الحادي عشر الميلادي من حقد على الإسلام والمسلمين، وحرص على الحيلولة دون دعوة الحق وما ظفرت به من الانتشار في سرعة ويسر، بينما رجال الدين المسيحي ينفقون الأموال الطائلة، والجهود الهائلة ليبثوا تعاليم دينهم في بلاد الشرق والغرب، فلا ييوءون الا بالخسران، ولا يزدادون الا النقصان.
ولقد أفلح هذا القسيس الكبير في استفزاز أهل أوربا واثارة حماستهم وعصبيتهم على المسلمين، وجمع كلمتهم على النضال في سبيل هدم الإسلام وزلزلته عن مكانة العزة والقوة التي اكتسبها بتاريخه الناصع على ما بينا في حديثنا السابق، ثم كان ما كان من ترادف الحروب الصليبية قرونا متتابعة على الإسلام، ثم يأس أهل أوربا من أن ينالوا بالسيف والنار نيلا، وتحولهم إلى حروب أخرى