/ صفحة 339/
كلمة التحرير
ألفاظ كثيرة حرّفت عن مواضعها، وفهمت على غير وجهها، وما زال أهل العلم، وأرباب الحصافة والفهم، فى جهاد مع الناس فيها، يجادلونهم عنها، ويردّونهم إلى الله ورسوله فى شأنها، ولكنها مع ذلك مع ذلك تجاوزت الينا القرون بعد القرون، حتى كأن أحداً من المسلمين لم يعلم علمها، ولم يشكف عن مواطن الزيف فيها، ذلك بأن الحلف المعادى للاسلام من الجهل والكيد والفتنة واعجاب كل ذى ورأى برأيه; قد وقف المسلمين بالمرصاد، وأرجف عليهم بخيله ورجله، وما بثه من روايات مدخلوة، وآراء مأفونة، وما حرص عليه من بلبلة الأفكار وزلزلة العقول، وافساد الحقائق بالاوهام، فطالت المعركة بين الحق والباطل، وتعددت ميادينها، وكانت الحرب فيها سجالا بين المصلحين والمفسدين فى كل شعب وفى كل زمان.
فمن ذلك لفظ: ((الايمان)) .
ان بعض الناس يظنه ذلك الاذعان السلبىّ الصامت الذي لا يكلف صاحبه عملا، ولا يبعث فى قلبه خشية، ولا يؤثر فى خلقه تهذيباً، ولا يدعوه إلى مشاركة فى بر، أو معاونة على اصلاح أو خير، إنّما قصاراه فى نظره أن يؤدى صور العبادات المفروضة، ويحرص على المظاهر الجوفاء، ويتشدق بكلام أهل التقى والصلاح، ويرائى بالغيرة أحياناً، وبالعبرة أحياناً، ولا يبدو الا فى زىّ الصالحين، وسمت المتقين.