/ صفحه 227/
بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة التحرير
قال الله تعالى وهو أصدق القائلين: ((من يشفع شفاعةً حسنةً يكن له نصيبٌ منها، ومن يشفع شفاعةً سيئتةّ يكن له كِفْلٌ منها)).
الشفاعة مأخوذة من الشفع ضد الوتر، ومعناها أن يشفع إنسان غيره، أي ينضم إليه ويؤازره.
وهي أمرٌ جرت به عادة المجتمات، فإن الناس تتفاوت في الجاه، وفي القدرة على السعي، ومنهم من يضعف عن الحصول على الحق فيستعين بمن يشفعه ويقوّيه، ويسلك السبيل التي تؤدي إليه.
فليس من الطبيعي أن يُطلبَ إلى الناس أن يكفُّفوا عن هذا اللون من ألوات التعاون والتآزر، ولذلك لم يمنعه القرآن، بل حث عليه على شرط أن تكون الشفاعة حسنة، ونهي عن الشفاعات السيئة، وقد جاءت السنة بمثل ذلك أيضا.
فقد رُوي أن رسولَ(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((إن هذا الخير خزائن، ولتلك الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبد جعله الله مفتاحاً للخير، مِغْلاقا للشرّ، وويلٌ لعبد جعله الله مفتاحاً للشرّ، مِغلاقا للخير)).
وعن ابن عمر(رضي الله عنه) قال: رسول(صلى الله عليه وآله وسلم): ((إن لله عباداً اختَصَّهم بحوائج الناس، يفزع الناسُ إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله)).
وعن على الكرم الله وجهه قال: قال لي رسول(صلى الله عليه وآله وسلم): ((يا علي: إن الله تعالى خلق المعروف، وخلق له أهلا، فحبَّه إليهم، وحبَّب إليهم فعاله، ووجه إليهم طُلابه، كما وجَّه الماء في الأرض الجدْبة لتحيا به، ويحيا به أهلها، إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة)).