/ صفحة 318/
أنباء وآراء
وقعت بين المسلمين فى تاريخهم الطويل خلافات كثيرة، كانت هادئة تارة، وعنيفة تارة أخرى، وقد تركت فى المجتمع الإسلامي آثاراً لا نزال نراها.
وليس لنا ولا لغيرنا أن نمنع الحديث عن هذه الخلافات، أو نحول دون تناولها، فقد دخلت فى ذمة التاريخ، والتاريخ ملك للناس عامة، ولكل باحث حق النظر فيه كما يشاء.
وإذا كنا نشفق حين نسمع أن مؤلفاً وضع كتاباً تعرض فيه لشئون الخلاف التاريخى بين المسلمين، أو عالج فيه مشكلة من مشاكلهم الطائفية، فانما ذلك خوفاً من عرض تلك الموضوعات الدقيقة بصورة تثير النفوس، وتجدد الاحن، وتحرك الاضغان والفتن، ارضاء لتعصب كاتب، أو تحيزه لرأى خاص.
وكثيراً ما رجونا الباحثين أن يتثبتوا، وأن يأخذوا أنفسهم وأقلامهم بلون من الرقابة، فلا يكتبوا الا ما يعلمون أن فى كتابته خيراً لامتهم، ولا يعتمدوا فيما يكتبون الا على الروايات الصحيحة الثابتة، وأن يمحصوا ما يروون للناس تمحيص العالم الثبت الحذر الذي يكره أن يلقى القول الجزاف، أو يدلى بالرأى الفطير، ولا شك أن من أهم ما يقرب بين المسلمين سرد تاريخهم عليهم بغير تعصب يثير الخواطر.
والعالم المحقق يستطيع إذا تناول أدق المشاكل أن يكشف عن دواعى الدس وأسباب الوقيعة، واثقاً من أن الكثير من الخلافات تبدو بساطته، إذا عرفت حقيقته.
وهذان عالمان جليلان، وباحثان شهيران، هما: الدكتور طه حسين،