قراءة في كتاب : محمد علي التسخيري و دوره في التقريب بين المذاهب الاسلامية

قراءة في كتاب : محمد علي التسخيري و دوره في التقريب بين المذاهب الاسلامية
قراءة في كتاب : محمد علي التسخيري و دوره في التقريب بين المذاهب الاسلامية

التقريب بين المذاهب الاسلامية في دلالته و مفهومه ، هو جمع الامة الاسلامية على الأصول الكلية ، و الثوابت الراسخة المستمدة من القرىن الكريم و السنة النبوية الشريفة ، و دعوة عملية منهجية تستهدف الوقوف امام ظاهرة الاختلافات المذهبية خشية تفرق المسلمين ، و حفاظاً على جوهر الاسلام ، و امتثالاً لقول الله تعالى " و اطيعوا الله و رسوله و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم " ( الانفال : 46) .
 
كما يعد التقريب بين المذاهب الاسلامية عاملاً مهماً في تضييق رقعة الخلافات و الحدّ من انتشار ظاهرة التعصب ، و تمكين الامة الاسلامية من الحفاظ على هويتها بتقاربها و تكاملها .
 
من هذا المنطلق كرست الباحثة اشجان عبد العليم رسالتها الجامعية للوقوف على ابرز الجهود التي بذلت في هذا المجال ، و التعرف على مؤسسات التقريب بين المذاهب الاسلامية و رواده  من السنة و الشيعة على حد سواء ، من خلال التعريف  بنشاط  واحد من أبرز اعلام التقريب المعاصرين .
 
و في معرض تبرير اختيارها لآية الله التسخيري  موضوعاً  لرسالتها ، تقول الباحثة اشجان عبد العليم : " يعتبر محمد علي التسخيري احد أشهر ائمة الشيعة في حركة التقريب و له في هذا المجال عدد من المؤلفات باللغتين الفارسية و العربية . و يرى التسخيري أن التقريب يواجه خطراً كبيراً بسبب ما يجري في العالم الاسلامي من اضطهاد و قتل للسنة و الشيعة على حد سواء بسبب التعصب و التكفير المتبادل من الجانبين ، فالجهل و التعصب من أهم العناصر التي تتسبب في هذه الفتن و تحول دون وحدة الصف الاسلامي .

و يؤكد التسخيري دائماً على أن التقريب لا يهدف اطلاقاً الى نشر التشيع ، و إنما يهدف الى ايجاد حلول نهائية للصراع المذاهبي . و يشير الى أن عملية التقريب تتطلب قدراً من التوعية لأن الصراع بالاساس هو صراع سياسي لا مذهبي . ويعتقد التسخيري  أن التقريب بين المذاهب هو الوسيلة الوحيدة لوحدة المسلمين ، و ان اهم الواجبات الدينية على العلماء المسلمين على اختلاف طوائفهم و مذاهبهم الاسلامية ، العمل على تبصير المسلمين بدينهم و قطع اسباب الخلاف و التفرقة بينهم " .
 
يتألف الكتاب من تمهيد و ثلاثة أبواب . يحتوي الباب الاول الذي حمل عنوان " مساعي التقريب بين المذاهب الاسلامية في العصر الحديث " ، على ثلاثة فصول ، حيث حاول الفصل الاول التعريف برواد التقريب في العصر الحديث في مصر و ايران . فيما كرس الفصل الثاني لتسليط الضوء على " دار التقريب  بين المذاهب الاسلامية  في القاهرة " مستعرضاً جانبا من اهدافه  و انجازاته . أما الفصل الثالث فقد خصص للتعريف بـ " المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية " في طهران ، محاولاً  تسليط الضوء على الهيكل الاداري للمجمع و اهدافه و نشاطاته و انجازاته .
 
و حمل الباب الثاني عنوان " محمد علي تسخيري حياته و مؤلفاته و آراؤه حول القضايا الخلافية " ، حيث حاول الفصل الاول تسليط الضوء على حياة آية الله التسخيري و مسيرته العلمية  ، فيما استعرض  الفصل الثاني آراء سماحته حول بعض القضايا الخلافية بين السنة و الشيعة الامامية الاثنا عشرية .
 
أما الباب الثالث الذي حمل عنوان " آراء التسخيري حول الوحدة و التقريب " ، تناول في فصله الاول الوقوف على آراء سماحته حول الوحدة الاسلامية ، بما في ذلك مفهوم الوحدة و محاورها و اهميتها و مقوماتها . و تطرق الفصل الثاني الى مفهوم التقريب بين المذاهب الاسلامية من وجهة نظر آية الله التسخيري ، و اهميته و اهدافه ، و الشبهات التي تثار حوله و الرد عليها . فيما اهتم الفصل الثالث من هذا الباب باستعراض رؤية الله التسخيري لواقع حركة التقريب و مستقبلها .
 
و أخيراً تخلص مؤلفة الكتاب ،الباحثة اشجان عبد العليم بكري ، للقول : الوحدة الاسلامية هي الوسيلة الوحيدة لمواجهة التحديات التي تواجه الامة الاسلامية ، و أن التقريب هو السبيل الوحيد لهذه الوحدة . و أن دار التقريب في القاهرة لعب دوراً بارزاً في خروج فكرة التقريب من الظلام الى النور ، و كان أبرز انجازاته الفتوى التاريخية للشيخ محمود شلتوت بجواز التعبد بالمذهب الشيعى الامامية الاثنا عشرية . و أن تأسيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية يعد خطوة هامة في مواصلة جهود التقريب و مواصلتها . لافتة الى أن التقريب - كما يراه الشيخ التسخيري -  لا يعني نبذ المذاهب المختلفة و اعتناق مذهب واحد ، أو هو دعوة لتوحيد المذاهب ، بل هو دعوة الى جمع المسلمين حول المشتركات ، و نشر روح التفاهم و التعارف و الحوار بين المذاهب الاسلامية .