/ صفحه 176/
الإسلام فيما يُحرّمهُ الإنسَان
يَصُون به إنسَانِيته
للأستاذ الدكتور محمد البهي
تدخل الإسلام بتوجيهه في حياة الإنسان الفرد وفي صلته بمن معه وبمن يشاركه الحياة الإنسانية العامة. تدخل لا ليكون وصيا ولا رقيباً عليه، وإنما ليحدد له منهج السلوك في حياته بنوعيها الخاصة والعامة. وربما يظن كثير من الناس أن الإسلام بتدخله في توجيه الإنسان اقتحم دائرة الحرية الشخصية للفرد، ولم يتركه يفعل ما يشاء طالما لا يصيب غيره معه بضرر ولا أذي.
ولكن إذا عرف أن الإسلام قصد إلى إقامة مجتمع إنساني له جوانب الاستطاعة المختلفة في الحياة، وله الإمكانيات التي يسود بها، والتي يؤمن بها نفسه في مواجهة الاعتداء الذي يوجه إليه لحظة ما ـ لكن إذا عرف ذلك في الإسلام فإنه لا يستغرب بحال أن يتدخل في منهج الفرد في حياته كما يتدخل في منهج العلاقات بين الفرد والفرد.
الإسلام يريد للفرد أن يكون مواطناً صالحاً. والمواطن الصالح هو الذي يستطيع أن يلائم بين نفسه وبين غيره، والذي يستطيع أن يشارك في تحقيق أهداف مجتمعه ووطنه. وكون الإنسان يلائم نفسه مع غيره أمر يتوقف أولاً على فهم الحياة الإنسانية، ثم على دربة عملية لحا المشاكل التي قد تطرأ على حياته في محيطه الخاص وفي علاقته بغيره.
وتوجيه الإسلام هو للجانبين معاً: هو لدفع الإنسان نحو فهم الحياة فهما سليما، ثم لدفعه مرة أخرى نحو حل الأزمات والمشاكل التي تعرض له.
الإسلام يريد للإنسان أن يفهم الحياة الإنسانية على أنها وجود مشترك، وأنه لذلك عليه أن يعين ويساعد على تحقيق هذا الوجود المشترك. عليه أو يتجنب أذى الغير وضرره، كما يتجنب أذى نفسه وضررها. وبذلك يخلو هذا الوجود المشترك مما يسبب الآما للانسان نفسه أو لغيره. وهنا في هذه الدائرة، وهي دائرة