/ صفحه 188 /
في النقد الأدبي:
مستقبل الشعر
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ علي العماري
المدرس بالازهر
ــــ
كتب الأستاذ أحمد حسن الزيات، في رثاء صديقه المازني يقول، بعد أن ذكر أنه كان رجل وحده في تفكيره وأسلوبه، وصاحب شخصية ممتازة لا يغني عن وجودها وجود: " فإذا أضيف إلى ذلك أن المازني كان أحد الكتاب العشرة الذين يكتبون لغتهم عن علم، ويفهمون أدبها عن فقه، ويعالجون بيانها عن طبع، وأن هؤلاء العشرة البررة متى خلت أمكنتهم في الأجل القريب أو البعيد فلن يخلفهم في هذا الزمن الثائر الحائر العجلان من يحمل عنهم أمانة البيان، ويبلغ بعدهم رسالة الأدب، أدركنا فداحة الخطب الذي نزل بالامة العربية يوم توفي هذا الكاتب العظيم ".
ولا نزال إلى يومنا هذا، نؤمن على هذه المقالة، ونرى أن الكاتب أصاب فيها شاكلة الصواب، ذلك أن الكتاب الذين خلت أمكنتهم من هؤلاء العشرة البررة، لم يخلفهم فيها من يملأ الفراغ، ويكون فيه عن الذاهب العزاء، ولا تزال هذه الأمكنة التي تركها الرافعي والمازني وأحمد أمين، لا تزال أمكنة هؤلاء خالية، وإننا نبحث ـ جاهدين ـ في هذا السيل الجارف الذي تقذفه المطابع من الكتب وأشباه الكتب، نبحث عن النثر الفني الرائع، والادب الخالص الرفيع، فلا نجد إلا السطحية في التعبير، والسطحية في التفكير، ونجد بجانب ذلك الدعاوي ا لطويلة العريضة، ولعل السر فيما آل إليه الأدب تلك الدعوات السافرة إلى التحلل من الأساليب الرصينة، والعبارات الجزلة، وساعدت