/ صفحه 85/
في النقد الأدبي:
مستقبل الشعر
لفضيلة الأستاذ الشيخ علي العماري
-4-
وإذا كان الشعراء يصورون عواطفهم، ويصورون عن إحساس صادق فلماذا يقتصرون على هذا اللون القاتم من العواطف؟ ولعل الحديث عن أفراح النفس ومباهجها شاق عسير، ولكن الذي يبدو لي أن هؤلاء الشعراء يترسمون خطي أسلافهم، وأشعار الألم هي التي تملأ دواوين الشعراء، على أننا لا نعدم من حين لحين من يصدق عن نفسه، فيدعوا إلى الابتسام، وإلى الضحك، وإلى التمتع بطيبات الحياة ولست أدري لماذا انتفع شعراء الشباب بنصائح أولئك الشعراء المتشائمين من شرقيين وغربيين، ولم ينتفعوا بقول شوقي مثلا:
روّحوا النفس بلذات الصبا فكفى الشيب مجالا للكبر
فصبا الخلد كثير دائم وصبا الدنيا عزيز مختصر
إلا أن يكون ما أشرت إليه من أنهم مقلدون حقا.
ولست أقول إن كل شعراء الشباب انصرفوا عن هذه الناحية: ناحية الإعلان عن أفراح أنفسهم، والتعبير عن مباهجها، وفإننا نجد منهم من صدق في التعبير ولكنهم قليلون، وأنا لا أعرف في هذا الحشد الذاخر من الشعراء والمتشاعرين إلا اثنين، أما أحدهما فصاحب ديوان (لهو وعبث) وأما الآخر فصاحب ديوان (الفجر الضاحك)(1) وهناك أصحاب المقطعات الصغيرة في هذا الغرض، ولكنهم أيضا قليلون.

*(هوامش)*
(1) ديوان لهو وعبث للأستاذ محمود السيد السنان وقد تاب بعده عن الشعر والنثر! وديوان الفجر الضاحك لكاتب هذا البحث وقد سكت بعده عن الشعر الضاحك.