/ صفحه 416
جارالله الزمخشرى
واثره في البلاغة العربية.
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ على العمارى
المدرس بالازهر
ثلاثة من أعلام العلماء نشأوا في أقليم واحد، في ثلاثة عصور متتابعة، ولكن لكن منهم اثره في علوم البيان أولهم الامام عبدالقاهر الجرجاني (النحوى) وقد عاش في القرن الخامس، والثانى جارالله، وقد عاش في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس، وثالثهم أبو يعقوب السكاكي، وقد شهد جزءاً كبيراً من أواخر القرن السادس وجزءاً آخرمن أوائل القرن السابع (توفي سند 626 هـ).
كتب عبد القاهر أبرع ما كتب في علوم البيان ـ وإن كان ابن خلدون لم يذكره فيمن دونوا هذه العلوم ـ وكان طبيعياً أن يتأثر به العالمان بعده لقرب الديار، ووفرة الرغبة ـ عندهما ـ في الاطلاع والدرس، فأما السكاكى فقد تأثر بعبد القاهر تأثراً بعيد المدى، ويظهر ذلك واضحاً لمن يطالع ما كتبا.
و لا يفوت السكاكي أن يشيد بمجهود عبدالقاهر، ويثني عليه، وأما الزمخشرى فعلي طول ما نظرت في كتابه لم أهتد فيه إلى ريّاً للشيخ الكبير، ولعل مرجع ذلك إلى قرب العهد، وسوء حظ الشيخ في مبدأ الأمر، فقد جنت عليه إقامته في بلده، وعدم مغادرته، فلم تعرف كتبه إلا بعد حين.
و مع عدم تأثر الزمخشرى بعبد القاهر ـ فيما ظهر لي ـ لم يدع الزمخشرى أنه في هذه الدقائق البيانية ابن بجدتها، وإنما كان يحيل على علماء البيان، ولكن