/ صفحه 257/

القيَاس
عند ابن حزم والشيَعة الإمامَية
لجضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد جواد مغنيه
رئيس المحكمة الشرعية الجعفرية العليا ببيروت
اتفقت المذاهب الإسلامية على أن واجب الفقيه إذا أراد أن يعرف حكم واقعة من الوقائع أن يبحث عنه أولاً وقبل كل شىء في الكتاب والسنة، وإذ يتفق الفقهاء على هذا الأصل ويرونه ضرورة دينية لا تقبل الاجتهاد والتقليد يختلفون فيما إذا تحرى الفقيه، وأفرغ الجهد والوسع في البحث عن الحكم الشرعي، ولم يجد في الكتاب والسنة خاصاً ولا عاماً، يختلفون في وظيفته، والحال هذه، في نظر الشرع; أي أن الشرع إذا لم ينص على الحكم المطلوب معرفته، فهل نص على ما يجب أن يفعله المجتهد(1)المتحير؟ هل أمر الكتاب والسنة في مثل هذه الحال بالرجوع إلى أصل عام يستخرج المجتهد منه الححكم الشرعي؟.

ــــــــــ
(1) يسمى العالم مجتهدا بلحاظ كونه يستنبط الحكم الشرعي من مصدره، ويسمى فقيها بلحاظ معرفته بالحكم، ومن أجل ذلك يسمى أهل جبل عامل الشيوخ الذين يحفظون الفروع، ولا يعرفون شيئاً من أدلتها يسمونهم الفقهاء.

وقد اتفقوا كلمة واحدة على أن الشرع قد نص على وظيفة المجتهد، وأمره بسلوك طريق خاص لا يجوز أن يتعداه بحال، ولكنهم اختلفوا في تعيين هذا الطريق: هل هو القياس، و الإباحة، والنباء على عدم المسئولية على الفعل والترك؟
قال الإمامية وابن حزم: إذا فحص الفقيه عن الحكم، ويئس من العثور على النص في الكتاب والسنة ينتقل رأساً إلى الإجابة، لقوله(صلى الله عليه وآله وسلم): ((رفع عن أمتي ما لا يعلمون)) ويكون عدم النص على حكم الشيء بمنزلة النص على الإباحة، وجواز الفعل والترك، إن معنى الاجتهاد هو طلب حكم الله من الكتاب والسنة، فإذا لم نجد النص فيهما على الحكم يكون ساقطاً عنا، ونحن غير مسئولين عنه، ولا يجوز الاعتماد لا على القياس والتعليل، ولا على الاستحسان والتقليد.