/صفحة 17 /
ثقافتنا اللغوية في عَصْر المغول
بحث للأستاذ محمد رضا الشيبى
عضو مجمع اللغة العربية
فر أوائل النصف الثاني من المائة السابعة استولى المغول على العراق، وأزالوا الدولة العباسية من الو جود. وذلك بعد استيلائهم على المشرق وبلاد فارس حيث قامت لهم دولة معروفة تسمى "الإيلخانية" وقد تسمى "لإيلية" اختزالا، وأول من أطلق عليها هذا الاسم المختزل مؤرخ العراق ابن الفواطى، فعل ذلك أكثر من مرة في معجمه، والمغول في الأصل قبقائل بدوية جافية مواطنها الأصلية منذ مستهل المائة السابعة، ولم يكن لحكامهم بد من الاستعانهة في إدارة شئون هذا الملك العظيم طبقة ممتازة من أهل البلاد الإسلامية المغلوبة فرسا وأتراكا وعربا إلى عناصر بأقوم آخرين. لم يمتنع المغول من الأخذ بمقومات الحضارة الإسلامية، ولم يعترضوا على إنشاء المدارس والمعاهد العلمية، ولهذه العلة أخذت بطانة المغول من هؤلاء المسلمين غالباًبضبع المؤلفين في اللغتين الفارسية والتركية مضافا إلى إلى العربية. وشاع استعمال لغة المغول نفسها في البلاد التي خفقت عليها رايات الدولة الجديدة. واضطر إلى التخاطب بها عدد غير قليل من العراقيين بدرس اللغات الثلاث المذكورة، التي عرفت في العراق على ذلك العهد درساً واسعاً تناول قواعدها ونحوها وتصرفيها فضلا عن المواد والألفاظ، وضعوا رسائل وكتباً في فنون اللغات الثلاث، وألف آخرون بعض المعجمات.