صحفة 304/
مذهب المبرِّد في انقد الادبي
لحضرة صاحب الفضيلة الاستاذ الشيخ علي العماري
المدرس بالازهر
__ 3 __
كتب أحد العلماء عن منهج المبرد في كتابه ((الكامل)) يقول: ((أكثر ما يعجبه ما جمع بين أشياء ثلاثة، معنى جيد، في التعبير عنه شيء من غريب اللغة، وشيء من مسائل النحو، أو مشكلاته))(1).
وهذا كلام يحتاج إلى نظر، فإنه يجب أن نفرق بين حالين، بين حال الاختيار، وحال الاستشهاد على معنى لغوي، أو استعمال عربي، كما يجب أن نحدد معنى كلمة((الإعجاب)) هنا، هل معناها الحكم على الكلام بالجودة لما يشتمل على هذه الثلاثة فيدل ذلك على ميله إلى الخوض في اللغويات والنحويات، وقد نسلم بأن المبرد كان ينشط للغريب، بل كان يضطر إليه حين يعمد إلي الاستشهاد، ولا يمكن أن ننكر أن النحو غلب عليه، فبنى عليه كتابه، أو على الاقل جعله أكثر همه حين ينظر فيما اختار من خطب ورسائل وأشعار، ولعل هذه القصة الطريفة _ على ما فيها _ تدلنا على مبلغ حرص أبي العباس على النحو والاعراب؛ فقد دعاه رجل بالبصرة مع جماعة، فغنت جارية من وراء ستارة هذين البيتين:
وقالوا لها هذا حبيبك معرضاً فقالت إلى إعراضه أيسرا الخطب
فما هي إلا نظرة بتسبم فتصطك رجلاه ويسقط للجنب

ــــــــــ
(1) ضحى الإسلام ج 1 ص 316. ط ثانية.