/ صحفة 418 /
في التاريخ والأدب
لحضرة صاحب الفضيلة الشيخ محمد الطنطاوي
الأستاذ في كلية اللغة العربية
خندف ـ حلوان:
إن تداعي المعاني هو حلقة الاتصال الرابطة بين السابق منها واللاحق، ولا وشيجة وعلاقة أو ثق من الصلة بين الأصل والفرع، فالحديث عن الآباء يكمُل بالأنباء، وعن الانباء يجمل بعد الآباءن وقد تَقَضّي فيما مضى من المقال ما يفى إلى حدّ ما بحق أبوي خندف وحلوان: عمران وضرية.
فيحق أن نردفه بمقال عن هذين الابنين اللذين تلقيا عن أبويهما نباهة الشأن وأكرومَة الأحدوثة. على أنهما قد أضافا إلى هذا النسب الشامخ ما امتازا به في شخصيتهما الجديرة وحدها بالتنويه عنها لما قدماه من فعال سودتهما على أترابهما ولداتهما، وسوف ترى ذلك مفصلا في المقال التالي.
وهكذا الناس في كل زمان ومكان منذ الخليقة لا يستوون، فيرتفع بعضهم، ويتضع بعضهم، حتى تستقيم حياتهم، وينتظم مجتمعهم، سنة الله في خلقه، ((ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا)).
جمعهما بين السب والحسب: (1)
ضم حلوان وخندف إلى كرم النجار سمو الفرع، فاحتازا المجدين: القديم

ــــــــــ
(1) الحسب: ما يعد من المآثر، ابن السكيت: يكون في الإنسان وإن لم يكن لإبائه شرف، في المصباح ومما يشهد لابن السكيت:
ومن كان ذا نسب كريم ولم يكن له حسب كان اللئيم المذمما
ومنه قوله: حسب المرء دينه ـ فالتقابل بين النسب والسحب على هذا مستقيم.