/صفحة 125 /
الاقتصاد الإسلامي
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمد أبو زهرة
أستاذ الشريعة الإسلامية في كلية الحقوق بجامعة القاهرة
ـ 2 ـ
الملكية:
1 ـ قبل أن نخوض في الملكية من حيث شمولها وما تقع عليه من أموال، وما يتعلق بها من حقوق، نجد أن الواجب يتقاضانا أن نقرر ثلاث حقائق، اثنتان منها موضع إجماع الفقهاء، بل إجماع المسلمين، وليس لأحد أن ينكرهما، وهما من المسائل المعلومة التي لا مساغ للجدل حولها، وعلى المجتهد قبل أن يتجه إلى البحث والدراسة والاستنباط أن يقر بهما لأنهما جزء من إطار الإسلام الذي يعتبر المنكر له غير داخل في هذا الإطار القدسي.
أولى هذه الحقائق أن الإسلام أقر حق الآحاد في الملكية، وثبَّتها. والآثار والأخبار عن النبي والصحابة تقرر هذه الحقيقة، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أقرها، وكان يستدين، ويؤدي ديونه، وكان يبيع ويشتري، والقرآن الكريم أضاف الأموال إلى الأشخاص إضافة الاختصاص والملك، فقد قال تعالى: " يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم، ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " وقد أمر القرآن الكريم بتوثيق الحقوق، فأمر بالشهادة على البيوع، فقال: " وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد " وأمر بكتابة الديون، وأمر بأخذ الرهان المقبوضة. . .
ونجد أن الاسترسال في إثبات أن الملكية الفردية حقيقة مقررة في الإسلام ـ استرسال في إثبات أمر بدهي، قد علم من الدين بالضرورة، وإنه لا يجوز لباحث أن يسترسل في إثبات البدهيات، وكذلك الأمر في كل الأديان السماوية.