/ صفحه 16/
خلاف نرضاه
خلاف نأباه
لحضرة صاحب السماحة العالم الجليل الأستاذ محمد تقي القمي
السكرتير العام لجماعة التقريب
ــــ
هناك فرق بين خلاف وخلاف.
هناك خلاف تمليه طبيعة التفكير، وتقتضيه سنن الاجتماع، ونحن نقبله ونرضاه، وهناك خلاف يصطنع اصطناعا، ونحن نرفضه ونأباه.
إننا نقبل الخلاف الفكري ما دام في دائرة معقولة. ونرحب بالخلاف المذهبي لأنه وليد آراء اجتهادية مرجعها الكتاب والسنة أو ما أعطاه الكتاب أو السنة قوة الحجية. ونرحب بما عند الشيعة وأهل السنة، لأنهما تؤمنان بما يجب على المسلم أن يؤمن به، وإن اختلفتا في مسائل فقهية، وتميزتا في مسألة الولاية والخلافة. ونرحب كذلك بالمعارف الكلامية، لأنها ميدان من ميادين التفكير، للمسلم أن يجول فيه.
نحن نرحب بهذه الخلافات كلها، بل نعتز كمسلمين بالكثير منها، لأنها إن دلت على شئ فإنما تدل على الحرية الفكرية، ولأنها إن أحسن النظر إليها، تسعد الأمة وتكفل رقيها وتبقى على سلامتها.
إن هذه الخلافات في جوهرها تنبئ عن معنى الوفاق، فهي ترتبط بأصل واحد هو الكتاب والسنة.
وليس معنى هذا أن في الكتاب خلافا، فالمسلمون بحمد الله متفقون في كتابهم مجمعون على ما بين الدفتين، وهذا فخر ليس فوقه فخر تنفرد به هذه الأمة دون غيرها من سائر الشعوب.