مؤتمر القرآن وتحديات العصر بالكويت: الفكر الشيعي لا ينسجم مع أي ثقافة تدعو إلى الاستبداد بالرأي

مؤتمر القرآن وتحديات العصر بالكويت: الفكر الشيعي لا ينسجم مع أي ثقافة تدعو إلى الاستبداد بالرأي

اكد المجتمعون في مؤتمر القرآن الكريم وتحديات العصر في دورته الثامنة على التلازم بين الكتاب الرباني وعترة اهل بيت النبوة، كمرجعية لمنظورات التجديد وضرورات الاصلاح في الاجتماع الاسلامي المعاصر.
واشار المؤتمرون في افتتاح الملتقى مساء امس الاول في فندق المنتزه الجديد في ميدان حولي، تحت عنوان 'أهل البيت إشعاع الاسلام الحضاري'، الى ان الفكر الشيعي نشأ على مسلمة مهمة، هي القبول بالتنوع والتعدد في الاجتهاد، في مقابلة ثقافة الاقصاء والتدليس التي حكمت العقل العربي مدة من الزمن ضد فئة من المجتمع.
وكانت البداية مع كلمة الافتتاح لحسن العطار الذي قال ان الامة ما زالت تدفع ثمن الفصل بين كتابها الرباني وبين العترة الطاهرة، حيث يتضاعف اليوم الاستفهام عن الاسلام الشمولي والحضاري، وسط مشهد من جمود الفكر وهجمة التيارات الثقافية الدخيلة بما يهدد هوية الامة، ومناخ مضطرب يتنامى فيه تيار العنف والتكفير والفتن، بما يستهدف وحدة الامة ونسيجها الاجتماعي، ويحث الخطى للصدام مع الآخر، في مفارقة صارخة، فقد نزفت دماء الال على مدى التاريخ حفاظا على هوية الامة، واليوم تراق دماء اتباعهم قتلا على الهوية.
واضاف ان المؤتمر وفي سياق متابعة تطورات التجربة الاسلامية المعاصرة، يبدي اهتماما برصد الاسهامات البناءة لمدرسة اهل البيت عليهم السلام، في الواقع المعاصر، التي اصبحت محط انظار العالم. لافتا الى ان اتباع اهل البيت يعيدون اكتشاف ذاتهم وامكاناتهم ومخزونهم من التراث الاصيل والحضاري، في تناغم بين متطلبات الحفاظ على هوية وعزة الامة وكرامتها، ومقتضيات بناء الدولة، ومؤسسات المجتمع الاهلي. مبينا في ختام حديثه ان الانتفاضة الاعلامية لاتباع المذهب تمثل نقلة نوعية من الخطاب الخاص الى الخطاب العام، انطلاقا من اهمية تلك القنوات في تسليط الضوء على المشروعي الحضاري لأهل البيت.

أهل البيت
ثم تحدث الشيخ معتصم سيد احمد عن اهل البيت ومدرسة التأويل، قائلا: 'ان من اكبر العقد التي تقف حاجزا امام تشكل بناء فكري اسلامي موحد، يجمع اشتات الرؤى المتباينة، في صيغة ذات ملمح لا تضيع فيه الثوابت ولا يتجاهل فيه الواقع المتجدد، هي عقدة اختراق النص القرآني، وكشف مدلولاته، التي توارت خلف زاوية النظر المختلفة للنص، لذلك فإن التأويل ضروري لتفعيل النص، في كل زمان لأنه يشتمل على قيم النص وحكم الاحكام، وهي المساحة التي يتحرك فيها العقل الانساني، وحينها يتكامل العقل والنص في رؤية واحدة تؤسس للخطاب الاسلامي في كل مراحله، كما ان عملية التأويل كما يصفها المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي بأنه استثارة العقل، ليصل الى وعي الحقائق ومشاهدتها عن كثب، فهو محطة تزود للروح ومعراج التحلق للعقل.

استبداد
من جهته اوضح الشيخ زكريا داود ان الفكر الشيعي نشأ على مسلمة مهمة وهي القبول بالتنوع والتعدد في الاجتهاد، فليس هناك استبداد او تكريس للراي الواحد داخل منظومة الفكر الشيعي، بل لا يمكن ان تنسجم اي ثقافة تدعو الى الاستبداد بالراي مع اسس واصول ومنطلقات التشيع، لافتا في ختام حديثه الى الدور الكبير للمراجع الدينية للشيعة في رفد الصحوة الاسلامية، وكانت الشخصية الابرز والتي اسهمت بشكل فاعل في نهضة الامة هو الامام الخميني الراحل، الذي فجر ثورة شعبية في ايران، واعاد للامة حيويتها وثقتها بنفسها وقدرتها على تقرير مصيرها، فكانت الحادث الابرز في القرن العشرين.

عصمة أهل البيت
تحدث الشيخ حسن البلوشي عن عصمة اهل البيت من خلال بحث تفصيلي كان مفاده انهم، اي اهل بيت النبوة، كانت لهم ادوار واسعة في الامة الاسلامية لعصمتها من الضلالة، وقد شاءت ارادة الله سبحانه وتعالى ان يجعل رسله واوصياءهم من البشر، بحيث يتعاطون الحياة اليومية بكل تفاصيلها وهمومها، ويقومون بادوارهم وفق معطيات الحياة وسننها التي سنها الله سبحانه، وذلك ليكونوا للناس مثلا وقدوة واسوة وحجة، فلم تكن مشيئته سبحانه في نجاة قوم نوح عليه السلام من الطوفان هي بالطير في الهواء، بل بركوب السفينة وتجشم عناء الطوفان، كما لم تكن مشيئته جل ذكره في ايقاظ الامة الاسلامية من انحرافها بعد وفاة نبيها عليه الصلاة والسلام بانزال الملائكة معهم كتب من الجنة، بل كانت باستشهاد الامام الحسين عليه السلام مثلا، فبمقتضى هذه السنة الالهية، العمل بالاسباب، جرى عمل اهل البيت عليهم السلام في الامة الاسلامية.