/صفحة 99/
الهجرة النبوية والحكم الاجنبي
لفضيلة الأستاذ الشيخ عبد المتعال الصعيدي
الأستاذ بكلية اللغة العربية
* * *
يجب أن نفهم الهجرة النبوية من ناحيتها السياسة فهماً جدياً، ولا شيء في أن يكون للهجرة النبوية ناحية سياسية توحى بهذا الفهم الجديد، لأن الإسلام دين وسياسة.
فقد مضى على الإسلام في مكة ثلاث عشرة سنة يكافح حكماً أجنبياً كفاحا سياسيا سلميا، يحاول أن ينال منه انصافا، وأن يعيش في ظله آمنا، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحاول التخلص من هذا الحكم الأجنبي الظالم، ويعرض نفسه عل القبائل العربية قبيلة بعد قبيلة، لعله يجد منها قبيلة تخلصه من هذا الحكم، وينال بها ما ينشده من الحرية الدينية والسياسية لهذا الدين وأهله.
ولما لم يجد من القبائل العربية من يساعده على الوصول إلى هذه الغاية، جمع أصحابه من المسلمين وقال لهم: تفرقوا في الأرض، فان الله سيجمعكم. فسألوه عن الوجه، فأشار إلى أرض الحبشة، فعند ذلك تجهز ناس من المسلمين للهجرة إلى هذه الأرض، وهذه هي الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة، وكان عدة أصحابها عشرة رجال وخمس نسوة.
وبقى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة مع من بقى فيها من المسلمين، ولم يهاجر مع من هاجر منهم إلى أرض الحبشة، لأنه كان يبغى لدينه وأهله الحرية الدينية