/ صفحه 390/
الشرق والغرب
قبل الإسلام وبعده
لحضرة صاحب الفضيلة الشيخ عبد المتعال الصعيدي
الأستاذ بكلية اللغة العربية
ــــــ
يبتدئ الخلاف بين الشرق والغرب بالحروب التي قامت بين الفرس واليونان أولا، فلما ظهر الرومان في الغرب بعد اليونان ورثوا عنهم هذا الخلاف، وقامت به الحروب بينهم وبين الفرس إلى ظهور الإسلام، فليس الخلاف بين الشرق والغرب وليد هذا العصر الحديث، وإنما هو خلاف قديم بدأ من ذلك الحين، واستمر بين أهل الشرق وأهل الغرب بعوامل سياسية صرفة، ترجع إلى طمع كل من الفريقين في السيادة والسلطان على الآخر، وقد تأصل هذا الخلاف بينهما بقدم الزمن، حتى ذهب بعض فلاسفة السياسة في العصر الحديث إلى أن الشرق شرق والغرب غرب ولا يجتمعان، فذهب كلمته مثلا بين أهل الغرب، حتى إنهم لا ينظرون إلى أهل الشرق الآن إلا بعين الاستعمار، فلا يرون لأهل الشرق حقاً في استغلال خيرات بلادهم، وإنما هم أصحاب هذا الحق وحدهم؛ ولأهل الشرق من هذه الخيرات فضلات موائدهم.
وقد ظهرت المسيحية في الشرق قبل الإسلام، والرومان متحكمون في كثير من بلاد الشرق وكانت بلاد اليهودية التي ظهر المسيح (عليه السلام) فيها واقعة تحت حكمهم، ولكنها كانت شريعة زهد لا تتطلع إلى أمر الدنيا، ولا تهمها أطماع السياسة بين الشرق والغرب، لأنها لا تعني بالسياسة الدنيوية، ولا تلتفت إلى تلك الخلافات السياسية بين دول الأرض، وإنما يهمها أمر الآخرة لا غير،