أثر المفهوم المغلوط للتكفير في تمزيق الأمة الإسلامية

أثر المفهوم المغلوط للتكفير في تمزيق الأمة الإسلامية

 

أثر المفهوم المغلوط للتكفير في تمزيق الأمة الإسلامية

 

 

 

 

القاضي د. ماهر خضير

فلسطين

 

1437ه-2016-  م


 

أثر المفهوم المغلوط للتكفير في تمزيق الأمة الإسلامية

توطئة:

إن ظاهرة التكفير من الظواهر الخطيرة التي انتشرت بين أبناء الامة الإسلامية بل هي ظاهرة غير مسبوقة لأنواع البدع التي زُرعت بين صفوف الأمة الاسلامية وأخطرها ، فكانت عاملاً مؤثرًا في تأكيد الفرقة والاختلاف والتوتر والاضطراب بين المجتمعات المسلمة وتمزيقها وتفتيت وحدتها، فأنتجت ظهور حركات متطرفة تعتمد الإرهاب والتطرف أداة لتنفيذ مآربها وعرّضت المجتمعات الآمنة إلى التمزيق و الاعتداء على كرامتهم الإنسانية وعلى حقوقهم الوطنية وعلى مقدساتهم الدينية و كل ذلك باسم الدين ومن منطلق الفهم الخاطيء له والتمسك بظواهر تفسير النصوص والالتفاق على التفسير الصحيح بثني الآيات والأحاديث النبويه لتتواءم مع مآربهم بتكفير من لم يكن معهم وكذلك اجتزاء اقوال الفقهاء بأخذ اجزاء من ارائهم الفقهية وترك الباقي ليستقيم المعنى طبقا لما يريدون ،كما أن التكفيريين أعطوا أنفسهم الحق بتنصيب من يشاؤون ليكون ولي أمر المسلمين وامامهم حتى يفتي بامر الامة بما يواكب بدعهم ويتمشى مع أفعالهم .

ومن هنا يجب على الباحثين من علماء الأمة وأئمتها أن يبينوا أفكار هؤلاء ومعالجتها وإظهار أسبابها وضوابطها وبيان معاييرها وتحديد المفاهيم الصحيحة للتكفير وتحرير المقولات التي أساء المتطرفون توظيفها في عملياتهم الإرهابية ،وأن يرفع الصوت الإسلامي عاليًا ضد التطرف والغلو والأفكار الداعية إلى التكفير وضد الإرهاب بأشكاله وأنواعه كافة ومواجتهم والتصدي لهمومنعهم من تمزيق الامة الاسلامية.

ومن الواجب أيضًا الرد على الفرق والجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية التي استعملت العنف والإرهاب بأفكار تكفيرية ومفاهيم خاطئة في وجه أبناء الأمة رافعة رايات دينية اتخذت  التكفير منهجًا لها وباسم الإسلام  والصحابة والتابعين والسلف الصالح خاصة،

ومعلوم أن الأفكار التكفيرية لم تنته بانقراض الفرق والطوائف التي كانت تحمل منهج الغلو سابقًا وليس المنهج الوسطي في التعامل مع الآخرين بل يجدها المرء منتشرة في كثير من الجماعات والمذاهب الدينية المعاصرة التي مازالت تتبنى نفس المنهج والفكر التكفيري لدى الطوائف القديمة بل ومنهجها أكثر وأشد عنفًا ،كما نشاهد آثارها حاليًا في بلاد العالم الإسلامي وعلى المجتمعات والأقليات المسلمة في العالم .

وما نحن هنا بصدده في هذه الورقة هو مفهوم التكفير ودراسة أفكار المكفرين وادلتهم واسانيدهم الفقهية والتأصيلية ،ثم مناقشتها وتحديد المفاهيم الاصطلاحية لمعنى الكفر وأقسامه ومراتبه المختلفة في الكتاب والسنة واقوال العلماء وكذلك بيان بعض مشكلات الفهم المغلوط في التكفير وأثر ذلك على تمزيق الامة المسلمة ، لأن الجهل والفهم الخاطئ لاطلاقات الكفر في الكتاب والسنة من أهم ما يوقع به بعض أصحاب الفرق التكفيرية فهؤلاء رأوا أن أصحاب المعاصي قد وصفوا في الكتاب والسنة بالكفر وهم يتشبثون بظاهر النص ويحكمون بأن مرتكب المعاصي أو الكبيرة كافر مع أن القول بتكفير المسلم المذنب فيه خطر عظيم ولا يجوز لنا أن نكفر أحدًا من المسلمين بسبب الكبائر لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعامل المجرمين معاملة الكفار وإن ارتكبوا الكبائر من الذنوب. فأوَّلوا النص -كما ذكرت- لا سيما إذا كان التأويل يمكن ان يحتمل اوجه اخرى و المثال قوله تعالى: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا"([1]) فسماها من المؤمنين فلابد لنا أن يصرف التأويل عن الظاهر، و كمثل قول النبي صلى الله عليه وسلم "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"([2]) فالكفر هنا ليس بمعنى الخروج عن الدين كما هو الظاهر وكذا الحال فيما إذا كان الظاهر معارضا بكثير من الأحاديث التي شهدت بالإسلام أو فيما إذا كانت النصوص معارضة معانيها مع بعض الحقائق فمثلاً قال الله تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"([3]) فكل المعاصي هي دون الشرك بالله تعالى وعلى هذا الأساس فمعناها الظاهر غير مراد النص، وفاعلها ليس بكافر.

وعلى هذا المنهج سنؤصل لهذه الظاهرة فقهًا وبيان أسبابها ومفهومها من خلال أقوال المذاهب الفقهية وآثار ذلك في مواجة تمزيق الامة المسلمة. على النحو الوارد:


 

المبحث الأول

مفهوم الكفر لغة واصطلاحًا

أولاً: لغة: الكفر هو التغطية والستر والظلام وكل شيءغطي شيئًا فقد كفره. وهو ضد الإيمان، ويطلق على جحود النعمة وضد الشكر([4]) فالكافر من جحد وأخفى الاعتراف بالنعمة ومقابلة الشاكر. وهو: من أعلن الاعتراف بها وقالوا: كفران على وزن شكران، ثم عُرِّف بمعنى المقابل للإيمان ثم غلب في عرف كُتَّاب عصرنا على الملاحدة  والمنكرين لوجود الله عز وجل وصار إطلاقه على كل متدين سبًا وإهانة.

- قال العسقلاني: "وقد ورد الكفر في الشرع بمعنى جحد النعم وترك شكر المنعم والقيام بحقه"([5]).

-قال ابن فارس: "الكاف والفاء والراء". أصل صحيح يدل على معنى واحد وهو الستر والتغطية"([6]).

ثانيا: اصطلاحًا: إن للكفر أقسام ومراتب مختلفة، والمعاصى كلها من أقسام الكفر لا ينافي بعض مراتبه مع الإسلام والإيمان ،وفرق بين من ألقى المصحف في القاذورات وبين من شرب الخمر، وكذلك بين من أشرك بالله وبين من يسرق المال كما أن للإيمان والإسلام مراتب وشعبًا متعددة كما جاء في الحديث "الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان"([7]).

والكفر في تقسيماته نرى أنه ينقسم الى قسمين:-

الأول: كفر اعتقادي وهو الكفر بالله وبرسوله وباليوم الآخر وهو نقيض الإسلام ويسمى الكفر الأكبر الذي هو كل اعتقاد أو قول أو فعل حَكَم الشرع بأنه كُفْر مخرج من الملَّة.

قال الليث: "هو نقيض الإيمان كجحد الربوبية أو النبوة أو جحد ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أو جحد بعضه ومنه الشرك الأكبر والإعراض عن الدين بالكلية ،وجحد قطعي مما ثبت في النصوص أو معلوم من الدين بالضرورة"([8]).

- قال ابن حزم: "وهو في الدين : صفة من جحد شيئًا مما افترض الله تعالى الإيمان به بعد قيام الحجة عليه ببلوغ الحق إليه بقلبه دون لسانه أو بلسانه دون قلبه أو بهما معًا أو عمل عملاً جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان"([9]).

- يقول ابن تيمية: "والكفر إنما يكون بإنكاره ما علم من الدين ضرورة أو بإنكار الأحْكَام المتواترة والمجمع عليها ونحو ذلك"([10]).

ويقول أيضًا لكفر عدم الإيمان بالله ورسله سواء كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب بل شك وريب أو إعراض عن هذا كله حسدًا أو كبرًا أو إتباعًا لبعض الأهواء الصارفة عن إتباع الرسالة...." ([11]).

- قال السبكي: "التكفير حكم شرعي سبب جحد الربوبية والرسالة أو قول أو فعل حَكَمَ الشارع بأنه كفر وإن لم يكن جحدًا"([12]).

- قال القرافي: "أصل الكفر إنما هو: انتهاك خاص لحرمة الربوبية أما بالجهل بوجود الصانع أو صفاته العلا ويكون الكفر بالفعل كرمي المصحف في القاذورات أو السجود للصنم أو التردد على الكنائس في أعيادهم بزي النصارى ومباشرة أحوالهم أو جحد ما علم من الدين بالضرورة"([13]).

- قال ابن القيم: "الكفر جحد ما علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء به سواء كان المسائل التي يسمونها علمية أو عملية فمن جحد ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بعد معرفته بأنه جاء به كافر في دق الدين وجلّه"([14]).

وأن هذه الأنواع من الكفر لا تلتقي مع الإسلام بل هي تناقضه وتسير عكسه.

الثاني: الكفر الأصغر أو الكفر العملي: وهو الكفر في منهج وسلوك الأشخاص كأن يتمرد على حكم الله أو ما ورد وصفه من الذنوب كفرًا ولم يصل إلى حَدْ الكفر الأكبر المخرج من الملَّة، وهذا النوع يشمل المعاصي التي يخالف بها أمر الله تعالى أو يرتكب بها ما نهى عنه. وهو لا يتنافى مع الإسلام لأن الإنسان إما شاكرًا للنعمة أو كافرًا لها كما في قوله تعالى: "إنا هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورا"([15]).

ويلاحظ هنا أن علمائنا الأجلاء حين عرفوا الكفر من الناحية الشرعية أو الإصطلاحية حصروه بالكفر الاعتقادي أو الكفر الأكبر وهو الكفر المطلق والمخرج من الملّة، أما الكفر الأصغر فصاحبه ليس كافرًا بل هو باق على أصل الإسلام وأن أطلق عليه مرتكب الذنوب أو عاصي أو يعدّ ارتكابه للمعصية جريمة عظيمة في الإسلام.


 

المبحث الثاني

مفهوم التكفير في المنهج الوسطي المعتدل

يمكن تلخيص القول الصحيح والمنهج الفكري المعتدل والوسطي في مفهوم التكفير بعدة نقاط أهمها:

1-  الأصل في الدين الإسلامي هو أن من قال "لا إله إلا الله محمد رسول الله فهو مسلم، فتتضمن الشطر الأول من هذه الكلمة إلغاء كل سيادة وحاكمية على وجه الأرض في جميع أنحاء حياة الإنسان من تشريع وتنفيذ وقضاء (لا إله) وتضمن الشطر الثاني أيضًا حصر الحاكمية والسيادة والسلطة في حياة الإنسان في الله سبحانه وتعالى (لا إله إلا الله) وبعد الإقرار بالربوبية يأتي الإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم. فمن قالها فهو مسلم ومن اقام أركان الإسلام فلا يجوز تكفيره قال تعالى: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم"([16]) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويلكم أو ويحكم انظروا لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض"([17]) وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "... من قال: لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه وحسابه على الله"([18]).

وكذلك قول ابن عمر والسيدة عائشة رضي الله عنهما "لا تكفير لأهل القبلة"([19]).

2-   يعتبر التكفير من أخطر المسائل التي ظهرت حديثا بين المجتمعات المسلمة والأقليات المسلمة في العالم  ويعتبر التفسير الخاطيء لمفهوم هذه الظاهرة أخطر من الأخطر ،لأن فيها استحلالاً لدماء المسلمين وحياتهم وانتهاك حرمتهم وأموالهم وحقوقهم ولأن الله سبحانه وتعالى قال: "ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالصًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيما"([20]) وقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"([21]) والله سبحانه وتعالى قد حذر تحذيرًا شديدًا مَنْ قَتَل مَنْ عَبَّرَ عن إسلامه نطقًا فقال: "... فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السَّلَمَ فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً ([22]).

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من رمي الجار بالشرك والسعي عليه بالسيف فقال: "أن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن... فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك..." ([23]) وقال سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنًا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا"([24]).

ومعنى قوله تعالى: "فتبينوا" أي أسألوهم هل هم مسلمون؟ وهنا يؤخذ بالظاهر، ولا يطلب أن يمتحن إيمانهم فلا يجوز قتل مسلم بل أي إنسان غير مسلم وغير مقاتل وعندما يقول أنه مسلم نقوم بامتحانه في مدى معرفته بدينه، وقد جاء في قصة أسامة بن زيد عندما قتل رجلاً قال: لا إله إلا الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "أقال لا إله إلا الله وقتلته؟" . قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفًا من السلاح قال: "أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا"([25]).

وما نشاهده ونسمع عنه في ايامنا من أصحاب الفرق التكفيرية المسلحة والتي تقوم بإيقاف المدنيين غير المسلحين ويسألوهم عن دينهم فيقروا لهم بالإسلام وبنطق الشهادتين ثم يقوموا بسؤالهم عن بعض الصلوات وعددها وطريقة أدائها فيخطئوا فيقوموا بقتلهم وهذا عمل منافي للدين وجريمة منكرة ترتكب باسم الدين وهو منها براء.وهذه الافعال انما تؤثر على الطعن في ديننا الاسلامي الحنيف وعلى ابناء أمتنا الاسلامية في كل مكان خاصة الأقليات المسلمة في العالم والتي تعيش كأقلية مسلمة بين عالم لايدين بالاسلام وبعادات وتقاليد غير اسلامية فرضت عليه .

3 - النية لها دور كبير في الفعل فأفعال الإنسان مرتبطة بنيته قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..." ([26]). وقال تبارك وتعالى: "إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد أن المنافقين لكاذبون"([27]). فالله سبحانه وتعالى وصف قول المنافقين بأنهم يشهدون برسالة الرسول صلى الله عليه وسلم – وهو قول وصف حقيقة قاطعة – بأنها كذب لأنها قيلت في نية كذب ولو كان مضمونها حقًا، فمحل تكذيبهم أنهم قالوا بألسنتهم بما يعمل الله أن قلوبهم تنكره. فهذا يعني أن الكفر يتطلب نية الكفر، وليس مجرد قول سهو أو عمل غافل فلا يجوز الحكم على أي شخص بالكفر دون أن تثبت عليه نية الكفر ولا يجوز التكفير بدون التأكد من هذه النية فقد يكون مُكْرَهَا أو غير قاصد أو جاهلاً، أو مجنونًا. وقد يكون قد أخطأ في فهمه مسألة ما. يقول الله تعالى:

"ومن كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم"([28]).

ولا يجوز أن يفسر مقتضى عمل بتفسير غير صاحب هذا العمل إذا كان عملاً عليه اختلاف بين المسلمين. ولا يجوز التكفير بأي مسالة عليها اختلاف بين علماء المسلمين. كما لا يجوز التكفير بالجملة لأناس معينيين فالتكفير هو للشخص حسب عمله هو ونيته وفي ذلك يقول الله تبارك وتعالى:"..ولا تزر وازرة وزر أخرى.." ([29]).

ولا يجوز تكفير من يشكك في كفر الآخرين أو من لا يكفرهم.إن العلماء وبما فيهم ابن تيمية وابن قيم الجوزية فرقَّوا بين عمل الكافر والتكفير([30]). ولو وقع من إنسان عمل فيه عنصر من الكفر فهذا لا يوجب الحكم على هذا الشخص بالكفر لما ذكره أعلاه. وقد نقل الذهبي([31]) عن شيخه ابن تيمية أنه كان يقول في أواخر أيامه "أنا لا أكفر أحدًا من الأمة" ويقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم".

ولابد من التوضيح هنا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل"([32]) فوصف الرياء في الصلاة "بالشرك الخفي" وهو الكفر الأصغر أو الشرك الأصغر فهذا الشرك الذي يفعله بعض العُبّاد لا يعتبر شركًا أكبر ولا يؤدي إلى تكفير ولا خروج من الملَّة. والناس جميًعا بعد الأنبياء والرسل يعبدون الله تعالى على قدرهم وليس على قدره سبحانه وتعالى يقول الله تعالى "وما قدروا الله حق قدره...." ([33]). ويقول الله تعالى: "ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً"([34]).

لكن الله سبحانه وتعالى يقبل هذه العبادة والناس لا تدرك حقيقة الله تعالى لأنه ".... ليس كمثله شيء"([35]). و "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار..." ([36]) ولا يُعرف عنه تعالى إلا بما أخبر عن نفسه بالوحي أو أخبر عنه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم "...يُلقي الروح من أمره على من يشاءُ من عباده.." ([37]). فكيف يكون لأي شخص أن يحمل السلاح على الآخرين إذا رأى أنهم لا يعبدون الله جل جلاله على قدره؟ فلا أحد يعبد الله جل جلاله على قدره إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى وفي كل الأحوال موضوع الشرك غير وارد عند العرب. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم"([38]).

وعلى ذلك فإن الجرائم التي ترتكب باسم الإسلام لا تتعارض مع صحيح الدين فحسب ولكنها تسيء إلى الدين الذي هو دين السلام والسلم والوحدة ودين العدل والإحسان والإخوة الإنسانية. ومن يرتكب هذه الجرائم باستعمال العنف والسلاح والإرهاب والقتل والحرق والرمي من شاهق والذبح. من كل الفرق والجماعات المسلحة والميليشيات الطائفية رافعًا راية الدين هو مجرم آثم فكرًا وعاصي سلوكًا وفعله ليس من الإسلام الصحيح في شيء ،فترويع الآمنين وقتل الأبرياء والاعتداء على الأعراض والأموال وانتهاك المقدسات الدينية هي كلها جرائم ضد الإنسانية يدينها الإسلام شكلاً وموضوعًا، وكذلك فإن استهداف الأوطان بالتقسيم كما يفعل أصحابه الأفكار التكفيرية وتقسيم الدول وتفتيتها باسم دولة الإسلام فإنه يقدم للعالم صورة مشوهة وكريهة عن الإسلام وهي أصلاً منافية للإسلام([39]).

ومعلوم أن المسلم لا يكفر بالمعاصي كما قال الله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا" (3).

نعم الواجب أن لا ييأسوا من رحمته لأنه تعالى يغفر الذنوب جميعًا ما عدا الشرك لقوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)(.[40])4.

وهنا يجب ان نوضح الصورة الحقيقية للاسلام الوسطي والمنهج الصحيح لمفهوم التكفير الذي لايحق لاي انسان أن ينصب نفسه ولي أمر المسلمين بالقوة ومن ثم يقوم باصدار القرارات والفتاوى على الامة بتكفير هذا وذبح ذالك وقطع رأس هؤلاء دون احكام قضائية او أسباب تستند على الفقه والقانون .

 

 

 

المبحث الثالث

أولا : مفهوم التكفير عند المذاهب الفقهية

يرى فقهاء المذاهب الفقهية أن إطلاقات الكفر لا تكون إلا ببرهان واضح ونية مبيتة وصراحة جليَّة ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله أو ألفاظه نطقها أو بخطأ ارتكبه فمن أقر بالشهادتين فقد عصم دمه وماله وسأورد هنا آراء عدد من فقهاء المذاهب الفقهية لبعض المتقدمين منهم وبعض المتأخرين في تكفير المسلم على النحو التالي:

-         عند الأحناف:

يقول ابن عابدين نقلاً عن الطحاوي وغيره "لا يُخرج الرجل من الإيمان إلا الجحود ما أدخله فيه ثم ما تيقن أنه ردّه يحكم بها وما يشك أنه ردة لا يحكم بها إذ الإسلام الثابت لا يزول بالشك مع ان الإسلام يعلو... فإذا كان في المسألة وجوه توجب التكفير ووجه واحد يمنعه فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنع التكفير، تحسبنا للظن بالمسلم... لأن الكفر نهاية في العقوبة فيستدعي نهاية في الجناية، ومع الشك والاحتمال لا نهاية"([41]).

-         عند المالكية:

يقول الشاطبي من فقهاء المالكية: "قد اختلفت الأمة في تكفير هؤلاء الفرق أصحاب البدع العظمى، ولكن الذي يقوى في النظر، وبحسب في الأثر، عدم القطع بتكفيرهم، والدليل عليه عمل السلف الصالح فيهم. ألا ترى صنع علي رضي الله عنه في الخوارج وكونه عاملهم في قتالهم معاملة أهل الإسلام، على مقتضى قول الله تعالى "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما"([42]) فإنه لما اجتمعت الحرورية وفارقت الجماعة لم يهاجمهم علي ولا قاتلهم ولو كان بخروجهم مرتدين لم يتركهم لقوله صلى الله عليه وسلم: "من بدل دينه فاقتلوه، ولأن أبا بكر خرج لقتال أهل الردة ولم يتركهم فدل ذلك على اختلاف ما بين المسألتين"([43]).

- عند الشافعية:

عن الإمام الشافعي "لا يكفر المسلم بما يبدر منه – من ألفاظ الكفر إلا أن يعلم المتلفظ بها أنها كفر"([44]).

- عند الحنابلة: قال شيخ الإسلام بن تيمية: "لا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة. والخوارج المارقون الذين عمل النبي بقتالهم وقاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أحد الخلفاء الراشدين، واتفق على قتالهم أئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم لم يكفرهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهما من الصحابة بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم ولم يقاتلهم علي حتى سفكوا الدم الحرام، وأغاروا على أموالهم المسلمين فقاتلهم لرفع ظلمهم وبغيِّهم لا لأنهم كفَّار، ولهذا لم يسبَ حريمهم، ولم يغنم أموالهم.

وإذا كان هؤلاء الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع، لم يكفروا مع أمر الله ورسوله بقتالهم فكيف بالطوائف المختلفين الذين اشتبه عليهم الحق في مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم! فلا يحل لإحدى هذه الطوائف أن تكفّر الأخرى أيضًا... والأصل إن دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم محترمة من بعضهم على بعض. لا تحلّ إلا بإذن الله ورسوله([45]).

وقال ابن قدامة : من قوله: ترجيح عدم تكفير تارك الصلاة لا وهذا قول أكثر الفقهاء: قول أبي حنيفة ومالك والشافعي واستدل بالأحاديث المتفق عليها التي تحرم على النار من قال لا إله إلا الله. والتي تخرج من النار من قولها. كما استدل بآثار الصحابة وإجماع المسلمين قال: لا نعلم في عصر من الأعصار أحدًا من تاركي الصلاة، ترك تغسيله والصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين ولا منع ورثته ميراثه.

ولا منع هو ميراث مورثه ولا فرَّق زوجين لترك الصلاة من إحداهما على كثرة تاركي الصلاة، ولو كان كافرًا لثبتت هذه الأحكام كلها([46]).

عند الظاهرية: قال ابن حزم عندما تكلم فيمن يكفّر ولا يكفّر: "وذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسّق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيًا، وأن كل مجتهد في شيء من ذلك فدان بما رأى أنه الحق، فإنه مأجور على كل حال إن أصاب الحق فأجران وإن أخطأ فأجر واحد وهذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداود بن علي وهو قول كل من عرفنا له قولاً في هذه المسألة من الصحابة (رضوان الله عليهم) لا نعلم منهم خلافًا في ذلك أصلاً([47]).

عند الزيدية: قال الإمام الشوكاني من أعلام الزيدية: "اعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدّم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة أن من قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما... ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر، وأكبر واعظ عن الإسراع في التكفير وقد قال عزّ وجّل (ولكن من شرح بالكفر صدرًا) ([48]) فلابد من شرح الصدر بالكفر وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه، فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشرك لا سيما مع الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام، ولا اعتبار بصدور فعل كفري لم يرد به فاعله الخروج عن الإسلام إلى ملَّة الكفر، ولا اعتبار بلفظ يلفظ به المسلم يدل على الكفر ولا يعتقد معناه([49]).

وقال صاحب الأساس (لا إكفار ولا تفسيق إلا بدليل سمعي لأن تعريفهما لم يثبت إلا بالسمع إجماعًا قطعيًا لاستلزامهما الذم والقطع بتخليد صاحبهما في النار إن لم يتب) ([50]).

 

-         عند الإمامية:

المستفاد من عبارات متكلمي الإمامية أنّ من فعل كبيرة لا يخرج عن إطار الإسلام، بل لا يخرج من دائرة الإيمان. فإنّ أعلام الإمامية قالوا: بأنّ الإيمان هو التصديق، وجعلوا العمل شرطًا لكماله.

قال الشيخ المفيد: "اتفقت الإمامية على أنّ مرتكب الكبائر من أهل المعرفة والإقرار لا يخرج بذلك عن الإسلام وأنه مسلم وإن كان فاسقًا بما فعله من الكبائر والآثام"([51])، بل صرّح الفاضل المقداد وابن ميثم البحراني بأنه مؤمن([52]).

كما قال الشيخ البحراني: "المشهور بين متأخري الأصحاب هو الحكم بإسلام المخالفين وطهارتهم، وخصوا بالكفر والنجاسة بالناصب، وهو عندهم: من أظهر عداوة أهل البيت"([53]).

فعلى هذا، ما أراده المجلسي من الكفر هو الكفر الذي يقابل الإيمان، لأنّ الإمامية تعتقد بأنّ من لم يؤمن بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وإمامته وأحقيته بالخلافة فهو ليس بمؤمن وإن كان مسلمًا، وتجري عليه أحكام الإسلام، ويعامل معه معاملة المسلم.

مفهوم التكفير عند الفقهاء المعاصرين:

- يقول الشيخ محمد سيد طنطاوي – رحمه الله – شيخ الأزهر السابق للإجابة عن سؤال وهو (هل يجوز أن تعتبر المذاهب التي ليست من الإسلام السني جزء من الإسلام؟ أو بمعنى آخر هل كل من يتبع ويمارس أي واحد من المذاهب الإسلامية – يعني المذاهب السنية الأربعة، والمذهب الظاهري والمذهب الجعفري والمذهب الزيدي والإباظي – يجوز أن يعد مسلمًا؟ قال: ((أصحاب هذه المذاهب – فيما نعلم من ظواهر أحوالهم – كلهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويعترفون بالأركان الخمسة ويؤدونها وإذا وجد خلاف بينهم في أداء هذه الأركان فهو خلاف في الفروع لا في الأركان والأصول وبذلك لا نستطيع أن نقول أن أصحاب هذه المذاهب بأنهم غير مسلمين وشريعة الإسلام تأمر أتباعها أن يحكموا على الناس على حسب ظواهرهم أما بواطنهم فالله تعالى وحده هو العليم بها)) ([54]).

يقول فضيلة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي، المفتي العام لسلطنة عمان:

"إن الإسلام دين يتمثل في المعتقدات الحقّة التي تنطوي عليها إجمالاً الشهادتان، شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا (صلى الله عليه وسلم) رسول الله، ويجسّدها تطبيق الإسلام في الحياة العملية بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحجّ بيت الله الحرام، فكلّ من أتى بالشهادتين ولم ينقضهما بإنكار ما علم من الدين بالضرورة فإنه يعدّ مسلمًا، وممارسته للأركان العملية المذكورة تعد تطبيقًا لتعاليم الإسلام، سواءً كان على أيّ مذهب من المذاهب التي تنتمي إلى هذا الدين، ولا يجوز إخراجه من ملّة الإسلام نظرًا ولا تطبيقًا، فلا يعد مشركًا ولا كافرًا كفر ملّة، ولا تمنع مناكحته ولا موارثته، وله من الحقوق ما لعامة المسلمين في حياته وبعد وفاته: كالتسليم عليه، وردّ سلامة... وكفّ الأذى عنه، وصون دمه وماله وعرضه، وعونه إن احتاج إلى العون بقدر الإمكان"([55]).

أما فضيلة الشيخ محمد حبيب بن الخوجة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي السابق قال: "المسلمون أمة واحدة يؤمنون بالله الواحد كتابهم المنزل إليهم القرآن قبلتهم واحدة وأصول دينهم خمسة: الشهادة والصلاة، والزكاة والصوم والحج فمن أخذ بهذه الأصول والتزمها فهو مؤمن مهما كان مذهبه وليست المذاهب في واقع الأمر إلا اجتهادًا في فهم نصوص الكتاب والسنة التي هي مصادر هذا الدين وإن تمايزت طرقها في ذلك أو اختلف أئمتها في التفسير والتأويل والأصول والقواعد والترجيح بين الأقوال في عدد من المسائل"([56]).

وهكذا نرى أن التكفير مسألة ليست بالأمر الهين والتساهل في إطلاقاتها خروج عن صحيح الدين وإن اختلاف الفقهاء في الفروع إنما هو للتيسير على الناس ورفع الحرج عنهم ورحمتهم قال تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ([57]).

ويظهر لنا مما تقدم من أقوال العلماء أن الناس لابد لهم أن يجتنبوا عن تكفير المسلم ويمتنعوا عنه حتى يقوم الدليل على خلافه لأن الأصل بقاء المسلم على إسلامه ،وأيضًا إن من يتخذ أو يستعمل العنف والإرهاب في وجه أبناء الأمة أيًا كانت، رافعة رايات دينية أو حزبية يعتبر آثمًا وعاصيًا وليس أفعاله من الإسلام الصحيح في شيء. فترويع الآمنين وقتل الناس أو حرقهم أو ذبحهم والاعتداء على الأعراض والأموال وانتهاك المقدسات الدينية أو الصحفية أو مؤسسات الدولة باسم الإسلام هي جرائم ضد الإنسانية يدينها الإسلام شكلاً وموضوعًا ،ومثل هذه الأفعال تقدم صورة مشوهة كريهة عن الإسلام والمسلمين.

ثانيا: أسباب ظهور الفكر التكفيري في الدول العربية والاسلامية

 

من تقصى الواقع ودراسة الأسباب في انتشار التكفير يمكن تحديدها في عدة نقاط كالآتي:

1-    الجهل وقلة العلم بهذه المسألة المهمة، و معرفة الكفر من موارده الأصلية الكتاب والسنة وكذلك الإطلاع على فهم السلف الصالح لها واتباع سبيل المؤمنين في ذلك ومعرفة التفريق بين الكفرين: الأكبر والأصغر، وحال أصحابهما من جهة اجتماع الشروط وانتفاء الموانع، والفرق بين الكفر المطلق والكفر المعيّن، والكفر الدنيوي والحكم لصاحبه بالخلود الأخروي بالنار ووجود النية من عدمها.

2-   اتباع الهوى، والأغراض النفسية والحزبية في التكفير للمخالف وذمه والقدح في عرضه بالكفر دون تبصّر بالعلم، وتورّع كلا حسب مصلحته او ما يراه حسب علمه القاصر وحماسته المفرطه.

3-       اتباع المذاهب البدعية، والأقوال الشاذة، وتقليد الأصاغر في العلم والدين في إطلاق الكفر على الدول والمجتمعات والأفراد.

4-   الاستهانة بمحارم الله وأحكامه الشرعية، وعدم الأخذ على يد المكابر والمعلن بالمفهوم الخاطيء للكفر، ثم بيان المفهوم الصحيج له بقوة البرهان ، مع الأخذ في الاعتبار أن كل سبب من هذه الأسباب يحتاج إلى بسط في العرض والتحليل وضرب الأمثلة والتدليل..إلخ.

5-   . تساهل بعض العلماء وتقصيرهم في توضيح وتبيين هذا المسلك والمفاهيم  وتعليم الناس والقيام بالواجب على اكمل وجه وكذلك ايضا الجام بعض العلماء وتكميم الافواه للبعض وظهور انصاف الدعاه والعلماء ليتصدروا الموقف .

6-   اضطهاد حملة الفكر الإسلامي السليم، والدعوة الإسلامية الملتزمة بالقرآن والسنة، والتضييق عليهم في أنفسهم ودعوتهم. والاضطهاد والتضييق لأصحاب الفكر الحر، لا يولد إلا اتجاهات منحرفة، تعمل تحت الأرض، في جو مغلق بعيدا عن النور والحوار المفتوح.

7-   قلة بضاعة هؤلاء الشبان الغيورين علي فقه الإسلام وأصوله، وعدم تعمقهم في العلوم الإسلامية واللغوية ومعرفة الفقه واصوله وقواعده وكذلك المصالح والمفاسد والمضار والمنافع وايهما يقدم حسب ما ضمنته الشريعة الغراء وكما ورد عن الرسول الكريم وكيف تعامل من بعده من الصحابة والتابعين وكذلك من سار على هدي سبيل المؤمنين حذى حذوهم .الأمر الذي جعلهم يأخذون ببعض النصوص دون بعض، أو يأخذون بالمتشابهات، وينسون المحكمات، أو يأخذون بالجزئيات ويغفلون القواعد الكلية، أو يفهمون بعض النصوص فهما سطحيا سريعا، إلى غير ذلك من الأمور اللازمة لمن يتصدر للفتوى في هذه الأمور الخطيرة، دون أهلية كافية. فالإخلاص وحده لا يكفي، ما لم يسنده فقه عميق لشريعة الله وأحكامه، وإلا وقع صاحبه فيما وقع فيه الخوارج من قبل.

 

ثالثا: أثر المفاهيم الخاطئة للتكفير على الوحدة الاسلامية

لاشك أن المفاهيم المغلوطه تنتج أفكارا منحرفة تؤدي الى نتائج سلبية يتأثر بها المجتمع .ومنها:

1-    يعتبر التكفير بغير وجه حق إهدار للدم المعصوم و من المعلوم أنه من مقاصد الإسلام العليا صيانة النفوس من إهدار دمها وهذا يؤثر تأثيرا مباشرا على الفرد والجماعة.

2-   آثار التكفير  الخطيره التي تجري على الفرد و المجتمع يكون في إبطال قواعد الزواج و التوارث و الترحم على موتى المسلمين و لا يخفى علينا ما هي النتائج الوخيمة التي سوف تترتب على إبطال و إلغاء مثل هذه القواعد العظيمة في حياة الأمة المسلمة والتي هي من النصوص القطعية الدلالة في الاحكام الشرعية.

3-   من أخطار المفهوم الخاطيء للتكفير على الإسلام و المجتمعات الاسلامية  فشو الجهل وخفاء العلم بالدين: عقيدة وشريعة، وتشويه سماحة الإسلام ووسطيته وعالميته.

4-   يؤثر على إختلال الأمن العام للمسلمين والمجتمعات والأقليات وغيرهم: الأمن العقدي والفكري و الأمن الديني، والأمن الاجتماعي، والأمن السياسي، والعسكري، والأمن الأسري، والأمن النفسي، ولا سيما على العقل والدين والعرض والنفس والمال، وهي الضرورات الخمس التي أجمعت على حفظها شرائع الله.

5-   لقد أثرت الأفكار التكفيرية على كثير من المسلمين والأقليات المسلمة في العالم و عانت  كثير من المجتمعات والافراد والاسر من ويلات هذه النهج الخاطئ فرُوّع الآمنُون واستُحلت دمائهم واموالهم بحجة الصاق الكفر بهم فلا حرمة لهم ولا لأموالهم اواعراضهم فمنهم من حرق وآخر ذبح وقطع رأسه او ضرب بالنار باسم الدين فشوهوا الدين ونفروا غير المسلمين منه فأثر ذلك على معاملات الأقليات. ، فتشوهت صورة الإسلام الصحيح في نظر غير المسلمين بدعوى اقتتال المسلمين فيما بينهم واستحلال الدماء والاموال ، واستغلّ هذا الأمر اعداء الإسلام حيث صوروا لغير المسلمين ان دين الإسلام دين ارهاب وقتل وسرق ونهب فيما بينهم مستغلين هذا المسلك والواقع الذي يعيشه المسلمين اليوم وكيف اصبح بائسهم بينهم شديد ،وقد بلغ ببعض التكفيريين ان استحلوا الأموال العامة بحجة كفر الحكومات والقائمين عليها وسعوا الى اتلاف ما أمكن اتلافه ومصادرة ما امكن ومحاولة زعزعة الامن واخافة الآمنين وإيذائهم وذلك كله بسبب التكفير واستباحة الدماء والاموال .

نسأل الله ان يحفظ أمتنا الاسلامية من كل سوء وأن يهديها الى الصواب ويلهم شبابها قول الحق انه على ذلك قدير والحمد لله رب العالمين.

النتائج والتوصيات

أولاً: النتائج:

1-   تواجه الأمة الإسلامية حالة غير سوية وظاهرة غير طبيعية من ظهور حركات تكفيرية ومتطرفة تتخذ من الإسلام أداة لتنفيذ اعتداءاتهم على المواطنين وحقوقهم والإسلام من أفعالهم برئ.

2-   الكفر حين يطلق ينحصر فقط من الناحية الشرعية بالكفر الاعتقادي أو الكفر الأكبر وهو الكفر المطلق والمخرج من الملّة. أما الكفر الأصغر الذي يتعلق بالسلوك فصاحبه  ليس كافرًا بل هو باق على أصل الإسلام وقد يكون مؤمن عاصي.

3-   الأصل في المسلم أن ينطق الشهادتين فمن قالها فقد عصم نفسه وماله وهذا ما أكده رسول الله صلى الله عليه وسلم ".. من قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه وحسابه على الله".

4-    المفهوم الخاطيء للتكفير من أخطر الظواهر المعاصرة لأن فيها استحلالاً لدماء المسلمين وحياتهم وانتهاك حقهم وأموالهم وحقوقهم بغير حق.وفيها تمزق لوحدة الامة الاسلامية.

5-    أفعال الإنسان مرتبطة بالنية وراء الفعل وهذا يعني أن الكفر يتطلب فيه الكفر وليس مجرد قول سهو أو عمل غافل فلا يجوز الحكم على أي شخص بالكفر دون أن تثبت عليه نية الكفر.

6-      هناك فرق بين عمل الكافر والتكفير.

7-    اتفقت جميع المذاهب الفقهية المعتمدة أن إطلاقات الكفر لا تكون إلا ببرهان واضح وبنية مسبقة وصراحة جلية ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله أو بخطأ ارتكبه أو لفظ قاله وأنه لا يحكم في التكفير إلا العالم بالأدلة الشرعية ومكنونات الشريعة ومقاصدها المعتبرة.

8-   أثرت الأفكار التكفيرية على كثير من المسلمين و عانت  كثير من المجتمعات والافراد والاسر من ويلات هذه النهج الخاطئ فتفرقت الامة وظهرت الفتنة .

 

ثانيًا: التوصيات:

1-   نوصي باصدار بيان لدعوة دول العالم الإسلامي إلى تطوير آلياتهم في مواجة الأفكار التكفيرية  وتنظيم وحدتهم بما يحقق الاستقرار والأمن، والازدهار لمناهضة التكفيرين ووضع منهج عملي لسبل معالجتهم . والتأكيد على أن مواجهة  التطرف والغلو والفكر التكفيري أيًا كان مصدره هو مسؤولية الجميع من علماء الأمة ومؤسساتها الدينية.

2-   السعي من الجميع ،علماء ودعاه وشباب وحكومات المسلمين لوضع العلاج الناجع لهذا المنهج المنتشر وذلك من خلال نشر العلم الصحيح الموروث عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم واتباع السلف الصالح من لدن الصحابة والتابعين، ـ ومحاولة القضاء على الجهل أو محاصرته، وهو بيئة التكفير التي يترعرع فيها.

3-   استخدام التوعية الاعلامية بجميع الوسائل المتاحه للتوجيه والارشاد والبيان للناس والتوضيح دون تحامل على احد او انتصار على فئة وليكن الحق هو الهدف واظهاره امام الناس لتقام الحجة ويظهر الحق جليا واضحا للعيان.والقيام بعقد اللقاءات والندوات الحوارية لتوضيح الأفهام المغلوطة لنصوص القرآن الكريم والسنة واجتهادات العلماء والتصدي لظاهرة عملية غسل الأدمغة للشباب والنساء وأخذ بأيديهم من خلال برامج توجيه ودورات تثقيف تكشف عن الفهم الصحيح للنصوص والمفاهيم حتى لا يبقوا نهبًا لدعاة العنف ومروجي التكفير.

 

والله الموفق،،،


 

-         مراجع البحث

-          القرآن الكريم:

-          أوائل المقالات: المقيد محمد النعمان – الناشر: دار الكتاب الإسلامي – بيروت – لبنان.

-         إرشاد الطالبين إلى المنهج المسترشدين: الفاضل مقداد – منشورات مكتبة السيد المرعشي  قم – إيران

-            تهذيب اللغة – الأزهري – تحقيق عبد السلام هارون – الدار المصرية العامة – القاهرة 1964م- 

-          مسند الإمام أحمد بن حنبل – مؤسسة قرطبة – القاهرة.

-          لسان العرب – ابن منظور – دار صادق – بيروت.

-          فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني – ترتيب محمد فؤاد عبد الباقي – الناشر: دار الفكر.

-    معجم مقاييس اللغة – أبي الحسن أحمد بن فارس – تحقيق عبد السلام هارون – دار الجيل – بيروت ط1 – 1411هـ - 1991م.

-          صحيح مسلم بشرح النووي: طبعة دار أبي حيان.

-          الأحكام في أصول الأحكام: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، الناشر: دار الآفاق الجديدة.

-          مجموعة فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية: جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد قاسم، مطابع مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان.

-          فتاوى السبكي: أبي الحسن تقي الدين السبكي، الناشر: دار المعرفة – لبنان.

-          أنوار اليروق في أنواع الفروق: أحمد بن إدريس (القراني)، الناشر: عالم الكتب.

-          مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة: ابن القيم الجوزيه، الناشر: أضواء السلف 1425هـ - 2004م.

-          مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: الحافظ الهيثمي – دار الكتب العلمية – بيروت – 1988.

-          صحيح ابن حبان – ابن حبان الناشر: دار المعارف.

-          سنن ابن ماجه: ابن ماجه – حققه محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار الفكر العربي – بيروت.

-          رد المختار على الدر المختار: ابن عابدين طبعة المكتبة التجارية – مصطفى أحمد الباز – مكة – 1996م.

-          الاعتصام: الشاطبي – دار ابن عفان – 1412هـ - 1992م.

-          جامع الرسائل: ابن تيمية – المحقق محمد رشاد سالم – دار المدني 1405 هـ - 1984م.

-    إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى مذهب الحق – محمد بن المرتضى اليماني، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت – 1407هـ - 1987م.

-          المغني: ابن قدامة – دار الكتاب العربي – بيروت 1983م.

-    الفصل في الملل والأهواء والنحل: علي بن أحمد بن حزم الظاهري، المحقق عبد الرحمن خليفة، الناشر: محمد علي صبيح وأولاده 1347هـ.

-          السيل الجرار: الشوكاني – الناشر: دار ابن حزم.

-          الأساس لعقائد الأكياس في معرفة رب العالمين: المنصور بالله القائم محمد الزيدي العلوي، الناشر: دار الطليعة للطباعة والنشر.

-          الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة – يوسف البحراني، الناشر: دار الأضواء – بيروت.

 

**********

 



 ([1]) سورة الحجرات: آية 9.

 ([2]) أحمد بن حنبل: مسند أحمد ج51 صــ385، 411، 454، 455 – مؤسسة قرطبة – القاهرة.

 ([3]) سورة النساء: آية 48.

 ([4]) ابن منظور: لسان العرب – مادة كفر – دار صامد – بيروت.

 ([5]) ابن حجر العسقلاني: فتح الباري بشرح صحيح البخاري ج1 صــ389، ترتيب محمد فؤاد عبد الباقي – الناشر: دار الفكر.

 ([6])أبي الحسين أحمد بن فارس: معجم مقاييس اللغة – 5/191، تحقيق عبد السلام هارون – دار الجيل – بيروت – ط1 1411هـ - 1991م.

([7]) صحيح مسلم بشرح النووي: رواه مسلم عن أبو هريرة صــ35 – مطبعة دار أبي حيان.

 ([8]) الأزهري: تهذيب اللغة 4/3162، تحقيق عبد السلام هارون – الدار المصرية العامة – القاهرة – 1964م.

 ([9]) علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي: الأحكام في أصول الإحكام 49/1 – الناشر: دار الآفاق الجديدة.

 ([10]) ابن تيمية: مجموعة فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد قاسم 106/1 مطابع مؤسسة الرسالة – بيروت – لبنان.

 ([11]) المرجع السابق.

 ([12]) أبي الحسن تقي الدين السبكي: فتاوى السبكي: 2/586 الناشر: دار المعرفة – بيروت – لبنان.

 ([13]) أحمد بن إدريس (القرافي): أنوار البروق في أنواع الفروق، 4/258 الناشر: عالم الكتب

 ([14]) إبن القيم الجوزيه : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة صــ620 الناشر: أضواء السلف 1425هـ - 2004م.

 ([15])سورة الإنسان : آية 3.

 ([16]) سورة التوبة: آية 5.

([17]) البخاري: صحيح البخاري: لأبي عبد الله محمد بن إبراهيم البخاري: كتاب المغازي (4403) – دار الجيل – بيروت.

([18]) البخاري: صحيح البخاري: كتاب الجهاد (2946).

 ([19]) مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي 1/106 / أبو بكر الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 1/106 – دار الكتب العلمية، بيروت 1988.

 ([20]) سورة النساء آية: 93.

 ([21]) البخاري: صحيح البخاري (6104) في كتاب الأدب.

 ([22]) سورة النساء آية 90.

 ([23])ابن حبان: صحيح ابن حبان 1/282 الناشر: دار المعارف.

 ([24]) سورة النساء آية: 94.

 ([25]) صحيح مسلم بشرح النووي كتاب الايمان ص (96). وفي رواية أخرى: "أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟" قلت كان متعوذًا. فما زال يكررها. رواه البخاري (4369) في كتاب المغازي.

 ([26])البخاري: شرح صحيح البخاري  - كتاب بدء الوحي 10

 ([27]) سورة المنافقون آية: 1: 63.

([28]) سورة النحل 16: 106.

([29]) سورة الزمر آية 70.

([30]) فتنة التكفير أسبابها وأخطارها مع ضوابط التكفير وأصوله: شبكة الدفاع عن السنة www.dd.sunnah.net.

([31]) سيرة أعلام النبلاء 11/393: مؤسسة الرسالة.

([32]) ابن ماجه: سنن ابن ماجه 4204، كتاب الزهد – حققه محمد فؤاد عبد الباقي – الناشر: دار الفكر العربي – بيروت.

([33]) سورة الأنعام آية 91.

([34]) سورة الإسراء آية 85.

([35]) سورة الشورى آية 42.

([36]) سورة الأنعام آية 103.

([37]) سورة غافر آية  40.

([38]) صحيح مسلم بشرح النووي: كتاب صفة القيامة والجنة والنار – 2812.

([39]) انظر: بيان الأزهر الشريف في مواجهة التطرف والإرهاب خلال المؤتمر العالمي الذي عقد بتاريخ 3، 4 ديسمبر 2014.

(3) سورة الزمر آية 53

(4) سورة النساء آية 48.

([41]) ابن عابدين محمد أمين بن عمر: رد المحتار على الدر المختار، ج4 صــ408 – طبعة المكتبة التجارية – مصطفى أحمد الباز – مكة 1996م.

([42]) سورة الحجرات آية 9.

([43]) الشاطبي: الاعتصام ج3 ص35 – دار ابن عفان 1412هـ - 1992م.

([44]) محمد بن المرتضى اليماني: إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى مذهب الحق من أصول التوحيد، صـ292، 294 – الناشر: دار الكتب العلمية 1407ه – 1987م.

([45]) ابن تيمية: جامع الرسائل ج3 صـ282 وما بعدها – المحقق محمد رشاد سالم – دار المدني 1405هـ - 1984م.

([46]) ابن قدامة: المغني 12/68 – دار الكتاب العربي – بيروت 1983م.

([47]) علي بن أحمد بن حزم الظاهري: الفصل في الملل والأهواء والنحل وبهامشه الملل والنحل ج3 – صـ291 – المحقق عبد الرحمن خليفة، الناشر: محمد علي صبح وأولاده، 1347هـ.

([48]) سورة النحل آية:10.

([49]) الشوكاني: السيل الجرار ج4 صــ578، الناشر: دار ابن حزم.

([50]) المنصور بالله القاسم بن محمد الزيدي العلوي: الأساس لعقائد الأكياس في معرفة رب العالمين وعدله في المخلوقين وما يتصل بذلك من أصول الدين، صــ10، الناشر: دار الطليعة للطباعة والنشر.

([51]) المفيد، محمد بن النعمان، أوائل المقالات صــ47، 48 – الناشر: دار الكتاب الإسلامي، لبنان، بيروت.

([52]) الفاضل المقداد: إرشاد الطالبين إلى منهج المسترشدين ، صـ437 – 443 –منشورات مكتبة السيد المرعشي قم .إيران.

([53]) يوسف البحراني: الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة – ج5/175 دار الأضواء – بيروت.

([54])براقائي سيدجلال الدين:التعددية المذهبية في الإسلام وآراء العلماء فيها صــ102 –www.makhateraltakfir.com موقع: المؤتمر العالمي حول آراء علماء الإسلام في التيارات المتطرفة والتكفيرية.

([55]) برأقاني سيد جلال الدين: التعددية المذهبية في الإسلام وآراء العلماء فيها، صـ244، مرجع سابق.

([56]) المرجع السابق.

([57]) سورة البقرة: آية 185.