/ صفحه 108/
وفد مصر في الندوة: وكان لوفد مصر أثر ملحوظ في نشاط الندوة، سواء في البحوث؛ في نوعها وعددها، أو في التعليق، أو في المفترحات، أو في القيام بأعمال الترجمة من العربية إلى الانجليزية والعكس أثناء المناقشة في الصباح والمساء، أيام الندوة كلها.
وقد وجهت الحكومة المصرية الدعوة إلى الندوة العالمية المقبلة، وهي الندوة الثالثة، وقد كان ذلك متوقعاً، لأن القاهرة في ماضيها وحاضرها مركز الدراسات الإسلامية في العالم كله حتى الآن.
العلامة الأكبر شرف الدين:
في صباح يوم الاثنين الثامن من شهر جمادي الآخرة سنة 1377 هجرية، اختار الله إلى جواره الأكرم، علماً من أعلام الأمة الإسلامية كانت شخصيته القوية في العلم والخلق والجهاد وغيرة على الدين والدعوة إلى الله مثلا حياً يذكرنا بالسلف الصالح من علماء الإسلام، ذلك هو المغفور له العلامة الأكبر السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي، طيب الله ثراه وأكرم مثواه في جنة الخلد مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
لقد كان أجزل الله مثوبته، نسيج وحده في الإحاطة بمختلف ألوان العلم والمعرفة، وكان له فكر منظم واع ذو قدرة عجيبة على التتبع والاستقصاء والتأمل والاستنباط في أدب العالم، وغيرة المؤمن، وأمانة الباحث المنصف، وصبر الفاحص المتثبت، تشهد بذلك كتبه ورسائله، وكل ما خطه قلمه من مقال أو فتوى، أو مكاتبة، وكل ما نطق به لسانه، من توجيه، أو نصح، أو خطبة، بل كذلك كان حتى في أحاديثة العابرة، ومجالسه الكثيرة.
وكان ـ رضي الله عنه ـ مجاهداً في ميادين أخرى من أبرزها ميدان التعليم والتربية الاسلامية، وقد خرج من هذا الأفق رجالا وعلماء أعلاما كل منهم كتاب حي يسعي برجلين، وينطق بلسان وشفتين، فلم يكن مثمراً كتباً مؤلفة فحسب، ولكن كان أيضاً مثمراً رجالا أعلاماً كراماً.