/ صحفة 434 /
مذهب المرَّد في النقد الأدبي
لحضرة صاحب الفضيلة الشيخ علي العماري
المدرس بالأزهر
ـ 4 ـ
والمبد مغرم بالمعتى، ينظر في صحته، وينظر في وضوحه، ويرى أن كثرة تردد المعنى بين الناس مما يجعله حسنا، وهو يسوق أبياتا من الشعر لرجل من تميم، تمتاز بالسهولة والوضوح، وتتضمن معنى أن الرجل الذي يهنأ بزاد يُمِن عليه رجل لئيم، ثم يعلق عليها بأن هذا كلام فصيح جداَ.
* * *
ويشير بالبيت الاخير (أحب المكان القفر...) إلى ما يشير إليه هذا البيت ـ على ما ذكره في موضع آخر ـ من الكناية، وقد تعرض أبو العباس لأقسام الكلام فجعلها ثلاثة؛ ما يكون في الأصل لنفسه، وما يكني به عن غيره، وما يقع مثلا فيكون ابلغ في الوصف، ث يذكر للكناية ثلاثة أضرب؛ التعمية والتغطية، والرغبة عن اللفظ الخسيس المفحش إلى ما يدل على معناه، والتفخيم والتعظيم، ويرى أن الضرب الثاني أحسنها، ويمثل له بقول الله تعالى: ((احل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم))، وبقوله عز وجل: ((أو لامستهم (1) النساء))، وقال الله عز وجل في المسيح وأمه صلى الله عليهما: ((كانا يأكلون الطعام)) وإنما هو كناية عن قضاء الحاجة، وقال: ((وقالوا لجلودهم لم شهدتهم علينا؟))
ــــــــــ
(1) ذكر المبرد أن الملامسة في قول أهل المدينة: مالك وأصحابه غير كناية، إنما هو للمس بعينه، يقولون في الرجل تقع يده على امرأته أو على جاريته بشهوة إن وضوءه قد انتقض.