الاجتهاد ودوره في التجديد

الاجتهاد ودوره في التجديد

 

 

الاجتهاد ودوره في التجديد

 

الدكتور علي أبو البصل        

رئيس قسم الشريعة كلية   

الدراسات الإسلامية والعربية بدبي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أولاً ـ بين يدي الدراسة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم، المعلم الأول والهادي إلى صراط مستقيم، أما بعد:

فإن اسلامنا العظيم، قد حدد لنا طريقة التفكير المنتجة، حيث علمنا، كيف نفكر وكيف نحلل، وكيف نستخلص القرارات.

والشريعة الإسلامية جاءت بأحكام معللة بتحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم وهذا ما ثبت باستقراء الأحكام الشرعية. والاجتهاد والتجديد من الأمور التي ظهرت لتلبية حاجات الناس في معاملاتهم ومصالحهم العامة والخاصة ولولا حاجتهم لذلك لما عم وانتشر في العالم، والتجديد في الإسلام لم يشرع إلا لتحقيق المصالح للمكلفين. يقول العز بن عبدالسلام: (أما مصالح الدارين وأسبابها ومفاسدها فلا تعرف إلا بالشرع، فإن خفي منها شيء طلب من أدلة الشرع، وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس المعتبر والاستدلال الصحيح. وأما مصالح الدنيا، أسبابها ومفاسدها، فمعروفة بالضرورات والتجارب والعادات والظنون المعتبرات، فإن خفي شيء من ذلك، طلب من أدلته. ومن أراد أن يعرف المتناسبات والمصالح والمفاسد، راجحهما ومرجوحهما، فليعرض ذلك على عقله، بتقدير أن الشرع لم يرد به، ثم يبني عليه الأحكام، فلا يكاد حكم منها يخرج عن ذلك، إلا ما تعبد الله به عباده ولم يقفهم على مصلحته او مفسدته، وبذلك تعرف حسن الأعمال وقبحها)([1]).

يقول الغزالي: (أما المصلحة، فهي عبارة في الأصل عن جلب منفعة او دفع مضرة ولسنا نعني بها ذلك، فإن جلب المنفعة، ودفع المضرة مقاصد الخلق وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم، لكنا نغني بالمصلحة، المحافظة على مقصود الشرع، ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم. فكل ما يتضمن حفظ هذه الأُصول الخمسة فهو مصلحة؛ وكل ما يفوت هذه الأُصول فهو مفسدة، ودفعه مصلحة) ([2]).

قال القرافي w: (إن الشريعة المحمدية، اشتملت على أصول وفروع؛ وأصولها قسمان: أحدهما، المسمى بأصول الفقه وهي في غالب أمرها ليس فيها إلا قواعد الأحكام الناشئة من الألفاظ العربية … والقسم الثاني: قواعد كلية جليلة. كثيرة العدد، عظيمة المدد مشتملة على أسرار الشرع وحكمه، لكل قاعدة من الفروع في الشريعة مالا يحصى ولم يذكر منها شيء في أصول الفقه وإن كان يشار إليها هناك على سبيل الإجمال ويبقى تفصيله لم يتحصل …([3]).

 وهذا يعني أن القواعد الفقهية تختلف عن قواعد أصول الفقه؛ لأن قواعد أصول الفقه، تضع المناهج وتبين المسالك التي يلتزم بها المجتهد لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية. أما القواعد الفقهية، فهي حكم كلي ينطبق على معظم جزئياته ولهذا تكون ثمرة للقاعدة الأصولية والفروع([4]).

وقال الجويني: (المرعي في حق الآحاد حقيقة الضرورة وقد ذكرنا أنه لا يراعى، فيما يعم الكافة الضرورة، بل يكتفي بحاجة ظاهرة) ([5]).

هذا منهج اصولي قرره الإمام العز بن عبدالسلام ومعه في ذلك العلماء المحققون من الأصوليين كالشاطبي والغزالي وابن القيم وغيرهم ومقتضى هذا المنهج، أن الشريعة معللة بتحقيق المصالح ودرء المفاسد وأن الشارع الحكيم لم يشرع حكمأً عبثاً من غير فائدة، والمصالح تعرف بالشرع والعقل معاً؛ لأن العقل ينظر من وراء الشرع والحكم الشرعي وسيلة لتحقيق مصالح المكلفين وهذه المصالح يقررها الشرع ابتداء بالنص عليها صراحة، ومنها ما يكتشف من خلال العادات والتجارب؛ وحيثما تحققت المصلحة المعتبرة شرعاً، فثم شرع الله ودينه. وبناء على هذا المنهج نقول: إن الاجتهاد والتجديد يحقق المصالح للمكلفين وقد ظهرت هذه المصالح بالتجارب والعادات وهذه المصالح معتبرة شرعاً، وفقاً للمنهج الأصولي السالف الذكر؛ ومن هنا يكتسب الاجتهاد والتجديد مشروعيته واعتباره الشرعي.

والفقه المقارن، نوع من العلوم الإسلامية، يقوم على البحث العلمي الأصيل للفروع والمسائل المجتهد فيها للوصول في نهاية الأمر إلى رأي راجح فيها، يعمل به مع احترام الرأي المرجوح، بعيداً عن التعصب المذهبي والتقليد الأعمى. كما أن الفقه المقارن يبحث في المستجدات وذلك من خلال فهمها وتحليلها تحليلاً علمياً؛ لإيجاد تصور علمي لها ومن ثم البحث عن الأدلة النقلية والعقلية المتعلقة بها.

ويتم بحث المسألة المستجدة من قبل المجتهدين، بأسلوب علمي دقيق وبدهي أن يختلف المجتهدون فيها؛ واختلافهم رحمة لأنه يثري الفقه الإسلامي ويوسع الأمر على المكلفين.

والفقه المقارن يجمع الآراء المختلفة في المسألة الواحدة ويوازن بينهما وينقدها نقداً علمياً للوصول في نهاية الأمر إلى رأي راجح يسنده الدليل، دون تجريح او إساءة للرأي المرجوح. وهذا يستلزم احترام الرأي والرأي الآخر؛ لأن الأدلة الواردة في المسألة قيد البحث أدلة ظنية، تتسع للرأي والرأي الآخر وإلا لما كان ثمة اجتهاد فيها.

ومسائل الفقه المقارن لا حصر لها؛ لأنها تتولد مع الزمن شيئاً فشيئاً وهي التي تسمى بالمستجدات، بالاضافة إلى المسائل القديمة والتي استوفت بحثاً واستقرت في بطون الكتب والتي قد تبحث وتدرس مرة أخرى من أجل تدريب طلبة العلم والتقريب بين المذاهب الإسلامية وازالة التعصب المذهبي والوصول احياناً إلى رأي راجح جديد تقتضيه المصلحة في هذا العصر؛ لأنه لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان([6]).

والفقه الافتراضي، نوع من أنواع الفقه يقوم على تصور المجتهد قضايا لم تحدث على أرض الواقع ويقدم الحلول والأحكام الشرعية لها.

وفقه الواقع، نوع من أنواع الفقه يعني أن يقوم المجتهد باستنباط أحكام فقهية للمستجدات التي يطرحها الواقع ويؤكد عليها وبما لا يخالف الشرع؛ ورغم ذلك يظل فقه الواقع مفهوماً غير واضح في ذهن كثير من الناس والجهل في مفهومه يؤدي أحياناً إلى الهجوم عليه، ظناً من بعض الناس أنه تغلب للواقع على أصول الشريعة.

ويظن بعض الناس أن الواقع الجديد، يؤدي إلى نسف الفقه أو الأحكام الشرعية والخروج عليها دون ان يدرك مدلول الفقه الجديد او تجديد الفقه والذي يعني اسقاط أحكام فقهية جديدة تتناسب مع الواقع الجديد وهذا ليس خروجاً على الشريعة وإنّما إعمال لها، وضبط للواقع الجديد بضوابط الشريعة والتي تتمثل بعلوم الأُصول والحديث واللغة ومنطق العقل.

وفقه الواقع يحدد لنا طريق الاجتهاد ونوعه المطلوب؛ لأنه يفتح باب التجديد والتغيير والتطوير للواقع وفق ضوابط شرعية وقواعد أصولية لضبط عملية الاجتهاد.

إن ضياع المسلمين اليوم هو بسبب عدم قراءة الواقع جيداً وعدم قيام المجتهدين بواجبهم في تجديد الفقه في ظل الحاجة لذلك. والفقه مرن يقوم على قواعد وأصول ثابتة.

إن قضايا الواقع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والطبية، أفرزت قضايا جديدة تحتاج إلى اجتهاد جديد وفق النصوص والقواعد الأصولية والضوابط الفقهية، فتجدد الفقه اول ما يعني بهذه الإفرازات الواقعية الجديدة. ويهدف تجديد الفقه إعادة الناس إلى حقائق الإسلام، وإحياء مفاهيم الإسلام واستنهاض واقع الأمة على منهج الله سبحانه وتعالى، فليس التجديد اختراع أحكام تتولد عن الهوى والمزاج الشخصي وإنّما العودة بالواقع إلى منابع الشريعة الإسلامية. والخلاصة أن التجديد يعني إعادة تفسير وصياغة الفقه بلغة العصر؛ وربط الواقع بأصول الشريعة وضوابطها.

ثانياً ـ تحديد المفاهيم:

1ـ مفهوم الدين: وهو ما شرعه الله من الأحكام ويطلق على الملة والإسلام والعادة والسيرة والحساب والقهر والقضاء والحكم والطاعة والحرام والحلال والجزاء والرأي والسياسة. ودان وعصى وأطاع وذل وعز فهو من الأضداد ([7]).

2ـ الشريعة: وهي مجموعة الأُصول والعقائد والمبادئ والأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والجنائية التي شرعها الله لتنظيم حياة الفرد والمجتمع على الأرض وفق مراده، جل جلاله. وتتميز هذه الأنظمة والمبادئ بالشمول والثبات والتوازن والدوام؛ وذلك لأنها إلهية المصدر والمنشأ وما يحدث من تغيير في تطبيقات بعضها، فإنما يكون ذلك، نتيجة التغيير الذي طرأ على فهم الناس لها ومستوى إدراكهم لمقاصدها ومراميها وأهدافها. وليس هناك أي تغيير على حقائق تلك الأنظمة وجوهرها ([8]).

3ـ الفقه: هو العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال ([9]).

4ـ الأحكام: جمع حكم وهو لغة القضاء والحكمة وفي الاصطلاح خطاب الله المفيد فائدة شرعية ([10]).

5ـ الحلال: وهو لغة وشرعاً ضد الحرام، فيعم الواجب والمندوب والمكروه والمباح ([11]).

6ـ الحرام: وهو لغة المنع وشرعاً ما يثاب على تركه امتثالاً ويعاقب على فعله ([12]).

7ـ الاجتهاد: وهو بذل الجهد والطاقة في طلب العلم بأحكام الشريعة. ويعني استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي ويكون استفراغ الوسع ممن اجتمعت فيه شروط علمية معينة في عصر معين، من أجل التوصل إلى حسن تصور للمراد الإلهي من نصوص وحيه أو من أجل تطبيق المراد الإلهي في الواقع المعاش. وتحديد تلك الشروط العلمية متروك لطبيعة التغيرات والنوازل الفكرية والعلمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تتأثر بها تلك الشروط الواجبة الاجتماع في شخصية المجتهد كمّاً ونوعاً ([13]).

8 ـ التجديد: التحديث وأعادة البناء . تجديد الدين: العمل على اعادة فهم الدين كما كان السلف يفهم وعلى حسن تطبيقه في الواقع وفق أصله يوم نشأته. وذلك عن طريق تنقيته من المخالفات والبدع السيئة التي علقت به بسبب أهواء البشر على مر العصور والتصدي للمستجدات التي تحدث في كل عصر ومصر، بغية بيان حكم الله المعين فيها وجوباً او ندباً او حرمة او كراهة او إباحة. وهو بهذا المعنى صنو الاجتهاد في فهم الدين وفي حسن تطبيقه ([14]).

9ـ القضايا المعاصرة: وهي الأمور الجديدة التي لم تكن معروفة في عصر التشريع، او القضايا التي تغيرت موجبات الحكم عليها نتيجة التطور الطبيعي لعلاقات الإنسان او نتيجة لظروف طارئة([15]).

10ـ الفروع: المسائل الاجتهادية، التي لم ترد فيها نصوص صريحة واضحة او وردت فيها نصوص ظنية دلالةً وثبوتاً او دلالة لا ثبوتا.

ومنه قولهم: أحكام الشريعة أصول وفروع؛ فأما الفروع، فهي المسائل التي تتسع لتعدد الآراء والاجتهادات ولا ينكر فيها على المخالف؛ وأما الأُصول، فهي المسائل التي لا يقبل فيها تعدد الآراء ولا تعدد الاجتهادات وينكر فيها على المخالف([16]).

ثالثاً ـ الاجتهاد والتجديد والزمن:

يوجد تلازم بين الاجتهاد والتجديد والزمن؛ لأن العلاقة بينهم متفاعلة تتداخل فيها الخطوط. وهذا يستلزم فهم الواقع فهماً علمياً دقيقاً والواقع العام بكل مكوناته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية يفرض نفسه ويجعل الاجتهاد وسيلة حتمية للتجديد؛ لأن التجديد لا يتحقق في فراغ ولا بدافع الرغبة والهوى والمزاج الشخصي، بل هو عملية مدروسة ومخطط لها وفق أسس علمية ومن هنا جاء التلازم بين الفقيه المبدع والتجديد ويمكن تلخيص سماته بما يلي:

1ـ فهم آيات الأحكام، فقد ذكر العلماء رضي الله عنهم أن عدد الآيات التي هي أصول الأحكام في القرآن الكريم لا تزيد على خمسمائة آية.

2ـ فهم أحاديث الأحكام، فقد ذكر العلماء رضي الله عنهم أن عدد الأحاديث التي هي أصول الأحكام خمسمائة حديث منتشرة في كتب الحديث، فأول الأحكام في هذه الشريعة من القرآن الكريم والسنة هي أساس هذا التشريع الإسلامي الضخم الذي بقي إلى يومنا يؤتي منافعه لأبناء هذه الأمة.

3ـ أن تكون لديه طريقة تفكير منتجة تقوم على منطق أصول الفقه والحديث والعقل.

4ـ أن يفهم الواقع فهماً دقيقاً، وأن تكون لديه القدرة على استخدام وسائل الاتصال الحديثة بما في ذلك قاعدة معلوماتية صلبة.

5ـ أن تكون لديه القدرة على صياغة الفقه بلغة العصر وأن يقوم بإعادة تفسير التراث تفسيراً جديداً وبما يتفق مع معطيات العصر ومتغيراته.

6ـ أن تكون لديه القدرة على استخدام المنهج العلمي في البحث والتحليل والاستنتاج.

7ـ أن يكون عالماً بمواضع الإجماع والخلاف.

8 ـ التقوى والتي تستلزم الإخلاص والسعي للوصول إلى الحق والحقيقة.

وبهذا يكون التجديد مشروعاً متكاملاً، ينطلق من أرضية واقعية ومن نظرة شمولية لتستوعب حركة الزمن بدقة ووعي؛ وبهذا ينتقل المسلم من دور المنفعل إلى دور الفاعل ومن دور المتلقي والمتأثر إلى دور المؤثر والمنتج.

رابعاً ـ أدلة مشروعية الاجتهاد والتجديد

يستند الاجتهاد والتجديد إلى أدلة من القرآن والسنة والمعقول:

وأما من القرآن الكريم، فالأدلة على ذلك كثيرة نذكر منها:

1ـ قال تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف اذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) ([17]).

وجه الاستدلال بالآية:

الآية دعوة صريحة إلى الاستنباط والاجتهاد والتجديد وحث الفقهاء الذين عرفوا بالاجتهاد على القيام بذلك.

2ـ قال تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً)([18]).

وجه الاستدلال بالآية:

تدل الآية الكريمة على ضرورة الاجتهاد الواسع الذي تقوم عليه حياة الإسلام وما يصحب ذلك من خطأ متوقع وغير مقصود فهو عفو ومغتفر من أجل تحقيق التجديد والتطوير.

3ـ قال تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير)([19]).

وجه الاستدلال بالآية:

يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم. ورفعة الدرجات تدل على الفضل، إذ المراد به كثرة الثواب وبها ترتفع الدرجات. ورفعتها تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة وهذا دليل على ضرورة الاجتهاد والتجديد([20]).

4ـ قال تعالى: (رب زدني علماً) ([21]).

وجه الاستدلال بالآية:

الآية نص واضح الدلالة في فضل العلم؛ لأن الله تعالى لم يأمر نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بطلب الازدياد من شيء إلا من العلم؛ والمراد بالعلم، العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته والعلم بالله وصفاته وما يجب له من القيام بأمره وتنزيهه عن النقائص ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه وهذا يستلزم الاجتهاد والتجديد([22]).

وأما السنة، فالأدلة على الاجتهاد والتجديد من السنة كثيرة نذكر منها:

1ـ روى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها) ([23]).

وجه الاستدلال بالحديث:

يدل الحديث صراحة على ضرورة الاجتهاد والتجديد؛ لعمارة الكون وتطبيق شرع الله في عالم الواقع.

2ـ قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين، وإنّما أنا قاسمٌ والله يعطي. ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله) ([24]).

وجه الاستدلال بالحديث: حصر الحديث الخيرية في التفقه في الدين والتفقه لا يتحقق لا من خلال الاجتهاد والتجديد؛ لأن استمرارية بقاء الأمة على الحق منوط بذلك.

3ـ عن ابن مسعود قال: قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلط عليه هلكته في الحق ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها) ([25]).

وجه الاستدلال بالحديث:

يدل الحديث صراحة على الاجتهاد والتجديد، لأن الحكمة لا تتحقق لا بهما، والحكمة تعني وضع الشيء في مكانه الصحيح وهذا لا يتحقق إلا من خلال الفهم الدقيق والعميق للإسلام والواقع.

4ـ عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا) ([26]).

وجه الاستدلال بالحديث:

يدل الحديث على أن الجهل يولد الضلال والضياع، وأن الهداية لا تتحقق إلا بالعلم الذي يقوم على فهم الإسلام وتطبيقه في عالم الواقع، وهذا هو الاجتهاد والتجديد المطلوب شرعاً.

5ـ عن أنس قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يول : (من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد) ([27]).

وجه الاستدلال بالحديث: قال ابن حجر العسقلاني: مقصود الباب الحث على تعلم العلم، فإنه لا يرفع إلا بقبض العلماء، وما دام من يتعلم العلم موجوداً لا يحصل الرفع. وقد تبين في هذا الحديث أن رفعه من علامات الساعة([28]).

وهذا دليل على ضرورة الاجتهاد والتجديد؛ لمنع الجهل وعمارة الكون وفق شرع الله سبحانه وتعالى.

6ـ عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (يقبض العلم، ويظهر الجهل والفتن، ويكثر الهرج). قيل: يا رسول الله وما الهرج؟ فقال: هكذا بيده فحرفها، كأنه يريد القتل([29]).

وجه الاستدلال بالحديث: يدل الحديث على أن العلم من لوازم حياة المسلم وهو السبيل الوحيد لدفع الفتن عنه، والعلم يعني فهم الشريعة وفهم الواقع لربطه بمسلمات الشريعة وثوابتها، وهذا هو الاجتهاد والتجديد المطلوب شرعاً.

7ـ الإقرار: أقر حبيبنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ مبدأ الاجتهاد([30])، قولاً وعملاً؛ حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمعاذ عندما بعثه إلى اليمن، كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلوا([31])، فضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله ، لما يرضي رسول الله([32]).

وبهذا يكون ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد وضع حجر الأساس لهذا المبدأ لتبنى وتتخرج عليه الأحكام في الفروع والمستجدات مع الأيام إلى قيام الساعة. وهذا يؤكد أن المسلم مطالب بالاجتهاد والعمل بما أفضى إليه اجتهاده وبهذا يرجح جانب الصواب على جانب الخطأ في المسألة المجتهد فيها ليقول: ما ترجح لدي صواب يحتمل الخطأ؛ والرأي المرجوح في نظري خطأ يحتمل الصواب، دون تعصب مذهبي او تقليد اعمى([33]).

وأما المعقول:

فإن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان وتتسع لكل ما يجد للناس من أقضية وتقوم بتنظيم شؤونهم والوفاء بحاجاتهم مهما تباعدت ديارهم وتباينت اجناسهم واختلفت عاداتهم وطباعهم؛ ولما كانت قضايا الناس لا تقف عند حد ولا تدخل تحت حصر، كان من الجهل وقصر النظر، طلب النص الصريح من القرآن والسنة الذي ينطبق على هذه الأمور المتجددة يوماً بعد يوم. ولذلك جاءت الشريعة على نظام يضمن التناسق بين الأُصول والقواعد والضوابط الثابتة وبين الحوادث والنوازل العصرية المختلفة.

وعلى هذا نفهم قول الله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) ([34]). وبهذا المعنى ينبغي ان نفهم معنى التطور والتجديد في الشريعة وهي رحمة محضة وعناية ربانية بهذه الأمة.

قال استاذنا الزحيلي: (إن من أسباب تغير الأحكام الاجتهادية، اختلاف الأوضاع والأحوال ووسائل الحياة ومستجدات العصر وما قذفت به التطورات الحضارية المعقدة والمتنوعة والمتشابكة من أحداث وانظمة وعقود وترتيبات تقتضي التصدي لها باجتهاد حديث، لا يصادم النصوص الشرعية ولا يخرج عن روح التشريع ومقاصد الشريعة العامة وهذا مبدأ مقرر لدى علمائنا القدامى الذين ابتكروا مصادر اجتهادية تتجاوب مع معطيات الحياة ولا تصطدم مع أصول الشريعة، مثل الاستصلاح والاستحسان وسد الذرائع والعرف. ومثل القواعد الفقهية الكلية الرائعة؛ وأهمها ست قواعد عليها المذاهب الإسلامية وهي (الأمور بمقاصدها) و(اليقين لا يزول بالشك) و(المشقة تجلب التيسير) و(الضرر يزال) و(الحاجة منزلة الضرورة) و(العادة محكمة) وهذه القواعد مقررة في جميع المذاهب وفي جميع أبواب الفقه([35]).

خامساً: الفرق بين التجديد والحداثة الشاملة:

تبين لنا أن التجديد هو حكم جديد مستنبط من النص وربط للواقع بشتى مجالاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية وغيرها بضوابط الشريعة وقواعدها العامة وهو مطلوب شرعاً.

أما الحداثة فهي خروج على قواعد الشريعة ونصوصها، لأنه في جملته رفض للنصوص والمسلمات الشرعية، وهذا الخروج يعتمد فيه على الهوى والمزاج الشخصي تحت ستار منطق العقل.

وقد حسم الأمر في تحريمه ومنعه بقرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي وفيما يلي بيان ذلك:

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمر الحادي عشر بالمنامة في دولة البحرين، من 25 ـ 30 رجب 1419 هـ (14 ـ19 نوفمبر 1998م). بعد اطلاعه على الأبحاث المقدمة إلى المجمع بخصوص موضوع (الإسلام في مواجهة الحداثة الشاملة)، وفي ضوء المناقشات التي وجهت الأنظار إلى خطورة هذا الموضوع وكشفت وأوضحت حقيقة الحداثة بأنها مذهب فكري جديد، يقوم على تأليه العقل ورفض الغيب وإنكار الوحي وهدم كل موروث يتعلق بالمعتقدات والقيم والأخلاق.

وأن أهم خصائصها عند أصحابها:

ـ الاعتماد المطلق على العقل والاقتصار على معطيات العلم التجريبي بعيداً عن العقيدة الإسلامية الصحيحة.

ـ الفصل التام بين الدين وسائر المؤسسات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والخيرية. وبذلك تلتقي مع العلمانية.

لذا قرر المجمع ما يلي:

1ـ الحداثة بالمفهوم المنوه به مذهب إلحادي يأباه الله ورسوله والمؤمنون لمناقضته الإسلام وأصوله ومبادئه، مهما تلبست بمظهر الغيرة على الإسلام ودعوى تجديده.

2ـ إن في قواعد الإسلام وخصائص شريعته ما يفي بحاجة البشرية في كل زمان ومكان من حيث ابتناؤه على ثوابت يقينية لا تستقيم الحياة الإنسانية إلا بدوام وجودها، ومتغيرات تكفل التقدم والتطور وتستوعب كل جديد صالح من خلال الاجتهاد المنضبط المعتمد على مصادر التشريع المتنوعة.

التوصيات:

يوصي المجمع بما يلي:

أ ـ أن تهتم منظمة المؤتمر الإسلامي بتكوين لجنة من المفكرين المسلمين لرصد ظاهرة الحداثة ونتائجها ودراستها دراسة علمية موضوعية شاملة لتنبه إلى ما قد تشتمل عليه من زيف، لحماية الناشئة من أعضاء الأمة الإسلامية من الآثار الخطرة.

ب ـ على ولاة أمر المسلمين صد أساليب الحداثة عن المسلمين وبلادهم وأخذ التدابير اللازمة لوقايتهم منها.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ساساً: حكم الاجتهاد والتجديد:

تبين لنا أن الاجتهاد هو بذل الجهد في استخراج الأحكام من شواهدها الدالة عليها بالنظر المؤدي إليها او طلب الصواب بالامارات الدالة عليه وتطبيق ذلك في عالم الواقع وهذا هو التجديد وهو ما يسمى بالاجتهاد التطبيقي او تحقيق المناط. ولهذا يكون التجديد هو استخراج الأحكام للوقائع والمستجدات واعادة صياغة الاحكام الفقهية بلغة العصر.

 

 

والمخاطب بالاجتهاد والتجديد اهله وهم العلماء دون العامة، فإذا نزلت بالعالم نازلة، وجب عليه طلبها في النصوص والظواهر في منطوقها إلى مفهومها وفي افعال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، واقراره وفي اجماع علماء الأمصار. فإن وجد في شيء من ذلك ما يدل عليه قضى به وإن لم يجد طلبه في الأُصول والقياس عليها وبدأ في طلب الصلة بالنص. فإن وجد التعليل منصوصاً عليه عمل به، فإن لم يجد في النص، عدل إلى المفهوم. فإن لم يجد نظر في الأوصاف المؤثرة في ذلك الحكم.

والاجتهاد في حق العلماء على ثلاثة أضرب:

الأول: (فرض عين) ويكون في حالتين:

1ـ اجتهاد المجتهد في حق نفسه، فيما نزل به؛ لأن العالم لا يجوز أن يقلد في حقه ولا في حق غيره.

2ـ اجتهاد فيما تعين عليه الحكم فيه. فإذا ضاق وقت الحادثة، كان فرضها على الفور وإن اتسع وقتها كان فرضها على التراخي.

الثاني: (فرض كفاية) ويكون في حالتين:

1ـ في حق المستفتي إذا نزلت به حادثة فاستفتى أحد العلماء، كان فرضها متوجهاً على جميعهم وأخصهم بفرضها من خص بالسؤال عنها، فإن أجاب هو عنها او غيره سقط فرضه عن جميعهم، فإن أمسكوا مع ظهور الصواب لهم أثموا وإن أمسكوا مع التباسه عليهم عذروا.

2ـ أن يتردد الحكم بين قاضيين مشتركين في النظر، فيكون فرض الاجتهاد مشتركاً بينهما، فأيهما انفرد بالحكم سقط فرضه عنهما.

الثالث: (الندب) ويكون في حالتين:

1ـ فيما يجتهد فيه الحاكم من غير النوازل ليسبق إلى معرفة حكمه قبل نزوله.

2ـ أن يستفتيه سائل قبل نزولها به.

فيكون الاجتهاد في الحالتين ندباً([36]).

سابعاً: أقسام الاجتهاد وأنواعه:

أ ـ أقسام الاجتهاد

يقسم الاجتهاد إلى ثلاثة اقسام هي:

1ـ الاجتهاد المطلق، كاجتهاد الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وأهل المذاهب الثمانية.

2ـ الاجتهاد المذهبي ويكون من القادر على إقامة الأدلة في مذهب إمامه.

3ـ اجتهاد الفتوى ويكون من القادر على الترجيح ككبار المؤلفين من أهل المذهب([37]).

ب ـ أنواع الاجتهاد: توجد أنواع كثيرة للاجتهاد، نذكر منها: ([38]).

1ـ الاجتهاد الإبداعي: بذل المؤهل للاجتهاد وسعه، من أجل التوصل إلى فهم سديد جديد غير مسبوق إليه لنصوص الوحي، كتاباً وسنة، بناء على استعانته بجملة من الأدوات المعرفية المتاحة في عصره.

2ـ الاجتهاد الاستصلاحي: بذل المؤهل للاجتهاد، من أجل التوصل إلى المراد الإلهي من نصوص الوحي وذلك بتطبيق القواعد الكلية العامة والمستنبطة من الكتاب والسنة في جلب كل منفعة ودرء كل مفسدة.

مثاله: الحكم بأن مخالفة اشارات المرور اليوم أمر حرام، يثاب المكلف على الكف عنه ويعاقب على فعله. وذلك بدليل هذا الاجتهاد الذي تأكد من خلاله ما يترتب على مخالفة إشارات المرور اليوم من مفسدة حقيقية جسيمة، متمثلة في كونها أحد أسباب حوادث القتل والاصطدام. وعليه، فإن كان درء المفسدة أصلاً معتبراً وكانت مخالفة إشارات المرور مفسدة، لذا، فإنه لابد من درئها شرعاً.

3 ـ الاجتهاد الانتقائي / الترجيحي: اختيار المؤهل للاجتهاد احد الآراء المنقولة في التراث الفقهي المدون للفتوى والقضاء به، ترجيحاً له على غيره من الآراء والأقوال اعتباراً بملاءمة ذلك الرأي روح العصر ومتغيراته ومقتضياته الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وانسجامها معها وهذا النوع من الاجتهاد أقرب أن يكون تلفيقاً مؤسساً على نظرة اجتهادية متعمقة.

4ـ الاجتهاد الجماعي: استفراغ الوسع من مجموع المؤهلين وذوي الاختصاصات العلمية الدقيقة أهل المعرفة بالقضية المبحوثة من أجل تحصيل الظن بحكم شرعي في مسألة قديمة او حديثة لها ارتباط بحياة عموم الجماعة الإسلامية او بعض افرادها في قطر ما او في إقليم.

5ـ الاجتهاد القياسي: بذل الوسع من أجل التوصل إلى اثبات حكم او نفيه لواقعة، لم يرد فيها نص قطعي ولا نص ظني مباشر ولم يظهره اجماع صحيح سابق. ويسمى هذا الاجتهاد عند بعض الاصوليين الاجتهاد بالرأي، لأن مبناه على الرأي المحمود غالباً. ويسميه علماء أصوليون آخرون تخريج المناط.

6ـ الاجتهاد العملي: استفراغ الجهد وبذل غاية الوسع في تطبيق الأحكام الشرعية على الواقع الفردي والمجتمعي والإقليمي والعالمي. وهذا النوع من الاجتهاد لا يمكن أن ينقطع حتى ينقطع أصل التكليف، كما أنه لا يختص به طائفة من الأمة دون أخرى. لأن كل مكلف يبذل وسعه في تطبيق المراد الإلهي على وفق مقدراته وفهمه لذلك المراد، كما أنه لا يتطلب توفر الأفراد او الجماعات على أدوات معرفية بعينها لممارسة هذا النوع من الاجتهاد([39]).

ثامناً: مجال الاجتهاد:

الاجتهاد لا يكون في المسائل اليقينية، كأصول الاعتقاد والأخلاق، وأصول الشريعة والأمور المعلومة من الدين بالضرورة كأركان الإسلام؛ لأنها من مسلّمات الشريعة وثوابتها.

ويكون الاجتهاد في النوازل والمستجدات والفروع التي تحتاج إلى حكم شرعي وهي كثيرة لا حصر لها؛ لأنها تتولد مع الزمن شيئاً فشيئاً([40]).

نتائج الدراسة

1ـ ثبت بالاستقراء أن الشريعة الإسلامية، جاءت بأحكام معللة بتحقيق مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم.

2ـ الاجتهاد والتجديد ضرورة لتلبية حاجيات الناس في معاملاتهم ومصالحهم العامة والخاصة.

3ـ الفقه المقارن، نوع من العلوم الإسلامية، يقوم على البحث العلمي الأصيل، للفروع والمسائل المجتهد فيها، للوصول في نهاية الأمر إلى رأي راجح فيها، يعمل به، مع احترام الرأي المرجوح، بعيداً عن التعصب المذهبي والتقليد الأعمى.

4ـ الفقه الافتراضي، نوع من أنواع الفقه يقوم على تصور المجتهد قضايا لم تحدث على أرض الواقع ويقدم الحلول والأحكام الشرعية لها.

5ـ فقه الواقع، نوع من أنواع الفقه يعني أن يقوم المجتهد باستنباط أحكام فقهية للمستجدات التي يطرحها الواقع ويؤكد عليها، وفق قواعد وأصول الشريعة أي ضبط الواقع بضوابط الشريعة، وليس كما يظن تغلب الواقع على أصول الشريعة.

6ـ فقه الواقع يحدد طريق الاجتهاد المطلوب والذي يتمثل بالتجديد والتطوير للواقع وفق ضوابط شرعية وأصول ثابتة.

7 ـ إن ضياع المسلمين اليوم هو بسبب عدم قراءة الواقع جيداً وعدم قيام المجتهدين بواجبهم في تجديد الفقه في ظل الحاجة لذلك؛ بسبب كثرة قضايا الواقع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والطبية التي تحتاج إلى اجتهاد جديد.

8 ـ يهدف التجديد إلى إعادة الناس إلى حقائق الإسلام وإحياء مفاهيم الإسلام واستنهاض واقع الأمة على منهج الله سبحانه وتعالى، فليس التجديد اختراع أحكام، تتولد عن الهوى والمزاج الشخصي وإنّما العودة بالواقع إلى منابع الشريعة الإسلامية.

9ـ المجتهد المطلوب، هو المجتهد الذي يفهم قواعد الشريعة وضوابطها ويفهم الواقع ويستطيع صياغة الأحكام الفقهية بلغة العصر.

10ـ اختلاف الأحوال والأوضاع ووسائل الحياة ومستجدات العصر من أهم أسباب تغير الأحكام الاجتهادية؛ لأنه لا ينكر تغير الأحكام بتغير الزمان.

المصادر والمراجع

ـ ابن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ط 10 دار ابي حيان، القاهرة، 1966م.

ـ ابن اللحّام، القواعد والفوائد الأصولية، ط20، المكتبة العصرية، بيروت، 1999م.

ـ ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، المطبعة الأميرية، مصر.

ـ ابن الوكيل، الأشباه والنظائر، تحقيق د. أحمد بن الفقيري ط10، مكتبة الرشيد، السعودية، 1993م.

ـ إمام الحرمين الجويني، البرهان، تحقيق د. عبدالعظيم الديب، ط1، جامعة قطر.

ـ إمام الحرمين الجويني، غياث الأمم في التياث الظلم، تحقيق د. عبدالعظيم الديب، جامعة قطر.

ـ الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، تحقيق د. سيد الجميلي، ط10، دار الكتاب العربي، بيروت، 1984م.

ـ البيضاوي، نهاية السؤل، عالم الكتب، بيروت، 1988م.

ـ البيهقي، السنن الكبرى، دار المعرفة، بيروت.

ـ البهوتي، كشّاف القناع، عالم الكتب، بيروت.

ـ تاج الدين السبكي، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب، عالم الكتب، بيروت، 1983م.

ـ سلطنة عمان، وزارة العدل، ندوة الفقه الإسلامي، ط10 / 1410 هـ.

ـ السمعاني، قواطع الأدلة، ط10، مكتبة التوبة، الرياض، 1988م.

ـ الشوكاني، إرشاد الفحول، ط10، دار السلام، 1998م.

ـ الصاوي، حاشية الصاوي مع الشرح الصغير، وزارة العدل، الإمارات.

ـ العز بن عبدالسلام، قواعد الأحكام، مؤسسة الرسالة، بيروت.

ـ قطب مصطفى سانو، معجم مصطلحات أصول الفقه، ط10، دار الفكر المعاصر، لبنان، 2000م.

ـ علي أبو البصل، دراسات في الفقه المقارن، دار القلم، دبي ط10 / 2001م.

ـ عمر الأشقر، تاريخ الفقه الإسلامي، ط10، دار الفلاح، الكويت.

ـ الغزالي، المستصفى ط10، دار صادر، 1324 هـ.

ـ القرافي، الفروق، دار المعرفة، بيروت.

ـ مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، العدد الخامس، 1413 هـ ـ 1992م.

ـ مجلة مجمع الفقه الإسلامي، السنة التاسعة، العدد الحادي عشر، 1419 ـ 1998م.

([1] ). العز بن عبدالسلام، قواعد الأحكام، ج10، ص 10.

([2] ). الغزالي، المستصفى، ج10 ، ص 286.

([3] ). الفروق، ج10، ص 2.

([4] ). انظر: ابن الوكيل، الأشباه والنظائر، تحقيق د. أحمد بن الفيقري، ج10 ص 19 ـ 20، د. عمر الأشقر، تاريخ الفقه الإسلامي، ص 141.

([5] ). إمام الحرمين الجويني، غياث الأمم في التياث الظلم، تحقيق، د. عبدالعظيم الديب، جامعة قطر، ص 485.

([6] ). د. علي أبو البصل، دراسات في الفقه المقارن، ص 7ـ 8.

([7] ). البهوتي، كشاف القناع، ج10، ص 20.

([8] ). د. قطب مصطفى سانو، معجم مصطلحات أصول الفقه، ص149.

([9] ). ابن اللحام، القواعد والفوائد الاصولية، ص 17، وإمام الحرمين الجويني، البرهان، ج10، ص85.

([10] ). البهوتي، كشاف القناع، ج10 ، ص 20.

([11] ). البهوتي، كشاف القناع، ج10 ، ص 20.

([12] ). البهوتي، كشاف القناع، ج10 ، ص 20.

([13] ). د. قطب مصطفى سانو، معجم مصطلحات اصول الفقه، ص 27، والآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ج30 ، ص 140 وما بعدها، وابن عابدين، رد المحتار، ج50 ، ص 365.

([14] ). د. قطب مصطفى سانو، معجم مصطلحات أصول الفقه، ص 317.

([15] ). مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، العدد الخامس، لسنة 1413 هـ / 1992م، بحث للدكتور محمد رواس قلعه جي، بعنوان منهج معالجة القضايا المعاصرة في ضوء الفقه الإسلامي، ص 60.

([16] ). د. قطب مصطفى سانو، معجم مصطلحات أصول الفقه، ص 317.

([17] ). النساء/ 83.

([18] ). الأحزاب/ 5.

([19] ). المجادلة/11.

([20] ). فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج10 ، ص 274.

([21] ). طه/ 114.

([22] ). فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ج10 ، ص 274.

([23] ). رواه البيهقي في المعرفة، ج10 ص 124، وأبو داود في الملاحم، ج40 ، ص 109، والحاكم في المستدرك، ج40 ، ص 522، والحديث صحيح الإسناد، وصالح للاحتجاج به.

([24] ). فتح الباري، ج10، ص 313.

([25] ). فتح الباري، ج10 ص 316.

([26] ). فتح الباري، ج10 ، ص 370.

([27] ). فتح الباري، ج10 ، ص 337.

([28] ). فتح الباري، ج10 ، ص 337.

([29] ). فتح الباري ج10 ، ص 346.

([30] ). الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ج30، ص 140 وما بعدها، وابن عابدين، رد المحتار، ج50، ص 365.

([31] ). لا آلوا: لا أقصر في الاجتهاد ولا أترك بلوغ الوسع فيه.

([32] ). ابو داود، سنن أبي داود، ج40، ص 18.

([33] ). د. علي أبو البصل، دراسات في الفقه المقارن، ص 10.

([34] ). الأنعام/ 38.

([35] ). مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية، العدد الخامس 1413 هـ / 1992م، بحث بعنوان تغير الاجتهاد، للأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي، ص 41 ـ 40.

([36] ). لسمعاني، قواطع الأدلة في أصول الفقه، تحقيق الدكتور علي بن عبّاس ، ج50 ص 1 ، وما بعدها. وتاج الدين السبكي، رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب، تحقيق ودراسة الشيخ علي محمد والشيخ عادل أحمد، ج40 ص 528 وما بعدها. والبيضاوي، نهاية السول، ج40 ص 524 وما بعدها. والغزالي، المستصفى ج20 ص 350 وما بعدها. والطوفي، شرح مختصر الروضة ج30 ص 575 وما بعدها. والشوكاني، ارشاد الفحول، ج20 ص 714 وما بعدها.

([37] ). الصاوي، حاشية الصاوي مع الشرح الصغير، ج40 ، ص 188.

([38] ). د. قطب مصطفى سانو، معجم مصطلحات أصول الفقه، ص 28.

([39] ). د. قطب مصطفى سانو، معجم مصطلحات أصول الفقه، ص 29، 30، 32، 33.

([40] ). القرافي، الذخيرة، ج10 ص 143 وما بعدها، وندوة الفقه الإسلامي المنعقدة بجامعة السلطان قابوس في الفترة من 22 ـ 26 شعبان 1408 هـ ، 9 ـ 13 أبريل 1988م، ط10 ،  ص 79، 552،737.