/ صفحه 179/

في التاريخ والأدب
لصاحب الفضيلة الشيخ محمد الطنطاوي
الأستاذ في كلية اللغة العربية
-7-
يزيد بن المهلب:
في الصفحات المواضي خطونا مع يزيد في مراحله إلى حيث واتاه القدر، فأسندت إليه ولاية العراق وخراسان، وكان لبسط كفه بالنداء التأثير الفعال، فانقادت له قبائل الشعب: عدنانيها ويمانيها، وهفت إليه الشعراء من كل صوب يتبارون في الإطراء على خلاله. فامتدت عزائمه إلى توسيع الفتوحات في المشرق، وقد رافقه الظفر فاستولى على جرجان وطبرستان وغيرهما، وغنم من هذه الأصقاع مغانم كثيرة جمعها لديه وديعة للخلافة، وأرسل نبأها السار للخليفة سليمان الذي قضى نحبه إثر وصول هذه البشارة في السنة التاسعة والتسعين، وقد عهد بالخلافد إلى ابن عمه: عمر بن عبدالعزيز، وكان بين عمر ويزيد تباغض نفساني قديم، وكثر ما كان يقول عمر في يزيد وأهل بيته: هؤلاء جبابرة ولا أحب مثلهم، ويقول يزيد في عمر: إني لأظنه مرائيا، فابتأس يزيد بوفاة سليمان، وتوجس الشر من عمر، فما كاد يتولي الخلافة عمر حتى تبدلت نعماه أبؤسا، ومرَّت عليه الأيام بعد استحلائها.
والعمر كالكأس تستحلي أوائله لكنه ربما مرت أواخره
إذ أن الخليفة عمر عني أول توليه بعزل يزيد عن أمارة العراق، وتولية عدي ابن أرطاة الفزاري بدله، فكتب إلى يزيد أن يحضر إليه، وأوصى الوالي الجديد ((عديا)) أن يعجل بإرساله موثقا، ولا يألو في ذلك جهدا. فلما مثل يزيد بين يدى الخليفة سأله عن الأموال التي كتب بها إلى سليمان، فقال: كنت من سليمان بالمكان