اتّفاق المسلمين على صيانة القرآن من التحريف

اتّفاق المسلمين على صيانة القرآن من التحريف

 

 

اتّفاق المسلمين على صيانة القرآن من التحريف

 

شهاب الدين الحسيني

 

 

المقدمة:

قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾(1).

الأُمة الإسلاميّة أمة واحدة، وإن تعددت فيها المذاهب، تجتمع حول عقيدة واحدة، ومنهج واحد، وسلوك واحد، ومصالح واحدة، ومصير واحد. والمذاهب الإسلاميّة ما هي إلاّ مظهر من مظاهر الاجتهاد في الفروع والجزئيات، فهي تلتقي في الأفق الواسع الذي يجمعها في محاور مشتركة، ومن هذه المحاور القرآن الكريم الذي يجمعها على دين واحدة، ونظم وعادات مشتركة، وقد اتّفق المسلمين جميعاً على أن القرآن الكريم هو الكتاب المنزّل من الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وآله لم يطرأ عليه أي تغيير أو تبديل، محفوظ بحفظ الله تعالى، وانّ ما نسمعه أو نقرؤه من شبهات التحريف ما هو إلاّ آراء شاذّة تبنّاها آحاد من الأُمة من الشيعة والسنة، لم تلق قبولاً من قطاع الأُمة الواسع على مرّ التاريخ، وبقيت هذه الشبهات في حدود الآراء

________________________________

1ـ سورة الأنبياء: 92.

ـ(152)ـ

والتصورات ولم تسر إلى الواقع الموضوعي، حيث إنّ المسلمين جميعاً يتداولون قرآناً واحداً لا فرق بين نسخه المطبوعة في مصر أو إيران أو الحجاز أو بقية الدول الإسلاميّة، وله آلاف الحفّاظ في كلّ إنحاء العالم الإسلامي، وقد تبرّأ المسلمون أنفسهم بجميع مذاهبهم من القول بالتحريف، ومع ذلك تبرز في الساحة الإسلاميّة بين حينٍ وآخر آراء فردية تتهم هذا المذهب وذاك بالقول بالتحريف، ولكنّها لا تجد لها عناية عند جميع المذاهب. والكتب المؤلفة في نفي التحريف عديدة ومتنوعة.

وفي بحثنا هذا نسلّط الأضواء على بعض شبهات القائلين بالتحريف، ثمّ الردّ عليها من خلال أقوال العلماء من الشيعة والسنة، إضافة إلى ذكر شهادات الشيعة للسنة والسنة للشيعة التي تنفي القول بالتحريف، وقد راعينا الاختصار في الموضوعات المبحوثة لأن البحوث التي كُتبت في هذا المجال عديدة جداً، ونسأل الله تعالى أن يجمعنا تحت راية القرآن ونحن نواجه أعداءً لا يفرقون في عدائهم بين الشيعة والسنة.

معنى التحريف:

يقول الراغب: «وتحريف الكلام ان تجعله على حرف من الاحتمال يمكن حمله على الوجهين»(1).

ويقول الخليل: «والتحريف في القرآن: تغيير الكلمة عن معناها وهي قريبة الشبه»(2).

ويقول الزمخشري: «يحرّفون الكلم عن مواضعه أي: يميلون عنها»(3).

________________________________

1ـ مفردات القرآن: 112، الراغب الأصفهاني، طهران، المكتبة الرضوية.

2ـ ترتيب كتاب العين: 173، الخليل، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1414 هـ.

3ـ الكشاف 1: 516، الزمخشري، نشر أدب الحوزة.

ـ(153)ـ

ويقول الشيخ الطوسي: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾: يعني يغيّرونها عن تأويلها»(1).

ويذكر الشيخ الطبرسي معنيين للتحريف: «أولهما: سوء التأويل، وثانيهما: التغيير والتبديل»(2).

ويذكر الشيخ محمد رشيد رضا معنيين للتحريف: «.. يصدق بتحريف الألفاظ بالتقديم والتأخير والحذف والزيادة والنقصان، وبتحريف المعاني بحمل الألفاظ على غير ما وضعت لـه»(3).

وخلاصة الأقوال: إنّ للتحريف معنيين:

الأول: التحريف المعنوي.

الثاني: التحريف اللفظي.

والتحريف المعنوي قد وضع بالفعل كما عبّر عنه الإمام محمد الباقر عليه السلام: «... وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرّفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه»(4).

أمّا التحريف اللفظي بالزيادة والنقيصة فلم يقع في القرآن الكريم كما أثبته جمهور العلماء من الشيعة والسنة. وهذا ما سنتناوله في هذا البحث

مصادر القائلين بالتحريف:

إنّ القائلين بالتحريف ليس لديهم دليل قطعي على مدّعاهم، وإنّما اعتمدوا على روايات شاذة وضعيفة، كما ذكرت في مناقشة العلماء والمحققين لها. نحن نذكر بعضاً من

________________________________

1ـ التبيان 3: 470، الطوسي، مؤسسة الأعلمي، بيروت والآية 46 من سوء النساء.

2ـ مجمع البيان 1: 173، الطبرسي، المكتبة العلمية الإسلاميّة عن طبعة صيدا.

3ـ المنار 6: 283، محمد رشيد رضا، دار المعرفة، ط 2 بالأوفست.

4ـ الكافي 8: 53، الكليني، دار التعارف، ط 4، 1401 هـ.

ـ(154)ـ

هذه الروايات.

1ـ عن عائشة أنّها قالت: «كانت سورة الأحزاب تُقرأ في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلاّ على ما هو الآن»(1).

2ـ عن عبدالله بن عمر: «لا يقولنّ أحدكم قد أخذت من القرآن كلّه، وما يدريه ما كلّه ؟ قد ذهب منه قرآن كثير»(2).

3ـ عن عائشة: «لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل الداجن فأكلها»(3).

4ـ قال عمر لعبدالرحمن بن عوف: «ألم تجد فيما أنزل علينا: ان جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؛ فإنا لا نجدها ؟ قال: أسقطت فيما اسقط من القرآن»(4).

5ـ عن حذيفة قال: «قرأت سورة الأحزاب على النبي صلى الله عليه وآله فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها»(5).

6ـ عن ابن مسعود: «انه كان يقرأ الآية هكذا: كفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب»(6).

7ـ وفي تفسير العياشي ذكر آية «كنتم خير أئمة» بدلاً من «كنتم خير أُمة»(7).

وقرأن: «اليوم أكملت لكم دينكم بولاية علي بن أبي طالب وأتممت عليكم

________________________________

1ـ الإتقان في علوم القرآن 1: 63، السيوطي، تحقيق أبي الفضل إبراهيم، 1411 هـ.

2ـ المصدر نفسه 3: 81.

3ـ مسند احمد 6: 269، الإيضاح: 218، تأويل مختلف الحديث: 310.

4ـ كنز العمال 2: 567، الإتقان 2: 52، الدر المنثور 1: 106.

5ـ الدر المنثور 5: 180، السيوطي، قم مكتبة آية الله المرعشي النجفي.

6ـ المصدر نفسه 5: 192.

7ـ تفسير العياشي 1: 195، طهران المكتبة العلمية الإسلاميّة.

ـ(155)ـ

نعمتي»(1).

8ـ وذكر السيد الخوئي شبهة من شبهات القائلين بالتحريف وهي: «ان عليّاً كان لـه مصحف غير المصحف الموجود»(2).

وقد حاول بعض المفسّرين تفسير النقيصة في القرآن بنسخ التلاوة.

يقول أبوبكر الرازي: «نسخ الرسم والتلاوة إنّما يكون بأن ينسيهم الله إيّاه ويرفعه من أوهامهم، ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتبه في المصحف»(3).

وفي روح المعاني: «وإنساؤها إذهابها عن القلوب بأن لا تبقى في الحفظ، وقد وقع هذا»(4).

وهنالك روايات كثيرة وردت في كتب الشيعة والسنة سنوردها في مقام الإجابة عنها.

وروايات التحريف الآنفة الذكر، والتي ذكرت التحريف بعبارات متنوعة: «ذهب منه قرآن كثير»، «أسقطت فيما اسقط من القرآن»، «أكلها الداجن»، «لم يقدر منها إلاّ على ما هو الآن»، «النسيان ونسخ التلاوة»، إنّما جاءت من قبل الذين يدّعون أن القرآن لم يُجمع ولم يُكتب في حياة الرسول صلى الله عليه وآله، وإنّما جمع في عهد الخلفاء: أبي بكر وعمر وعثمان.

وفي بحثنا هذا سنورد الإجابة عن هذه الشبهات، ونورد الأدلة القائلة بأن القرآن كان مكتوباً ومجموعاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله.

________________________________

1ـ تفسير العياشي 1 195، طهران، المكتبة العلمية الإسلاميّة.

2ـ البيان في تفسير القرآن: 222، الخوئي، دار الزهراء، ط 8 ،1401 هـ.

3ـ معترك الأقران 1: 128، السيوطي، دار الفكر العربي.

4ـ روح المعاني 1: 351، الآلوسي، دار إحياء التراث، ط 4، 1405 هـ.

ـ(156)ـ

الإجابة عن شبهات التحريف:

الروايات التي أكدت تحريف القرآن بالنقيصة لم تكن معتبرة عند جمهور العلماء والمفسرين من الشيعة والسنة، وقد أجابوا عنها إجابة تنسجم مع القواعد الأصولية، وحمل بعضهم هذه الروايات على التفسير والتأويل.

1ـ أخبار آحاد:

القرآن الكريم ثبت بالتواتر، وأخبار التحريف أخبار آحاد لا تثبت القرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله.

قال العلاّمة الطباطبائي: «ليس فيها حديث متواتر ولا محفوف بقرائن قطعية، بل هي آحاد متفرقة، ومع الغضّ عن ذلك فهي تذكر من الآيات والسور ما لا يشبه النظم القرآني بوجه»(1).

2ـ روايات شاذّة:

يقول الشيخ محمد جواد البلاغي: «ولئن سمعت من الروايات الشاذة شيئاً في تحريف القرآن وضياع بعضه، فلا تقم لتك الروايات وزناً»(2).

3ـ روايات مدسوسة ومختلقة على المسلمين:

لعب الزنادقة وأعداء الإسلام دوراً كبيراً في دسّ الروايات الطاعنة في عقيدة المسلمين وفي كتابهم وسنة نبيّهم، وقد نسب العلماء والمحققون روايات التحريف إلى الزنادقة وأعداء الإسلام.

يقول الدكتور مصطفى زيد: «نحن نستبعد صدور مثل هذه الآثار بالرغم من

________________________________

1ـ الميزان 12: 112، الطباطبائي، ط 3، 1393 هـ، الاعلمي.

2ـ آلاء الرحمن في تفسير القرآن، 18 البلاغي، قم- مطبعة الوجداني.

ـ(157)ـ

ورودها في الكتب الصحاح، وفي بعض هذه الروايات جاءت العبارات التي لا تتفق ومكانة عمر ولا عائشة، ممّا يجعلنا نطمئن إلى اختلافها ودسّها على المسلمين»(1).

ويقول الحكيم الترمذي: «... ما أرى مثل هذه الروايات إلاّ من كيد الزنادقة »(2).

ويقول أبو حيان الاندلسي: «ومن روى عن ابن عباس انه قرأ حتّى «تستأذنوا» فهو طاعن في الإسلام، ملحد في الدين»(3).

4ـ عدم صحة نسخ التلاوة:

يقول الشيخ العريض: «فالمنسوخ تلاوة الثابت حكماً غير موجود في كتاب الله تعالى، فالحق عدم جوازه»(4).

ويقول الزرقاني: «عن جماعة في منسوخ التلاوة: انه مستحيل عقلاً، وعن آخرين منع وقوعه شرعاً»(5).

ويقول العلامة الطباطبائي: «وكيف كان، فالنسخ لا يوجب زوال نفس الآية من الوجود وبطلان تحققها»(6).

ويقول الإمام السرخسي: «لا يجوز هذا النوع من النسخ في القرآن عند المسلمين»(7).

5ـ بعض العلماء والمفسّرين لم يحكموا على الروايات بضعف السند، وإنّما حملوا ما جاء فيها على عدة محامل تدل على عدم التحريف:

________________________________

1ـ النسخ في القرآن 1: 283، د. مصطفى زيد.

2ـ التحقيق في نفي التحريف: 117، عن نوادر الأُصول: 386.

3ـ المصدر نفسه عن البحر المحيط 6: 445.

4ـ فتح المنان: 223، علي حسن العريض، دار الكتاب مصر 1403 هـ.

5ـ مناهل العرفان 2: 112، الزرقاني، دار إحياء الكتب العربية.

6ـ الميزان 1: 250، الطباطبائي 7- التمهيد 2: 281، عن أُصول السرخسي 2: 78.

ـ(158)ـ

ألف - الحمل على التفسير:

ما ورد حول آية المحافظة على الصلوات عن عائشة وحفصة من إلحاق كلمة «وصلاة العصر» بقوله تعالى ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ﴾(1) بأن «الكلمة أُدرجت عل سبيل التفسير والإيضاح»(2).

ويقول السيد الخوئي: إن اشتمال قرآنه- علي- على زيادات ليست في القرآن الموجود... إن تلك الزيادات كانت تفسيراً بعنوان التأويل، وما يؤول إليه الكلام، أو بعنوان التنزيل من الله شرحاً للمراد»(3).

ويقول: «فلابد من حمل هذه الروايات على أن ذكر أسماء الأئمة عليهم السلام في التنزيل من هذا القبيل، وإذا لم يتم هذا الحمل، فلابدّ من طرح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب والسنة»(4).

ب - الحمل على السنّة:

قول أبي جعفر النحاس، وبعضهم في آية الرجم(رجم الشيخ والشيخة) إسناد الحديث صحيح، إلاّ أنّه «ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة، ولكنّها سنّة ثابتة»(5).

وقول بعضهم حول آية «لو كان لابن آدم واديان» أن هذا معروف في حديث النبي على «أنّه من كلام الرسول لا يحكيه عن ربّ العالمين في القرآن»(6).

ج - الحمل على الحديث القدسي:

حمل بعض المفسرين آية الرضاع على الحكم النازل سنّة لا على جهة القرآنية،

________________________________

1ـ سورة البقرة: 238.

2ـ البرهان في علوم القرآن 1: 215، الزركشي، دار الفكر 1408 هـ.

3ـ البيان في تفسير القرآن 223، 231.

4ـ البيان في تفسير القرآن 223، 231.

5ـ مقدمتان في علوم القرآن: 78.

6ـ المصدر نفسه: 85.

ـ( 159)ـ

وإلاّ لما أكله الداجن «ويدلّ على ذلك قولـه صلى الله عليه وآله أُوتيت القرآن ومثله معه، إنّه الحكمة»(1).

د- الحمل على الدعاء:

«وامّا ما ذكر عن أبي بن كعب انّه عدّ دعاء القنوت «اللهم إنّا نستعينك» سورة من القرآن، فإنّه - إن صحّ ذلك- كتبها في مصحفه لا على إنّها من القرآن، بل ليحفظها ولا ينساها احتياطاً، لأنه سمع النبي صلى الله عليه وآله كان يقنت بها في صلاة الوتر»(2).

وقال صاحب الانتصار: «ان كلام القنوت المروي أن أُبيّ بن كعب أثبته في مصحفه لم تقم الحجّة بأنّه قرآن منزل، بل هو ضرب من الدعاء»(3).

وجميع ما ذكر من روايات التحريف مرجعها إلى الرواية القائلة: «عن زيد بن ثابت قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن القرآن جمع في شيء»(4).

 

كتابة وجمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وآله:

أجمع كثيرٌ من العلماء والمحققين على أن القرآن الكريم كان مكتوباً ومجموعاً في عهد النبي صلى الله عليه وآله وكان لـه كتّاب يكتبونه وكان بعض الصحابة يكتبه لنفسه، فإذا كان ذلك ثابتاً فهو دليل قطعي على عدم ضياع شيء من القرآن كما يزعم بعض الرواة.

الشيعة وجمع القرآن:

1ـ السيد المرتضى: «إن القرآن كان على عهد رسول الله مجموعاً مؤلفاً على ما هو

________________________________

1ـ مقدمتان في علوم القرآن: 85.

2ـ المصدر نفسه: 75

3ـ مناهل العرفان 1: 271.

4ـ الإتقان 1: 202.

ـ(160)ـ

عليه الآن»(1).

2ـ الحر العاملي: «إن آلاف الصحابة كانوا يحفظونه ويتلونه، وإنه كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مجموعاً مؤلفاً»(2).

3ـ شرف الدين العاملي: «وكان القرآن مجموعاً أيام النبي صلى الله عليه وآله على ما هو عليه الآن من الترتيب والتنسيق في آياته وسوره، وسائر كلماته، وحروفه، بلا زيادة ولا نقصان»(3).

4ـ السيد الخوئي: «إن إسناد جمع القرآن إلى الخلفاء أمر موهوم، مخالف للكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل... ولو سلمنا أن جامع القرآن هو أبو بكر، فلا ينبغي الشك في أن جمع القرآن كان مستنداً إلى التواتر بين المسلمين... نعم لا شك أن عثمان قد جمع القرآن في زمانه، لا بمعنى أنه جمع الآيات والسور في مصحف، بل بمعنى انه جمع المسلمين على قراءة أمام واحد...»(4).

5ـ الشهيد المطهري: «إن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله انتخب منذ اليوم الأول عدداً من الكتّاب لتدوين القرآن ويسمون بكتاب الوحي... وكان تدوين كلام الله منذ الأيام الأُولى من جملة الأسباب الحتمية لحفظ وصيانة القرآن»(5).

 

السنّة وجمع القرآن:

1ـ الزرقاني: «فها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وآله قد اتّخذ كُتّاباً للوحي، كلما نزل شيء من

________________________________

1ـ مدخل التفسير: 118، اللنكراني، ط 2، 1413 هـ.

2ـ الفصول المهمة: 166، هامش الأنوار النعمانية 2: 357.

3ـ البرهان على عدم تحريف القرآن: 231، الرضوي، بيروت ط 1: 1411 هـ.

4ـ البيان في تفسير القرآن: 257.

5ـ التعرف على القرآن الكريم: 14، المطهري، طهران ط 2: 1407 هـ.

ـ(161)ـ

القرآن أمرهم بكتابته... ثمّ يوضع المكتوب في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ».

«إن بعض الصحابة الذين يكتبون القرآن لأنفسهم في مصحف أو مصاحف خاصة بهم ربما كتبوا فيها ما ليس بقرآن، ممّا يكون تأويلاً لبعض ما غمض عليهم من معاني القرآن»(1).

2ـ الشيخ محمد الغزالي: «فلما انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى كان القرآن كله محفوظاً في الصدور وكان كذلك مثبتاً في السطور»(2).

3ـ عبدالصبور شاهين: «إن القرآن ثبت تسجيلاً ومشافهة في عهد رسول الله»(3).

4ـ حسن البنا: «جمع القرآن في الصدور والسطور»(4).

5ـ وهبة الزحيلي: «وكان كتّاب الوحي خمساً وعشرين كاتباً، والتحقيق انهم كانوا زهاء ستين، وأشهرهم الخلفاء الأربعة»(5).

وخلاصة ما تقدم أنّ القرآن الكريم كان مجموعاً ومؤلفاً في عهد النبي صلى الله عليه وآله، ولو فرضنا صحة الروايات التي تنص على جمع القرآن في عهد الخلفاء، فإن جمع الخلفاء لـه لا يكون إلاّ لاختيار أحد المصاحف المؤلفة من قبل الصحابة وجعلها مرجعاً لجميع المسلمين، ولا يمكن لأحد أن يحذف شيئاً منه، فلا الخلفاء يسمحون بذلك ولا بقية الصحابة الذين عُرفوا بشدتهم في المحافظة على كتاب الله وعلى جميع القيم الإسلاميّة وكانت لهم الحرية الكاملة في الاعتراض، فلو كانت روايات النقيصة في القرآن صحيحة لااعترضوا بشدة، وما اعتراضهم على عثمان إلاّ انه جمع المسلمين على قراءة واحدة، فالأولى أن يقفوا بشدّة لو نقص شيء من القرآن. يقول الآمدي: «إن المصاحف المشهورة

________________________________

1ـ مناهل العرفان 1: 246، 271.

2ـ نظرات في القرآن: 35، الغزالي، مصر 1377 هـ.

3ـ تاريخ القرآن: 57، عبد الصبور شاهين، دار القلم 1966 م.

4ـ رسائل حسن البنّا: 228، مؤسسة الرسالة، بيروت.

5ـ التفسير المنير 1: 20، وهبة الزحيلي، دار الفكر ط 1، 1411 هـ.

ـ(162)ـ

في زمن الصحابة كانت مقروءة عليه صلى الله عليه وآله »(1).

ولا يُعقل أن النبي صلى الله عليه وآله يهمل أمر القرآن الكريم ويجعله عرضة للتحريف بالزيادة والنقيصة من بعده.

 

آراء علماء الشيعة في صيانة القرآن من التحريف:

أجمع علماء الشيعة على صيانة القرآن من التحريف بالزيادة والنقيصة والتغيير والتبديل، ولم يخالف هذا الإجماع إلاّ أفراد قلائل لا يعتدّ بقولهم، قالوا بالنقيصة في الأزمان الغابرة، ولا يوجد بينهم من يقول بالتحريف في زماننا هذا، وما ورد في بعض كتب الشيعة من روايات يفهم منها التحريف لا يدل على العقيدة، وإنّما هي روايات الضعاف رويت في كتبهم كما رويت مثلها في كتب السنّة.

ووقف الشيعة موقفاً حازماً من مدّعي التحريف كما هو الحال في موقفهم من فصل الخطاب للشيخ النوري وموقفهم من الفئة الأخبارية.

والآن ننقل بعضاً من آراء علماء الشيعة ابتداءً بالقرن الرابع الهجري وانتهاءً بهذا القرن.

1ـ الصدوق(م 381 هـ): «اعتقادنا ان القرآن الذي أنزله الله على نبيّه محمّد صلى الله عليه وآله هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة، ومن نسب إلينا انّا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب»(2).

2ـ المفيد(413 هـ): «قال جماعة من أهل الإمامة أنّه لم ينقص منه كلمة ولا من آية ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين من تأويله وتفسير

________________________________

1ـ تاريخ القرآن للصغير: 77، تاريخ القرآن للزنجاني: 39.

2ـ الاعتقاد: 63، الصدوق، طهران 1370 هـ.

ـ(163)ـ

معانيه على حقيقة تنزيله؛ وذلك كان ثابتاً منزلاً وان لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز، وقد يسمى تأويل القرآن قرآناً»(1).

3ـ السيد المرتضى(م 436 هـ): «إن القرآن كان على عهد رسول الله مجموعاً مؤلفاً على ماهو عليه في ذلك الزمان، حتى عيّن النبي صلى الله عليه وآله على جماعة من الصحابة حفظهم لـه، وكان يعرض على النبي ويتلى عليه، وإن جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وغيرهما ختموا القرآن على النبي عدة ختمات، وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على انّه كان مجموعاً مرتباً غير مبتور ولا مبثوث، وأن من خالف من الإماميّة والحشوية لا يعتدّ بخلافهم»(2).

4ـ الطوسي(461 هـ): وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا يليق به، لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها، وأمّا النقصان منه فالظاهر أيضاً من مذاهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا، وهو الذي نصره المرتضى رضي الله عنه، وهو الظاهر من الروايات... غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع طريقها الآحاد، ولا يستوجب علماً، فالأولى الأعراض عنها وترك التشاغل بها»(3).

5ـ الطبرسي(548 هـ ): «الكلام في زيادة القرآن ونقصانه؛ فأمّا الزيادة فيه فمجمع على بطلانها، وأمّا النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقوم من الحشوية العامة أن في القرآن تغييراً ونقصاناً، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه، وهو الذي نصره المرتضى»(4).

________________________________

1ـ أوائل المقالات: 54، المفيد، مكتبة الداوري، قم.

2ـ تفسير القرآن الكريم: 25، عبدالله شبّر، مكتبة النجاح، طهران ط 2.

3ـ مجمع البيان 1: 15.

4ـ مجمع البيان 1: 15.

ـ(164)ـ

6ـ ابن طاووس(644 هـ): «كان القرآن مصوناً من الزيادة والنقصان كما يقتضيه العقل والشرع.. وإن رأي الإماميّة هو عدم التحريف»(1).

7ـ العلامة الحلي(م 726 هـ): «الحقّ أنه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه، وأنه لم يزد ولم ينقص، ونعوذ بالله تعالى من أن يعتقد مثل ذلك وأمثال ذلك. فإنّه يوجب التطرّق إلى معجزة الرسول عليه وآله السلام المنقولة بالتواتر»(2).

8ـ زين الدين العاملي(م 877 هـ): «علم بالضرورة تواتر القرآن بجملته وتفاصيله، وكان التشديد في حفظه أتم، حتى نازعوا في أسماء السّور والتفسيرات. إنّما اشتغل الأكثر عن حفظه بالتفكير في معانيه وأحكامه، ولو زيد فيه أو نقص لعلمه كلّ عاقل وان لم يحفظه، لمخالفة فصاحته وأسلوبه»(3).

9ـ نور الله التستري(م 1019 هـ): «ما نسب إلى الشيعة الإماميّة من القول بالتحريف ليس ممّا قاله جمهور الإماميّة، وإنّما قاله شرذمة قليلة لا اعتداد بهم في جماعة الشيعة»(4).

10ـ الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين الحارثي العاملي(م 1030 هـ): «والصحيح ان القرآن العظيم محفوظ من التحريف، زيادةً كانت أو نقصاناً بنص آية الحفظ من الذكر الحكيم، وما اشتهر بين الناس من إسقاط اسم أمير المؤمنين في بعض المواضع فهو غير معتبر عند العلماء»(5).

11ـ الفاضل التوني(1071 هـ ): «والمشهور بين علمائنا الأعلام انّه محفوظ ومضبوط كما انزل لم يتبدل ولم يتغير، حفظه الحكيم الخبير»(6).

________________________________

1ـ سعد السعود: 193، ابن طاووس، قم، منشورات الرضي، 1407 هـ.

2ـ أجوبة المسائل المهناوية: 121، الحلي، قم، مطبعة الخيام 1401 هـ.

3ـ التحقيق في نفي التحريف: 16، عن الصراط المستقيم 1: 45.

4ـ آلاء الرحمن 1: 25- 26.

5ـ آلاء الرحمن 1: 25- 26.

6ـ البرهان: 113 هاشم البحراني، قم إسماعيليان.

ـ(165)ـ

12ـ الفيض الكاشاني(1091 هـ): يرد على روايات التحريف بأنها مخالفة للقرآن: «ويرد على هذا كله أشكال، وهو أنه على هذا التقدير لم يبق لنا اعتماد على شيء من القرآن، إذ على هذا يحتمل في كلّ آية منه أن يكون محرفاً ومغيراً ويكون على خلاف ما أنزل الله، فلم يبق لنا في القرآن حجّة أصلاً، فتنتفي فائدته وفائدة الأمر بإتباعه والوصية بالتمسك به.

إن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذب لـه، فيجب رده والحكم بفساده أو تأويله... ولا يبعد ان يقال إنّ بعض المحذوفات كان من قبيل التفسير والبيان ولم يكن من أجزاء القرآن، فيكون التبديل من حيث المعنى، أي حرّفوه وغيرّوه في تفسيره وتأويله»(1).

13ـ محمد بن الحسن الحرّ العاملي(1104 هـ): «إن من تتبع الأخبار وتفحّص التواريخ والآثار علم علماً قطعياً بأن القرآن قد بلغ أعلى درجات التواتر، وأن آلاف الصحابة كانوا يحفظونه ويتلونه، وأنه كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مجموعاً مؤلفاً»(2).

14ـ محسن الأعرجي(1227 هـ): «اتفق الكل، لا تمانع بينهم على عدم الزيادة... والمعروف بين أصحابنا حتى حكي عليه الإجماع، عدم النقيصة أيضاً »(3).

15ـ جعفر كاشف الغطاء(1228 هـ): «لا ريب في أنّ القرآن محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديّان، كما دل عليه صريح الفرقان، وإجماع العلماء في جميع الأزمان، ولا عبرة بالنادر، وما ورد من أخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها»(4).

16ـ إبراهيم الكلباسي الاصبهاني(1262 هـ): «إن النقصان في الكتاب ممّا

________________________________

1ـ تفسير الصافي 1: 51- 52، الفيض الكاشاني- مؤسسة الأعلمي.

2ـ الفصول المهمة: 166.

3ـ صيانة القرآن من التحريف: 55.

4ـ التحقيق في نفي التحريف: 20.

ـ(166)ـ

لا أصل لـه»(1).

17ـ حسين الكوه كمري(1299هـ): استدل على نفي التحريف بالأدلة التالية:

«الأصل لكون التحريف حادثاً مشكوكاً فيه، والإجماع، وكونه معجزة، ولا يأتيه الباطل، وأخبار الثقلين، والأخبار الناطقة بالأمر بالأخذ بهذا القرآن»(2).

18ـ محمد جواد البلاغي(1352): «ومن أجل تواتر القرآن الكريم بين عامة المسلمين جيلاً بعد جيل، استمرت مادته وصورته وقراءته المتداولة على نحو واحد، فلم يؤثر شيئاً على مادته وصورته...»(3).

19ـ محمد حسين كاشف الغطاء(1366 هـ): «وان الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه صلى الله عليه وآله للإعجاز والتحدي ولتعليم الأحكام وتمييز الحلال من الحرام، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف، ولا زيادة، والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم الظاهرة في نقصه أو تحريفه ضعيفة شاذة، وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً»(4).

20ـ محسن الأمين العاملي(1371 هـ): «لا يقول أحد من الإماميّة لا قديماً ولا حديثاً: إنّ القرآن مزيد فيه قليل أو كثير، بل كلهم متفقون على عدم الزيادة، ومَنْ يُعتدّ بقولهم متفقون على أنه لم ينقص منه.. ومن نسب إليهم خلاف ذلك فهو كاذب مفترٍ متجرئ على الله ورسوله»(5).

21ـ شرف الدين العاملي(1377 هـ ): «ومن الأدلة على اعتقاد الإماميّة بعدم سقوط شيء من القرآن الكريم صلاتُهم لأنهم يوجبون قراءة سورة كاملة بعد الحمد في

________________________________

1ـ التحقيق في نفي التحريف: 21.

2ـ التحقيق في نفي التحريف: 21.

3ـ آلاء الرحمن: 29.

4ـ أصل الشيعة وأُصولها: 133.

5ـ أعيان الشيعة 1: 51، محسن الأمين العاملي، دار التعارف.

ـ(167)ـ

الركعة الأُولى والثانية... وصلاتهم بهذه الكيفية والأحكام دليل ظاهر على اعتقادهم بكون سوره القرآن بأجمعها زمن الرسول صلى الله عليه وآله على ما هي عليه الآن، وإلاّ لما تسنّى لهم هذا القول»(1).

22ـ محمد رضا المظفر(1384 هـ): «... لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف، وهذا الذي بين أيدينا نتلوه هو نفس القرآن المنزل على النبي، ومن ادّعى فيه غير ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه»(2).

23ـ محسن الحكيم(1370 هـ): «إن سلف المسلمين كافة، وعلماء الإسلام عامة، منذ بدء الإسلام إلى يومنا هذا، يرون أن القرآن في ترتيب سوره وآياته، هو كما بين أيدينا، ولم يعتقد أحد من السلف في التحريف»(3).

24ـ مرتضى المطهري (1399 هـ): «وبما أن المسلمين كانوا قد اعتقدوا بأنه كلام الله وليس كلام البشر، فقد كانوا يقدسونه ولا يسمحون لأنفسهم أن يتلاعبوا بكلمة أو حرف منه»(4).

25ـ العلاّمة الطباطبائي (1403 هـ ) صاحب الميزان: «القرآن محفوظ بحفظ الله عن كلّ زيادة ونقيصة وتغيير في اللفظ أو في الترتيب يزيله عن الذكرية ويبطل كونه ذكراً لله سبحانه بوجه... فالذي بأيدينا منه هو القرآن المنزل على النبي صلى الله عليه وآله بعينه»(5).

26ـ الإمام الخميني (1409 هـ) يورد أجوبة على الأخبار التي يفهم منها القول بالتحريف فيقول: «إن الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه قراءةً وكتابةً يقف على بطلان تلك الدعوة المزعومة- التحريف-، وما ورد من أخبار- حسبما

________________________________

1ـ أجوبة مسائل جار الله: 28، شرف الدين العاملي، مطبعة النعمان 1386 هـ.

2ـ عقائد الإماميّة: 85.

3ـ دراسات قرآنية: 168، محمد حسين الصغير، مكتب الأعلام الإسلامي ط 2.

4ـ التعرف على القرآن الكريم: 14.

5ـ الميزان 12: 106.

ـ(168)ـ

تمسكوا به- أمّا ضعيف لا يصلح للاستدلال به، أو مجعول تلوح عليه أمارات الجعل، أو غريب يقضي بالعجب، أمّا الصحيح منها فيرمى إلى مسألة التأويل والتفسير، وإن التحريف إنّما حصل في ذلك، لا في لفظه وعباراته»(1).

27ـ أبو القاسم الخوئي(1413 هـ): «بعد ان يذكر شبهات التحريف ويجيب عليها، ويورد أدلة حفظ القرآن من التحريف ويجيب عليها، ويورد أدلة حفظ القرآن من التحريف اللغوي، يقول: «إن حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال، لا يقول به إلاّ من ضعف عقله، أو من لم يتأمل في أطرافه حقّ التأمل»(2).

28ـ السيد الگلپايگاني(1414 هـ): «وبعد، فالصحيح من مذهبنا أن كتاب الله الكريم الذي بأيدينا بين الدفتين هو ذلك الكتاب الذي لاريب فيه من لدن عزيز حكيم، المجموع المرتب في زمانه وعصره بأمره بلا تحريف وتغيير وزيادة ونقصان، والدليل على ذلك تواتره بين المسلمين كلاً وبعضاً ترتيباً وقراءةً، مع توفر الدواعي لهم في حفظه وإبقائه ونقله بلا زيادة ونقيصة»(3).

29ـ الشيخ فاضل اللنكراني: «لا مجال للارتياب في أن المشهور بين علماء الشيعة الإماميّة، بل المتسالم عليه بينهم، هو القول بعدم التحريف»(4).

30ـ محمد هادي معرفة ألّف كتابه القيّم «صيانة القرآن من التحريف» وقد ذكر فيه شبهات التحريف والإجابة عنها وأدلة الصيانة عند الفريقين الشيعة والسنة، فيقول في ذلك: «إن زعم التحريف سواء بالزيادة أو النقص، أم بالتبديل، يتنافى وموضع القرآن البلاغي المعجز تنافياً بيّناً»(5).

________________________________

1ـ تهذيب الأُصول 2: 165، السبحاني، طبعة إسلامي، 1363 هـ. ش.

2ـ البيان: 259.

3ـ صيانة القرآن من التحريف: 64.

4ـ مدخل التفسير: 190.

5ـ صيانة القرآن من التحريف: 41.

ـ(169)ـ

31ـ مرتضى الرضوي ألف كتابه القيّم «البرهان على عدم تحريف القرآن»؛ يقول: «وبعد، فإن كبار المحققين وعقيدة علماء الفريقين لم يقولوا بتحريفه»(1).

32ـ جعفر مرتضى العاملي: «الحقيقة هي: إن كلاً من علماء الشيعة وعلماء السنّة قد وقفوا عموماً من روايات التحريف موقفاً سلبياً»(2).

 وقد أُلّفت كتب حول موضوع الصيانة ومنها: «التحقيق في نفي التحريف» للميلاني، و«بحوث في تاريخ القرآن » لأبي الفضل محمّدي.

 

آراء علماء السنّة في صيانة القرآن من التحريف:

أجمع علماء السنّة ومفسروهم على صيانة القرآن من التحريف بالزيادة والنقيصة والتغيير والتبديل، ولم يخالف هذا الإجماع إلاّ افراد قلائل لا يعتدّ بقولهم، قالوا بالنقيصة والزيادة في ما مضى من الزمن، إمّا في زماننا هذا فلا يوجد بينهم من يقول بالتحريف، وما ورد في كتبهم من روايات فإنها لا تدل على العقيدة، وقد أجابوا عنها إمّا بإضعافها أو حملها على محامل عديدة؛ وفيما يلي نذكر آراء علماء السنّة منذ القرن الرابع الهجري والى قرننا الحالي:

1ـ أبو بكر الأنباري (328 هـ): «إن الله قد حفظ القرآن من التغيير والتبديل والزيادة والنقصان»(3).

2ـ الزمخشري(528 هـ): «وهو- الله تعالى- حافظه في كلّ وقت من كلّ زيادة ونقصان وتحريف وتبديل... لأنه لو كان من قول البشر أو غير آية لتطرّق عليه

________________________________

1ـ آراء علماء المسلمين: 172، مرتضى الرضوي، الإرشاد ط 2، 1411 هـ.

2ـ حقائق هامة: 19، جعفر مرتضى العاملي، مؤسسة النشر الإسلامي ط 1، 1410 هـ.

3ـ الجامع لأحكام القرآن 1: 84، القرطبي- دار إحياء التراث العربي.

ـ(170)ـ

الزيادة والنقصان»(1).

3ـ القاضي أبو بكر(578 هـ): «الذي نذهب إليه: إن جمع القرآن الذي أنزله الله، وأمر بإثبات رسمه، ولم ينسخه، ولا رفع تلاوته بعد نزوله، هذا بين الدفتين... وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله تعالى ورتّبه عليه رسوله من آي السور»(2).

4ـ الفخر الرازي (606 هـ): «واعلم أنه لم يتفق لشيء من الكتب مثل هذا الحفظ، فإنّه لا كتاب إلاّ وقد دخله التصحيف والتحريف والتغيير؛ أمّا في الكثير منه أو في القليل، وبقاء هذا الكتاب مصوناً عن جميع جهات التحريف...»(3).

5ـ القرطبي(671 هـ ): «لإخلاف بين الأُمة ولا بين الأئمة من أهل السنّة، إن القرآن مبرأةٌ من الزيادة والنقصان حروفُه وكلماتُه...»(4).

6ـ جلال الدين السيوطي(911 هـ): «الوجه الثاني من وجوه إعجازه: كونه محفوظاً عن الزيادة والنقصان محروساً عن التبديل والتغيير على تطاول الأزمان، بخلاف سائر الكتب »(5).

7ـ الزرقاني(1122 هـ): «إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أحرص الناس على الاحتياط للقرآن، وكانوا أيقظ الخلق في حراسة القرآن... وإن التواتر قد قام، والإجماع قد انعقد، على أن الموجود بين دفتي المصحف كتاب الله من غير زيادة ولا نقصان ولا تغيير ولا تبديل »(6).

8ـ إسماعيل حقي البروسوي (1137 هـ): في تفسير آية الحفظ يقول:(لحافظون): في كلّ وقت من كلّ ما لا يليق به؛ كالطعن فيه والمجادلة في حقيقته والتكذيب لـه

________________________________

1ـ الكشاف 2: 572.

2ـ الإتقان 1: 63.

3ـ التفسير الكبير 19: 161، الفخر الرازي، ط 3.

4ـ الجامع لأحكام القرآن 1: 84.

5ـ معترك الأقران 1: 27.

6ـ مناهل العرفان 1: 281.

ـ(171)ـ

والاستهزاء به والتحريف والتبديل والزيادة والنقصان ونحوها»(1).

9ـ الآلوسي(1270 هـ): «وإنا لـه لحافظون: أي من كلّ ما يقدح فيه كالتحريف والزيادة والنقصان»(2).

10ـ محمد رشيد رضا(1354 هـ): «... وقد تكفل الله بحفظه وانعقد الإجماع على عدم ضياع شيء منه.. وعمل عائشة به ليس حجّة على إثباته»(3).

11ـ المراغي(1371 هـ ): «ان نحن: أي نحن نزلنا القرآن... ونحن حافظوه، انا نحفظ الكتاب الذي أنزلناه عليه من الزيادة والنقص والتغيير والتبديل، والتحريف والمعارضة والإفساد والإبطال»(4).

12ـ سيد قطب(1387 هـ): «فهو باق محفوظ لا يندثر ولا يتبدل ولا يلتبس بالباطل ولا يمسه التحريف»(5).

13ـ محمود شلتوت يرى أن المسلمين يؤمنون بكتاب واحد وهذا دليل على صيانة القرآن من التحريف وإلاّ لكان لهما كتابان: «هم اتباع دين واحد؛ يؤمنون بإله واحد، ورسول واحد، وكتاب واحد»(6).

14ـ السيد سابق: «فهو الكتاب الذي حفظت أصوله وسلمت تعاليمه وتلقته الأُمة عن محمد عن جبريل عن الله، الأمر الذي لم يتوفر لكتاب مثله»(7).

15ـ الدكتور وهبة الزحيلي: «وإنا لـه لحافظون: من التبديل والتحريف والزيادة

________________________________

1ـ تفسير روح البيان 4: 443، إسماعيل البروسوي، دار إحياء التراث ط 7، 1405 هـ.

2ـ روح المعاني 14: 16.

3ـ المنار 4: 471.

4ـ تفسير المراغي 13: 9، أحمد مصطفى المراغي، دار إحياء التراث ط 3، 1394 هـ.

5ـ في ظلال القرآن 5: 194، سيد قطب، دار إحياء التراث ط 7، 1391 هـ.

6ـ رسالة الإسلام 2: 217.

7ـ العقائد الإسلاميّة: 169، سيد سابق، دار الكتاب العربي 1406 هـ.

ـ(172)ـ

والنقص... أو المراد نفي تطرّق الخلل إليه أثناء بقائه بضمان الحفظ لـه»(1).

16ـ محمد علي الصابوني: «قال المفسرون: تكفّل الله بحفظ هذا القرآن، فلم يقدر أحد على الزيادة فيه ولا النقصان، ولا على التبديل والتغيير كما جرى في غيره من الكتب فإن حفظها موكول إلى أهلها»(2).

هذه آراء بعض علماء السنّة التي تنص على صيانة القرآن من التحريف، وبجمع آراء الشيعة والسنة ينتج الاتفاق على صيانة القرآن. أمّا آراء بعض علماء الطرفين التي تدعي التحريف فإنها ذهبت مع الزمن الغابر في الوقت الذي تبادل فيه الفريقان الاتهامات ودفع الاتهامات، وكان للسياسة دور في إشغال بعض العلماء ببعضهم الآخر، وقد انتهت تلك الأزمات ولم يبق لها مجال في الواقع الموضوعي، فلا يوجد الآن من يدّعي التحريف، كما يقول المرحوم الشيخ محمد جواد مغنية: «واليوم أصبح هذا القول ضرورة من ضرورات الدين وعقيدة لجميع المسلمين، إذ لا أحد قائل بالنقيصة لا من السنّة ولا من الشيعة»(3).

فالقرآن المتداول بين المسلمين واحد، ولم يستطع مدّعو التحريف في الزمن الغابر أن يضيفوا أو يحذفوا شيئاً من القرآن الكريم، وهو واحد في خطه وفي رسم حروفه كما يقول العلاّمة محمد القمّي: «... لا يختلف في آية ولا خط ولا رسم حرف، فإن كتبت كلمة(رحمت) بتاء مفتوحة، ألفيت ذلك في كلّ مصحف بأي أرض من بلاد المسلمين، لا فرق بين عربي وعجمي أو سني وشيعي»(4).

وفي جميع الندوات والجلسات التي تعقد بين علماء الفريقين، فانهم في بحث القرآن

________________________________

1ـ التفسير المنير 15: 14، وهبة الزحيلي، دار الفكر ط 1، 1411 هـ.

2ـ صفوة التفاسير 2: 169، محمد علي الصابوني، عالم الكتب، 1406 هـ.

3ـ الشيعة في الميزان: 58 مغنية بيروت، دار التعارف.

4ـ مقدمة المختصر النافع: 14، بقلم محمد تقي القمي، دار الكتاب العربي- مصر.

ـ(173)ـ

يتفقون على صيانته من التحريف، ومنها الندوة التي انعقدت في تركيا في العام الماضي تحت عنوان: ماضي التشيع وحاضره: «وخلال المحاضرات أثيرت مسائل حساسة، وكان للعلماء السنّة والشيعة تعليقات ونقاشات عليها، كانت النتيجة أن وجد الجانبان إنهما متفقان عليها تماماً، ومن ذلك سلامة النص القرآني من أي تحريف»(1).

ولكن بقيت بعض الحالات الواقعة في طريق النزاع الموهوم المثار بين حين وآخر وهي حالات الاتهام بالتحريف، فبعضهم يتهم هذا المذهب أو ذاك بالقول بالتحريف، ونفس الاتهام فيه اعتراف ضمني بنفي التحريف عن النفس واتهام الآخرين به اعتماداً على بعض الروايات.

 

شهادات الشيعة للسنة بصيانة القرآن من التحريف:

الشيعة يؤكدون صيانة القرآن من التحريف، ولا يتهمون الآخرين بالقول بالتحريف، بل يؤكدون انهم كالسنة لا يؤمنون بالتحريف، وجاءت بعض أقوالهم السابقة نافية للتحريف عند عموم المسلمين، وفي ذلك دلالة تضمنية على رأيهم في صيانة القرآن من التحريف عند السنّة، وفيما يلي نستعرض شهادات بعض علماء الشيعة على أن إخوانهم السنّة يؤمنون بصيانة القرآن:

1ـ الشيخ السبحاني: «روى الفريقان روايات في تحريف القرآن، وقد قام أخيراً أحد المصريين بتأليف كتابٍ اسماه الفرقان ملأه بكثير من هذه الروايات، كما أنّ المحدث النوري ألف كتاباً باسم فصل الخطاب أودع فيه روايات التحريف، وليس هذا وذاك أوّل من نقل روايات التحريف، بل هي مبثوثة في كتب التفسير والحديث... نقل قسماّ منها السيوطي في الإتقان.

________________________________

1ـ رسالة التقريب، العدد الرابع: 188، 1414 هـ.

ـ(174)ـ

ومع ذلك فنحن نُجِلّ علماء السنّة ومحققيهم عن نسبة التحريف إليهم ولا يصحّ الاستدلال بالرواية على العقيدة(1).

2ـ جعفر مرتضى العاملي: «إننا لا يجب أن ننسى الجهد الذي بذله أهل السنّة لتنزيه القرآن عن التحريف، وحاولوا توجيه تلكم الأحاديث بمختلف الوجوه التي اهتدوا إليها، حتى غير المعقولة منها، كما هو الحال في دعوى نسخ التلاوة، وما إلى ذلك.

فإن ذهاب قوم من حشوية العامة إلى تحريف القرآن لا يبرر نسبة القول بالتحريف إلى أهل السنّة قاطبةً»(2).

3ـ علي الحسيني الميلاني: «وإن المعروف من مذهب أهل السنّة هو نفي التحريف عن القرآن الشريف، وبذلك صرّحوا في تفاسيرهم وكتبهم في علوم القرآن»(3).

ثمّ ينقل أقوال علماء السنّة الدالة على صيانة القرآن من التحريف.

4ـ أسعد وحيد القاسم: «إن إجماع أهل السنّة هو القول بعدم تحريف القرآن»(4).

وينفي بقية العلماء والمحققين من الشيعة القول بالتحريف عن علماء السنّة، كالسيد الخوئي في البيان والعلامة الطباطبائي في الميزان من التحريف، وأبي الفضل مير محمّدي في بحوث تاريخ القرآن وعلومه. ونفي التحريف عند السنّة بشهادة الشيعة من أكبر الأدلة على الاتفاق على صيانة القرآن من التحريف بكل أنواعه.

________________________________

1ـ الإلهيات 4: 452، السبحاني، مطبعة القدس ط 3 1412 هـ.

2ـ حقائق هامة: 35.

3ـ التحقيق في نفي التحريف: 138.

4ـ حقيقة الشيعة: 101، أسعد وحيد القاسم، لندن ط 1، 1412 هـ.

ـ(175)ـ

شهادات السنّة للشيعة بصيانة القرآن من التحريف:

علماء السنّة ومحققوهم يشهدون لأنفسهم وللشيعة بنفي التحريف عن القرآن الكريم، وفيما يلي نورد بعضاً من شهادات علمائهم ومحققيهم، منهم:

1ـ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (330 هـ): «واختلفت الروافض في القرآن، هل زيد فيه أو نقص منه ؟ وهم فرقتان:

 

فالفرقة الأُولى منهم يزعمون أن القرآن قد نقص منه، وأما الزيادة فذلك غير جائز أن يكون قد كان، وكذلك لا يجوز أن يكون قد غير منه شيء عما كان عليه، فأما ذهاب كثير منه فقد ذهب كثير منه، والإمام يحيط علماً به.

والفرقة الثانية منهم وهم القائلون بالاعتزال- لقولهم بأصل العدل- والإمامة يزعمون أن القرآن ما نقص منه ولا زيد فيه، وأنه على ما أنزل الله تعالى على نبيه عليه الصلاة والسلام، لم يغيّر ولم يبدّل ولا زال عما كان عليه»(1).

2ـ رحمة الله الهندي: «القرآن المجيد عند جمهور علماء الشيعة الإماميّة الاثني عشرية، محفوظ عن التغيير والتبديل، ومن قال منهم بوقوع النقصان فيه فقوله مردود غير مقبول عندهم...

وأن القرآن الذي أنزله الله على نبيّه، هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك... ويظهر القرآن بهذا الترتيب عند ظهور الإمام الثاني عشر.

والشرذمة القليلة التي قالت بوقوع التغيير فقولهم مردود عندهم ولا اعتداد به فيما بينهم»(2).

________________________________

1ـ مقالات الإسلاميين: 47، الاشعري، دار النشر فرانز ط 3، 1400هـ .

2ـ إظهار الحقّ 2: 182- 184، رحمة الله الهندي، ط 1 استانبول.

ـ(176)ـ

3ـ الشيخ محمد الغزالي السقا: «جاءني رجل من العوام مغضباً يتساءل: كيف أصدر شيخ الأزهر فتواه بان الشيعة مذهب إسلامي كسائر المذاهب المعروفة، ثمّ قال: لقد بلغني أن لهم قرآناً آخر، وانهم يذهبون إلى الكعبة كي يحقروها، فنظرت للرجل راثياً وقلت لـه: أنت معذور؛ إن بعضنا يشيع عن بعضنا الآخر ما يحاول به هدمه وجرح كرامته، مثلما يفعل الروس بالأمريكان والأمريكان بالروس، كأننا أمم متعادية لا أمة واحدة»(1).

4ـ الدكتور محمد عبدالله دراز: «ومهما يكن من أمر فإن هذا المصحف هو الوحيد المتداول في العالم الإسلامي بما فيه فرق الشيعة، منذ ثلاثة عشر قرناً من الزمان، ونذكر هنا رأي الشيعة الإماميّة - أهم فرق الشيعة- كما ورد بكتاب أبي جعفر الصدوق: إن اعتقادنا في جملة القرآن الذي أوحى به الله تعالى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله هو كلّ ما تحتويه دفّتا المصحف المتداول بين الناس لا أكثر»(2).

5ـ الأُستاذ محمد المديني عميد كلية الشريعة بالجامعة الأزهرية: «وأما أن الإماميّة  يعقتدون نقص القرآن فمعاذ الله، وإنّما هي روايات رويت في كتبهم، كما روي مثلها في كتبنا وأهل التحقيق من الفريقين قد زيّفوها وبيّنوا بطلانها، وليس في الشيعة الإماميّة أو الزيدية من يعتقد ذلك، كما أنه ليس في السنّة من يعتقده»(3).

6ـ الدكتور مصطفى الشكعة: «وهي مزاعم ينكرها كثير من عقلاء الشيعة وعلمائهم»(4).

7ـ الدكتور أحمد محمد جلي: «وقد أدرك علماء الشيعة خطورة هذه المزاعم

________________________________

1ـ رسالة الإسلام، العدد 11، 412، السنّة 11.

2ـ مدخل إلى القرآن الكريم: 39، محمد عبدالله دراز، دار القلمـ الكويت 1391 هـ.

3ـ رسالة الإسلام، العدد 4، 382، السنّة 11.

4ـ إسلام بلا مذاهب: 190، مصطفى الشكعة الدار المصرية 6، 1407 هـ

ـ(177)ـ

وخطلها، فنفوا عن القرآن التحريف زيادة أو نقصاً، ومن هؤلاء محمد بن علي بن بابويه القمي الملقب بالصدوق عند الشيعة، والسيد المرتضى، وأبو جعفر الطوسي، ورغم ان الشيعة المعاصرين أكدوا نفي التحريف عن القرآن زيادة ونقصاً، فإننا لا نجد أحداً منهم يرد على الكليني رداً صريحاً أو يظهر عدم الثقة به أو يرفض ما ذهب إليه»(1).

وقد اخطأ الدكتور جلي في الرد على روايات الكافي، فالعلماء ردّوا على الكليني، ومنهم السيد هاشم معروف الحسني حيث يقول: «والضعيف من روايات الكافي تسعة آلاف وأربعمائة وخمسة وثمانون حديثاً»(2).

ويقول العاملي: «إن الكليني إنّما أورد جانباً من هذا النوع من الروايات في قسم النوادر، الأمر الذي يشير إلى أنه يعتبرها أخبار آحاد وردت مورد الشذوذ والندرة»(3).

وقد ناقش بقية العلماء جميع روايات التحريف في الكافي وغيره.

8ـ الزرقاني: «يزعم بعض غلاة الشيعة أن عثمان ومن قبله أبو بكر وعمر أيضاً حرّفوا القرآن، واسقطوا كثيراً من آياته وسوره، إنّ بعض علماء الشيعة أنفسهم تبرأ من هذا السخف، ولم يطق أن يكون منسوباً إليهم وهو منهم »(4).

9ـ البهنساوي: «إن الشيعة الجعفرية الاثني عشرية يرون كفر من حرّف القرآن الذي أجمعت عليه الأُمة منذ صدر الإسلام... وإن المصحف الموجود بين أهل السنّة هو نفسه الموجود في مساجد وبيوت الشيعة»(5).

10ـ عبد الصبور شاهين: «إن الذين ألصقوا بالمصحف بعض روايات الكذب هم الغلاة»(6).

________________________________

1ـ دراسة عن الفرق: 231، احمد محمد جلي، الرياض ط 2، 1408 هـ.

2ـ دراسات في الحديث والمحدثين: 137.

3ـ حقائق هامة: 29.

4ـ مناهل العرفان 1: 280-281.

5ـ حقيقة الشيعة: 96.

6ـ تاريخ القرآن: 165، عبد الصبور شاهين.

ـ(178)ـ

11ـ الدكتورة عائشة المنّاعي: «ان فكرة تحريف القرآن فكرة شاذة لا تمثّل اتّجاهاً عامّاً، ولا اغلبياً في المذهب الشيعي، بل هو شذوذ وانحراف عن روح المذهب وقواعده ومقالاته... ان الأقوال التي يمكن ان تسجّل في تراث الشيعة ويفهم منها اعتقاد التحريف لا يكاد يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة في القديم والحديث على السواء »(1).

________________________________

1ـ رسالة التقريب، العدد الرابع: 188، 1414 هـ.