/ صحفة 3 /
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
نحمد الله تعالى حمد الشاكرين، ونصلى ونسلم على رسوله الأمين، وآله وصحبه الهداة الراشدين، ونسأله جل شأنه العصمة من الزلل، والتوفيق إلى صالح العمل، وأن يهبنا من لدنه رحمة تشرح بها صدورنا، وتطمئن قلوبنا، وتتيسر أمورنا، انه تعالى سميع الدعاء، لطيف لما يشاء.
أما بعد، فهذه رسالة الإسلام، تبتدىء على بركة الله عامها السابع، يحيها الامل، ويزكيها العمل، وعهدها إلى قرائها في عامها الجديد هو عهدها إليهم من قبلك: أن تقف في مكانها ثابتة القدم، مزورة عن الباطل، مستمسكة بالحق جانحة إلى السلم، داعية إلى الحلم، مبصرة بالعلم، وعلى الله قصد السبيل.
ان الزمان يمر عاما بعد عام، ولا يبقى منه الا الذكريات، فهو سجل متلاحق الصفحات، اصطلح الناس عليه، وليس له قيمة في نفسه، وإنّما قيمته بمقدار ما يحمل من الاحداث والاعمال، وما يمتلىء به من وجوه النشاط والانبعاث إلى تحقيق الغاية المقصودة من خلق الإنسان. وليس التاريخ أن يمر على الناس ـ أنما كانوا أو أفراداً ـ كذا وكذا من السنين والقرون، ولكن التاريخ أن يكون لهم ما يذكر، وما يثبتون به أن هذه الاحقاب مرت بهم وهم مستيقظون، فعاشوها حقاً، وملأوها حقا.
ولو أننا قسنا الاعمار بالاعمال والثمرات، ولم نقسها بالايام والساعات، لكان هذا المقياس أصدق حديثا عن الواقع، وأدق تصويراً للحياة، واذن لرأينا العام الؤمني لبعض الناس قرنا من الاعمال أو نصف قرن، ولبعضهم يوما أو بعض يوم، بل لعرفنا أن بعض المعمرين قد انقضوا في عهد الطفولة، لأنهم لم يثمروا ولم يفيدوا الإنسانية شيئاً، وقد أحسن التعبير عن هذا المعنى أحد الشعراء إذ يقول:
إذا مربى يوم ولم أقتبس هدى ولم استفد عالماً فما ذاك من عمرى!