تطور التكفير عند جماعات التكفيرية الجذور والعوامل

تطور التكفير عند جماعات التكفيرية الجذور والعوامل

 

  

تطور التكفير عند جماعات التكفيرية

الجذور والعوامل

 سبل المواجهة قراءة تاريخية وسيوسولوجية

 

                                                                                       د. يحيى فرحات

 

تختلف النخب الفكرية – الثقافية في مقاربة الظواهر اللامعقولة التي تعصف بالعالم العربي الا وهي تنامي وتعاظم دور جماعات العنف التكفيري، حول اسباب نشوء هذه الظواهر وكيفية مقاربتها، ويعود ذلك الى الرؤى المسبقة او الخلفيات الفكرية والعقائدية ، سواء منها السياسي او القومي او المذهبي.

نحن إذن امام ظاهرة خطيرة وشديدة التعقيد والتداخل، إذ تشهد المنطقة العربية والاسلامية في هذه المرحلة من تاريخها ، اضطراباً فكرياً وتشظي اجتماعي لا مثيل له، ادى الى اختلال التوازن النفسي على مستوى الفرد والمجموعة على مستوى الهوية والانتماء الإنساني ، أي مستقبل ينتظر هذا الجيل ، وأي رابطة اجتماعية او قومية او وطنية يمكن ان يؤسس عليه مجتمعنا الحاضر واللاحق.

تُعد التيارات التكفيرية "تيارات مضّرة وخطرة في التاريخ، وله سوابق تاريخية الا انه قد اكتسب حياة جديدة وقوة إضافية في السنوت الأخيرة[1] ادت الى نفور شديد في الضمير الإنساني. مع ما نشاهده من البشاعة في الطرق والأساليب المتوحشة "والمقدسة" التي تنبع من الفكر الذي يفترض به انه رحمة للعالمين"[2].

فهو "يقدم مقولات ناجزة ومقدسة حول طهارة المجرم ونزاهته"[3] وهو امر فرض على علماء العالم الاسلامي ونخبه وحكمائه. ان هذا الامر قد افتعله العدو كمشكلة للعالم الاسلامي ونحن مضطرون لمواجهته، في حين ان القضية الأساسية هي الكيان الصهيوني وهي قضية القدس[4]" فثقافتنا الموروثة وعقليتنا العربية والاسلامية قد اشربت هذا النوع من التماهي مفهوم الآخر ، والقبيلة والصحراء، إنه العقل الجمعي لشعوبنا التي لا حدود لها. السؤال الأساسي "من ساهم وبث هذا اللامعقول الغرائزي الى حياتنا من جديد، "نحن من قبلنا التكفير بدلاً عن التفكير، نحن الذين جئنا بالخطر والشر الى ربوعنا[5] ، إنه "الليل الأسود الذي يعبر فيه عالم المسلمين اليوم"[6]

استطاعت هذه التنظيمات التكفيرية من تنفيذ الخيال الاجرامي في النفس الانسانية الى واقع مصور ومعيوش في كرنفالية تستحي منها حتى البهائم " إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [7]. فإذا كان التشبيه بالأنعام وهم على مستوى الشكل مختلفون عن البشر إذن بأي صبغة تختلف او تضل السبيل اكثر من البهائم . انها الصفة الانسانية التي نزعت منهم

قامت "بتوثيق إغتياله للكرامة. والقيم الإنسانية، معتبراً إن الجريمة فضيلة والتوحش جهاداً ، والغلو ديناً والتطرف مذهباً والعدوانية واجباً والتعصب قاعدة والتكفير أصلاً، والدموية فقهاً والترهيب منهجاً محموداً واغتصاب إنسانية البشر شرعاً والهوس المرضي القتل... وقطع الرؤوس وسيلة من وسائل التقرب الى الله، وقتل الأخر وذبحه ضرورة لإقامة حكم الله في الارض [8]. والمنهج الفطري القائم " لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)[9].

كل هذا يتطلب من الباحثين والنخب الفكري والتربوية والسياسية جهد كبير لمواجهة هؤلاء . فهي مسؤولية كل جهة او طائفة "[10] ، فهم أيضاً من مسؤوليتنا منهم ضحايا وجلادون في آن معاً.[11]. ومن هذا المشهد اعتبر البعض أن الملحدين افضل منهم" هؤلاء الوحوش الجدد بحسب الرؤيا يسيئون الى الله. لأنهم يستبيحون دماء الأبرياء ويرتكبون المآثم والمجازر باسم الله ... فالملحدون احسن منهم وافضل منهم لأنهم لا ينسبون الى الله خطاياهم وشرهم"[12]. فالمال هذا الجهد الذي اسماه الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني في كلمته في افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة "العالم في مواجهة الإرهاب والتطرف واليوم تدعوكم جمهورية ايران الاسلامية والمجتمع الدولي بأسره لاتخاذ خطوة الى الامام في دعوة للإنضمام ... يجب علينا قبول ان نكون قادرين على فتح أفق جديد يمكن من خلاله ان يسود السلم على الحرب والتسامح على العنف والتقدم اكثر من إراقة الدماء والعدالة على التمييز والأزدهار على الفقر والحرية على الاستبداد[13].

وقد تداعت الكثير من المؤسسات دينية او بحثية للبحث والنقاش حول هذه الظاهرة التي عصفت بالأمة العربية والاسلامية. من فقه الأزمة الذي اصدرته وزارة الأوقاف السورية الى المؤتمر العالمي لمواجهة التيارات التكفيرية . 2015 في إيران، الى المؤتمر العالمي الذي انعقد في الأزهر الشريف 2014 ، يأتي هذا المؤتمر المنعقد بتاريخ 27-و 29/12/2016 بدعوى كريمة من المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية تحت عنوان الأزمات الراهنة في العالم الإسلامي على امل ان يقدم اجابات شافية ووافية بحثاً وتنقيباً حول هذه الظاهرة وكيفية مواجهتها معاً مسلمين سنة وشيعة ودروز ومسلمون ومسيحيون ، محبّة وخوفاً على "جيل كامل يتكون ثقافياً ومسلكياً على الحقد والعنف"[14].

شكّل الاتجاه السلفي[15] في التاريخ الاسلامي ومرجعية فكرية وعملانية كتيار فكري عابر للطوائف السنية الثلاثة – الاحناف[16] – الشافعية[17] – المالكية[18] – مركزاً ضمن المذهب السني الرابع الحنابلة وان كان هم اقلية المذاهب الاسلامية ضمن جغرافيا الانتشار والاعداد المقلدين لهذه المذهب"[19] ومعترف به رسمياً سواء في العصر العباسي الى ان تم تثبت المذاهب الاربعة رسمياً سنة (663ه/ 1264م) على يد السلطان بيبرس المملوكي".[20]

الا أن هذه المدرسة قد واجهت صعوبات كثيرة في تقبلهم من قبل المدرسة السنية الرسمية،[21] الى ان بعثت من جديد على يد الإمام محمد بن عبد الوهاب           (ت 1207ه/1791) ان استطاعت ان تكون لأول مرة المذهب الرسمي لدولة اسلامية وهي المملكة العربية السعودية، ليشهد العصر الحديث والمعاصر انبعاث الحنابلة عبر الوهابية، التي طغت على المشهد الاسلامي السني، لعل ابرز ما يميز هذه السلفية هي الدعوة الى استخدام القوة والعنف ضد المخالفين واباحة دمائهم ومالهم. وقد اعتبر الشيخ محمد محسن بن عبد الوهاب زمنه هو زمن الشرك المخرج من الملة [22]، لقد فتح الشيخ محمد بن عبد الوهاب – ابواب التكفير على مصاريعها وكرس مفاهيم العداوة والقطيعة[23] والبراءة واحكام الشرك والتكفير واردة "بل تكفرون من توقف عن تكفير من كفرتموه[24].

هذه اللغة الوهابية تتحول بعد التقارب الذي سوف يحصل بين اتباعها واتباع السفلية القطبية الى المنبع الاول الذي تستقي من الحركات الجهادية والتكفيرية كل مبرراته ومسوغاتها ومقولاتها ومفاهيمها في تكفير الناس والانظمة.[25]

والأغرب أن هذه التيارات التي تخوض معركة الوصول للسلطة، هي غير قادرة على قيادة المجتمع الذي تنشط فيه وتدعي تمثيله.[26].

وهي في سنيتها تعيش أزمة ثقافية في فكرها المتعنت والمتطلب الذي لا يقدر على القيام بالمهام الوظائفية لقيادة المجتمع . وذلك لما تحملها من رؤى ما قبلية لواقع حاضر ومرتكزات فكرية طوباوية متغربة عن الواقع والدين والفطرة السليمة. ولا يكفي تحليل الدوافع المحركة لنشط هذه الجماعة . لفهم جذر الأزمة، " إذ لا بد من العودة الى نمطيات التفكير المتحكمة بها.[27]

اختلفت الآراء حول تحديد المرتكزات المؤثرة والدافعة لهذا التيار، بين ما هو عامل ديني او عامل اجتماعي ، سياسي ، او البعد السياسي[28].

والواقع انا ارجح ان الأساس في نمو هذه التيارات هو الخلفية العقائدية التي استطاعت ان تصل الى السلطة كمذهب مع تأسيس المملكة العربية السعودية التي تنبت المذهب الحنبلي بصفته الوهابية.

وهنا لا بد من الإشارة الى ان العنف ليس مرتبط بالدين او ان الأصولية هي حكراً على الدين الاسلامي، فالعنف هو ظاهرة إنسانية . فالعنف بدأ مع الأنسان ومازال مستمراً " مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ..... وما ذكره الفيلسوف الانكليزي توماس هوبس (ت1679م) "الإنسان ذئب لأخيه الانسان"[29] اما وما ذكره الفيلسوف الإلماني هيغل (ت 1831م) "الانسان شهوة لقتل الآخر والغائه[30].

كما يمكن ان نقارن عنف الغرب الذي فاق عنف التكفيريين ، مجازر الحرب العالمية الاولى 1914- 1918، والحرب العالمية الثانية 1939- 1945 والقنابل الذرية التي القيت على اليابان وعنف النازية، وتغطية الجرائم والمجازر المرتكبة من قبل حلفاء الغرب وبالأخص بدعم وتغطية جرائم الكيان الصهيوني، وفي التهديد اليومي من خلال اسلحة الدمار الشامل، والاّ ما الفارق بين اجرام هنا واجرام هناك أو بين السيف والقنابل الخارقة والحارقة، والمجازر والابادة الجماعية ، والأسلحة النووية والجرثومية.

ولهذا فالأزمة الحضارية تشمل الجميع سواء في الشرق الاسلامي او الغرب فالجميع مأزوم وهي وان كانت المسؤولية اول ما تقع علينا كمسلمين اتباع الرسالة الاسلامية – اصحاب رسالة وحضارة ، فنحن اولى من يتطرق لكي يعالج هذا الموضوع الغريب عن الاسلام المحمدي الاصيل. " وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ "[31] ولا بد من "تشكيل نهضة علمية ومنطقية شاملة من قبل جميع المذاهب الاسلامية من اجل اقتلاع تيار التكفير ومثل هذا لا يختصر  بمذهب دون آخر، فعلى جميع المذاهب الاسلامية التي تتحرق من اجل الاسلام وتؤمن به وحرص عليه ان تشارك في تحمل هذه المسؤولية يجب علينا القيام بحركة علمية عظيمة.

لقد قام اولئك [التكفيريون] تحت شعارهم الكاذب إتباع السلف الصالح بالنزول الى هذا الميدان . يجب ان نثبت براءة السلف الصالح لما يرتكبه هؤلاء ... ويجب عليكم ان تخلصوا الشباب ، فهناك مجموعة منهم وقعت تحت تأثير هذه الأفكار المضلّة.[32].

 وتجدر الإشارة الى إن العنف التكفيري لا يرتبط بالمسلمين "السنة" اذ إن التكفير هو ايضاً ظاهرة دينية وعند جميع المسلمين دون استثناء ... ولم تقتصر ايضاً عليهم بل ظهرت كمنهج عقائدي في الديانات السماوية[33] وفي الأيديولوجيات العقائدية المادية كالعلمانية والشيوعية. تماثلت في بعض سلوكياتها مع التطرف الذي تحول الى مركز من ركن العنصرية واو الأثنية[34] .

فعلينا السعي الى لا ضرورة تفعيل دور العقل والتفكير الحر. عبر الاعتماد على التفكير العقلي والاجتهاد التجديدي مقابل اسلوب الجمود على حرفية النصوص وقشريتها"[35] قد غلب على السلطات المتعاقبة استعمال العنف والآن اصبح في متناول الجميع دون اي رادع، في عشوائية مفرطة، ادخلتنا في ازمة الوعي، انه جنون الفوضى الخلاّقة، اذ دخل التكفير والعنف في العولمة ، فلا جغرافيا تحده، ويستطيع اي فرد ان يساهم فيه.

وبات الآن موضة يتسابق عليها الصغير والكبير وفق منظومة تربوية اخرجت الانسان وما تزال من بعده الإنساني الى ... المتحولون التي دأبت السينما الاميركية على انتاجه ضمن سلسلة متحول (1) ومتحول (2) وفق سيرورة معينة فاقت التصور والتخيل.

وبتنا اليوم نتعاطف مع متحول (2) ضد متحول (1) وربما لاحقاً نتعاطف مع متحول (2) ضد محول (3) الخ...

 

المرتكزات الفكرية – مرحلة التأسيس

نشأت في العالم الاسلامي في منتصف القرن الثالث الهجري تيارات ومدارس ثقافية وفكرية وكلامية ، انقسم حولها المسلمون في قضايا فلسفية المنشأ تارة وسياسية اخرى تحولت الى مرتكز ديني كما حصل مع الخوارج.

او بتأثيرات التفاعل مع شعوب واثنيات وثقافات واديان ، نتيجة الاحتكاك اثر الفتوحات الاسلامية في العصر الراشدي الاول (11ه/ 632 م 40ه / 660 م). ثم في العصر العباسي الاول.

من البساطة والبداوة حاملين معهم الثقافة الجديدة للعالم، الذي ادى الى خلق النقاشات الدينية مع اديان سابقة كاليهود والنصارى والبراهمة والمجوس وكل من هؤلاء ادلى ما عنده من رؤيتة الكلامية والفلسفية والدينية حول العالم.

ومع عصر الترجمة الى العربية من المراكز الثقافية المتعددة آنذاك ، الهندية واليونانية والفارسية ، التي احدثت تحولاً في الفكر العربي والاسلامي، اذ أثرت فيه ، تفاعلاً وانتاجاً، على مستوى الافكار والعقائد والسلوكيات[36] والنظم الادارية للدولة، مما ادى الى نشوء تيارات فلسفية وكلامية داخل اهل الاسلام . وما يعنينا هنا ، هو نشوء المدرسة الكلامية "المعتزلة" وما انتجته من فكر كلامي كبير. اصطدم بالمدرسة التقليدية التي تبنت الفهم التقليدي الدين عرفوا "بأهل الحديث" ، ولاحقاً بالسلفية بعد أن اسس الامام ابو الحسن الأشعري (ت324ه/ 838 م) عقيدته والتي اصبحت الركيزة الأساس في معتقد معظم اهل السنة، وبقي القسم القليل الذي بقي على المدرسة التي عرفت فيما بعد بالسلفية او أهل الحديث[37] أو ... المتمسكون بفهم النص الديني دون تأويل.

ولتبدأ المشكلة الاساس هي اللغة ، فهي عند المعتزلة[38] كائن يتطور ينمو ويؤول وهذا انعكس على المفاهيم ككلام الله، وحرية الانسان وغيرها من المسائل[39].

ثم لحقه نمو الفكر الصوفي والذي يتبنى تأويل النصوص وفق المنظور الصوفي، وما سوف يرافقه من عقائد فلسفية وباطنية، كل هذا ساهم في بلورة الشخصية السلفية  كردة فعل وفق آراء المؤسس احمد بن حنبل، (ت 241 ه / 855 م) وقد سبق ذلك نشوء "المذاهب الفقهية وبالأخص مؤسس المذهب الحنفي – ابو حنيفة النعمان (ت 150 ه /767 م ) صاحب اتجاه اعمال الرأي في قراءة النصوص . ادى الى نشوء مدرستان.[40]

إذن ساهمت في نشوء هذا الاتجاه عوامل عديدة ابرزها مواجهة جهة المعتزلة والخوارج والشيعة[41] والصوفية. والانشقاق الأبرز الذي احدثه لاحقاً ، منهج الكلامي لأبي الحسن الأشعري (ت 324ه/935م ) الذي زاوج بين اعمال العقل والتفسير الحرفي في النصوص الدينية ، لتستقر غالبية السنة على الاتجاه الاشعري والماتريدي[42].

ادت مواجهة فتنة خلق القرآن في عهد المأمون[43] والمعتصم[44] الى معاقبة كل من لم يؤمن بأن النص القرآني مخلوق وليس ازلي[45] ، او ما عرف في التاريخ الاسلامي بفتنة خلق القرآن،[46] وعلى رأسهم "احمد بن حنبل" الذي برز اسمه كأحد الشخصيات التاريخية التي ناصرت الاسلام[47]، وحتى عُدّ كعمر بن الخطاب وصلاح الدين الايوبي (ت 589/ 1193م).

وباتت مدرسته هي الاسلام نفسه لا غير ، فاذا سألاك (الملكين) فقل رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً. لا أشعري ولا معتزلي ، بل حنبلي سني"[48]. ومن "تمسك بمذهب احمد بن حنبل في الأصول مسامحته فيما اجترح او فرط في الفروع[49]" ومن ابغض احمد بن حنبل فهو كافر"[50].

وفق قاعدة تسلسلية "فقلت يطلق عليه اسم الكفر فقال نعم، من ابغض احمد بن حنبل عاند السنة ومن عاند السنة قصد الصحابة ومن قصد الصحابة ابغض النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ابغض النبي صلى الله عليه وسلم كفر بالله العظيم"[51].

وفق هذه الرؤية وما انتج من افكار وعقائد في خط المواجهة تشكل لدى اصحاب هذا الاتجاه المرتكزات التالية:

أولاً _ رفض التأويل اللغوي[52] في النصوص الدينية، وحصره بما فهمه الصدر الاول من الصحابة والتابعين.

ثانياً- المرجعية التاريخية المؤسسة للفهم وهي السلف الصالح، "وخير القرون قرني ثم الذي يليه وثم الذي يليه"[53].

ثالثاً : حصرية المعرفة بالسماع دون اعمال العقل.

رابعاً: انهم الممثلون الحقيقيون للفرقة الناجية[54].

ويمكن اعتماداً على هذا التأسيس ان نفهم كيف دفعتهم هذه المرتكزات. الى مجموعة من العقائد والأفكار التي خالفوا في الكثير منها الغالبية من اهل "السنة والجماعة"، ففي المبدأ الاول رفض التأويل اللغوي واعتباره تكذيباً وباطلاً"[55].

المغالة في تكفير من قال بأن القرآن مخلوق، وغالوا ايضاً في تكفير من قال بأن القرآن كلام الله الأزلي "واعتبر من قال بأن لفظه مخلوق أو شكّ في كفره "فهو كافر"[56]. وبالتالي بدعوا الأشعرية ثم كفروهم.

ثانياً: مرجعية السلف الصالح في العقائد والأفكار والسلوكيات هي الضامن الأساسي للإسلام، وبالتالي فكل ما صدر عنهم هو الاسلام نفسه وكل ما لا يصدر عنهم في اي واقعة فهي "البدعة" وفق تفسيرهم، الأمر الذي ادى بهم الى "تكفير" و"تبديع" كل من أشكل على بعض الصحابة او ايد اي اتجاه على آخر[57]، او على كل من حصر المعرفة بالقرآن أو السنة كأبي حنيفة النعمان[58]. او من انتقد اصحاب الحديث "فهو عندهم زنديق"[59].

ولهذا كان عندهم التزهيد في التحاكم الى القرآن الكريم والمبالغة في الآثار. "واذا سمعت الرجل يطعن على الآثار . او يرد الآثار او يريد غير الآثار فاتهمه على الاسلام"[60].

وبالتالي يمكن فهم ما ورد من نقاش بين ابو الحسن الأشعري والبربهاري احد كبار الحنابلة "لما دخل الأشعري بغداد ، قال رددت على المعتزلة والنصارى والمجوس ... فقال البربهاري ما ادري مما قلت لا قليلاً ولا كثيراً، ولا تعرف الا ما قاله احمد بن حنبل ، فخرج الأشعري . وصنف له الإبانة فلم يقبله منه"[61].

وايضاً يمكن فهم انماط السلوك عندهم من النقاش الذي دار بين "احمد بن حنبل" مع زوجته ام ابنه عبد الله التي سألته "هل تنكر مني شيئاً ، فقال: لا إلا هذا النعل الذي تلبسه ، لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فباعته"[62].

وفي حصرية الاتباع حتى في الترتيب الزمني للخلفاء فقد سئل احمد بن حنبل عن رجل يقدم علياً على ابي بكر وعمر، تقديم افضلية دون الطعن فيهما "انصلي خلفه قال: لا تصلي خلف هذا".

ثالثاً: حصرية المعرفة بالسماع دون العقل

ادت هذه الفكرة الى الثوابت التالية:

1-      عدم تأويل الحديث

2-      رفض استعمال العقل لانه يؤدي الى التأويل.

3-   ارجحية السنة على القرآن ضمناً، وفق القاعدة ان القرآن احوج الى السنة من السنة الى القرآن[63]، وما عبر عنه احمد بن حنبل نفسه عندما قال له احدهم "حيّاك الله يا ابا عبد الله على الاسلام فأجابه : وعلى السنة"[64].

"لا تفسر شيئا من هذه بهواك فإن الإيمان بهذا واجب فمن فسر شيئاً من هذا بهواه ورده فهو جهمي"[65]."إنه ليس في السنة قياس ولا تضرب بها الأمثال ولا تتبع الأهواء، هو التصديق بأثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا كيف ولا شرح ولا يقال لم؟ ولا كيف"[66].

رابعاً: أنهم الممثلون الحقيقيون للفرقة الناجية.

لقد برز الامام احمد بن حنبل المدافع الأكبر عن الاسلام والسنة[67]. وتم التأكيد على مرجعيته في العقيدة والسلوك ، فقد ورد ان "الاجماع على اصوله التي اعتقد، والأخذ بصحة الاخبار التي اعتمدها، حتى من زاغ عن هذا الأصل كفروه، وحذروا منه وهجروه"[68]. ومن "أظهر له عناداً وبغضاً، الا واتفقت الألسن على ضلالته، وسفه في عقله وجهالته"[69]. كل هذه المرجعيات الحاكمة على هذه المدرسة ورؤيتها الدينية للعالم وللآخر. باعتبارها قواعد حصينة لحماية الاسلام وفق هذه العقلية، نفهم نشأة التكفير عند هؤلاء وان كان يغلب ذلك على العقائد والتبديع في مجالات اخرى. وابتعدوا كثيراً عن تكفير المسلمين على الذنوب والمعاصي.

وقد تطورت هذه المدرسة وتوسع مجال التكفير عندهم الى مجالات متعددة ظلت متأرجحة أو غير واضحة الى ما قبل القرن الثامن الهجري الرابع عشر ميلادي. مع صعود نجم تقي الدين احمد بن تيمية (ت 728 ه/ 1327 م) في دمشق ليوسع دائرة التكفير في المستوى العقائدي ويحسم الكثير من القضايا المتأرجحة والتي لم يحسم تكفيرها او تبديعها في المدرسة الحنبلية. مثل التوسل وزيارة القبور وغيره كثير.

وقد أسس مقولات تكفيرية من اخطر المسائل في التكفير وهما:

الأولى: تأسيسه لمقولات ثلاث في التوحيد.

1-      توحيد الألوهية.[70]

2-      توحيد الربوبة[71]

3-      توحيد الأسماء والصفات[72]

المقولة الثانية : وهي من المقولات التكفيرية وهي :

الثانية : مفهوم الأسماء والاحكام[73]

وهي ايضاً من المسائل التي جرت ولا تزال علينا الويلات فمن لا ينطبق عليه ولو تأويلاً انه مسلم كفر او اعتبر مشركاً، وبالتالي يصدق عليه لقب الكافر أو مرتداً وما يستتبعه من احكام القصاص، او مسلماً وفق الرؤية التيمية.

وعلى هاتين المقولتين اسس الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ت 1791م ) دعوته ، فالدار التي يحكمها دار اسلام والتي لا يحكمها دار شرك[74] ، وفي حوارية الشيخ محمد بن عبد الوهاب مع اخيه سليمان الذي قال له: انك وضعت ركناً سادساً للإسلام وهو من لا يتعك فليس بمسلم"[75].

ولم يتوقف الامر عند هذا الحد، فالذي يتحرج من تكفير اهل لا اله الا الله هو كافر"[76] .

اي من انبه ضميره ودينه في تكفير المسلم يأتي الحكم القاطع عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب بتكفيره لأنه تحرج في تكفير المخالف لدعوته.

وإن من قال لا إله الا الله حال الحرب يقتل ولا يتوقف كما فعل اسامة بن زيد[77].

هذا على المستوى الفردي، والاجتماعي (نجد هذا التشدد). وفي تقاطع التكفير بالسياسة ، نجد ان الخلافة العثمانية عند علماء الوهابية كافرة "وان من لم يكفرها فهو كافر لا يعرف معنى لا اله الا الله، وأن من أعانهم فقد ارتكب الردة صريحة”[78]،  وبالتالي يصبح عند هؤلاء وفق مفهوم التكفير ليصبح المشرك الاصلي افضل حالاً من المسلم الحالي " المشركون افضل من المسلمين المخالفين له "الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، اصح قولاً واخف شركاً من هؤلاء".

ولا اوافق رأي بعض الباحثين الذي ذهب الى ان "تنظيم داعش أو غيرها،  لم ينبع من كتب التراث[79] او ان نشأة الحزب في الاسلام قد فهمه العامة، بأن من لم ينضوي تحت هذا الحزب ليس مسلماً[80] ويمكن ان نقول ان الحزب مفهوم عصري، كما يمكن ان نفسر حصرية فهم الاسلام عند المدرسة الحنبلية، وماذا تعني الفرقة الناجية غير ذلك، فاذا كان مسلماً مقبولاً عند هؤلاء فهو مبتدع في اضعف الحالات.[81]

اعتبر التكفير الحصن الأول المدافع عن الاسلام وفق رؤيتهم ، اما الحصن الثاني فهو التبديع،  وهو السلاح الثاني الذي استعمل من قبل هذه المدرسة، وبالتالي يمكن القول انه من خرج من دائرة التكفير وقع في دائرة البدعة "وإياكم ومحدثات الأمور ، فان كل بدعة ضلالة "[82] ومفهومها هي كل امر لم يرد في السنة ويقره "الصحابة" و"السلف الصالح"، وفي قصيدة للحسن الهاشمي (ت554 ه/ 1154م) يعطينا صورة واضحة عن تفكير هؤلاء:

يا ذا الذي اضحى يصول ببدعة

وتشيع وتمشعر وتمعزل

لا تُنكرنّ تحنبلي وتنسني

فعليهما يوم المعاد معولي

إن كان ذنبي حب مذهب احمد

فليشهد الثقلان اني حنبلي"[83]

ولكي نقرب المشهد لهذا النمط من التفكير نورد هذه الحادثة "نقل جثة لأحد الحنابلة دفن في مقابر الصوفية (مسلمون سنة) الى مدافن الحنابلة، فقد توفي "ابن الدجاجي الذي دفن في مقابر الصوفية ارضاءً لهم لأنه اقام عندهم مدة في حياته ، فبقي على ذلك خمسة ايام ، وما زال الحنابلة يلومون ولده على هذا يقولون مثل هذا الرجل الحنبلي اي شيء يضع عند الصوفية فنبشه بعد خمسة ايام بالليل"[84].

 

تطور الفكر الحنبلي ، والوهابي : التأسيس – الاستمرارية

إن مراجعة عميقة لأفكار وسلوكيات المؤسس الامام احمد بن حنبل (ت 241 ه / 855م) يدرك ان بعضاً من افكاره واحكامه في عدد من الموضوعات ، كانت متأرجحة، ولهذا كان ينسب اليه رأيان، وربما يعود ذلك الى ان بعضاً من آرائه كانت عبارة عن ردة فعل وذلك رداً على آراء المعتزلة "إن زادوا زدنا" او ردوا رددنا" ولهذا جاءت أحياناً ملتبسة تارة وغير محسومة تارة اخرى. وبالأخص في آراء متعلقة في بعض المسائل العقائدية، مثل زيارة القبور والتوسل ، واذ كانت الثقافة الحنبلية ومعظم علماء الحنابلة  لما قبل القرن الثامن الهجري- الرابع عشر الميلادي، صوفية[85]، وتزور القبور ومنها قبر الامام احمد [86] ، تتوسل بالصالحين منهم[87]. وقد انعكس ذلك التأرجح على طرق تفكير علماء الحنابلة المتعاقبين ، حتى استطاعت المدرسة الحنبلية الدمشقية حسم هذه القضايا وفق مسار ومنهجية الامام المؤسس، وخصوصاً في التوسع في دائرة التكفير، وزيادة موضوعاته وتشعباته، الذي حسم هذه الخيارات "احمد بن تيمية"    (ت 728 ه/1327م ).

وتجدر الاشارة الى وجود بعض اتجاهات الحنبلة قبل "ابن تيمية". حاولت اصلاح الكثير من المفاهيم الملتبسة عن مذهب الامام "احمد"، كالتشبه مثلاً او الحد والتقليل من الأفكار الصعبة، والنظرة لأهل البيت (ع) وذلك مع المدرسة الحنبلية العراقية الإمام ابن الجوزي (ت 597 ه/1200م) وغيره[88].

وقد اصطدمت مجدداً، المدرسة الحنبلية الدمشقية بالفكر الأشعري، الذي ينتمي اليه معظم مسلمي السنة في العالم، عبر صراع طويل وعنيف مع علماء هذه المدرسة من الشافعية والمالكية في مصر والشام ومنهم آل السبكي[89] ، وعلى رأسهم علي بن عبد الكافي السبكي (ت771 ه/ 1364م) مما ادى الى سجن "ابن تيمية" ووفاته في السجن بدمشق سنة (728ه/ 1327) وقد استطاع "ابن تيمية" تثبيت فكره ، مع الدور الكبير الذي لعبه تلميذه ابن القيم الجوزية (ت 751 ه/1350م) ، استمر هذا الفكر بالصمود والانتشار عبر تبني معظم الحنابلة لهذا الفكر مع تأثيرات محدودة في باقي المذاهب الاسلامية كنهج عقائدي وليس فقهي[90].

ومع ظهور وانتشار الدولة العثمانية ماتريدية العقيدة وحنفية المذهب وصوفية الاتجاه والسلوك ، في الوقت الذي كان علماء الحنابلة في تلك الفترة قد تصالحوا اكثر مع واقعهم المحيط بهم، دون المس بثوابتهم او سلوكهم، التي باتت غير حادة او صادمة والتي لا يتقبلها المسلمون من اتباع العقيدتين "الأشعرية" و"الماتريدية" ومن اتباع المذاهب الفقهية الأخرى الاحناف ، الشافعية، المالكية.

ومع منتصف القرن الثامن عشر الميلادي استطاع هذا الفكر التيمي من العودة الى مسرح الحياة الثقافية الاسلامية الى الواجهة من جديد، عبر دعوة مؤسس الاتجاه الوهابي ، الامام محمد بن عبد الوهاب (ت ه 1791 م )، ولكن والى واجهة الحياة السياسية، عبر تبني المملكة العربية السعودية المذهب الحنبلي مذهباً للدولة الفتية ولأول مرة في التاريخ استطاع "الحنابلة" من ان تبني دولة وتحكم دولة[91].

استطاعت هذه المدرسة ان تقدم نفسها كحركة اصلاحية دينية،[92] في ظرف كان العرب والمسلمون يبحثون عن اجوبة لإشكالاتهم التي بدأت منذ سيطرة نابليون بونابرت على مصر 1798م وسيطرة الاستعمار لاحقاً، وضعف الحركات الاصلاحية في عصر النهضة بدءً من جمال الدين الأفغاني الى محمد عبده والكواكبي وغيرهم من الوصول الى عملية التغيير لواقع الامة وقيادتها.

كما استطاعت ايضاً من وراثة هذه الافكار الاصلاحية التي انتهت عند الوهابية. وليس ادل على ذلك من محمد رشيد رضا (ت 1935 م) وتأسيسه للجماعة السلفية وتبنيه لخياراتها. ولنأخذ مثلاً يعبر عن الحالة الثقافية التي قام بها محمد رشيد رضا، في هذا الاتجاه ، ما حصل معه في جامع دمشق.

”في تلك السنة (1326ه/ 1908م) وقعت حادثة رمضان الشهيرة بدمشق التي ادهشت الحكومة واخلت الامن.... وكان سببها القاء الدرس الديني في الجامع الاموي من قبل صاحب مجلة المنار المصرية العالم الشهير الشيخ رضا نزيل دمشق اذ ذاك فاعترضه بعض رجال العلم في بعض المسائل المتعلقة في زيارة القبور وخالط الامر بعض العوام وهجموا على قتل الشيخ، ولولا اني تداركت (المؤلف نفسه) الامر بنفسي واخذت الشيخ الى داري التي في قرب الجامع الاموي لوقع ما لم تحمد عقباه"[93].

هذه الحركة الدينية السياسية التي انطلقت بفرض الاصلاح الديني وتصحيح العقيدة الإسلامية... سرعان ما ظهرت، بأنها مصدراً اساساً لقيم القطيعة والتكفير واستخدام العنف والقتل ضد المخالفين ، والتي سوف تجد صدى عميقاً وواسعاً في اوساط الحركات الاسلامية السلفية الجهادية التكفيرية المعاصرة.[94].

وينبغي لنا في ختام هذا المبحث ان نذكر ما ذكره "الشريف حسين بن علي" ملك الحجاز السابق في رسالته لعصبة الامم في وصفه للوهابيين وما تذكره الصحف والمقالات والكتابات في وصف الجماعات التكفيرية الحالية.

"لما افشل الوهابيون .... ولما اقتحموا مملكة شرقي الاردن بمجموع عصاباتهم هناك وقف في وجههم ولدي الامير عبد الله .. فتغلب على هذه العصابات المتوحشة... وقد رأى وشاهد بالعين بعض كبار القوم وهم شهود عدول بأن الوهابيين بعد فرارهم كانوا اذا وجدوا مسلماً جريحاً ترجلوا عن خيولهم واغمدوا خناجرهم في قلبه وشربوا وغسلوا وجوههم من دمائه. وهذه حقيقة ناصعة يجب ان يعلمها جميع المسلمين في العالم والدول الاوروبية.[95]

وفي رسالته ما ذكره عنهم بعد فشلهم في غزو الكويت. "ارجاع الوهابيين بالفشل عن مقاصدهم الشريرة التي خلقوا فيها وتربوا عليها وهي تتجمع في امر واحد وهو غزو جيرانهم وسلب ما عندهم من نساء واولاد واموال وهم عنوان الهمجية البدوية والتوحش النجدي[96] ، هذه العصابات المتوحشة[97] ط قائد عصابات همجية شريرة[98].

 

العوامل الأساسية التي ادت الى انتشار الفكر الوهابي

ان المتتبع لمسار الأحداث في التاريخ المعاصر يجد ان المدرسة الوهابية قت نمت وتطورت بشكل مضطرد نتيجة عومل عديدة أهمها.

1-      سقوط الدولة العثمانية سنة 1924

2-      تأسيس المملكة العربية السعودية 1928. وتبنيها للفكر الوهابي عقيدة الدولة ومذهبها الفقهي "مذهب الحنابلة".

وما تمتع به المملكة من امكانات روحية ومادية ، فهي بلد الحرمين الشريفين، "مكة" و"المدينة" – ومن إمكانات مالية ضخمة ، إستطاعت عبرهما من توسيع ونشر الفكر الوهابي في العالم.

3-      ضعف التيار الاشعري – الماتريدي

لقد شكلت المدرسة الاشعرية والماتريدية مرجعية عقائدية ولا تزالان لمعظم أهل السنة والجماعة في معظم حقبات التاريخ الاسلامي، ومع التطور الحاصل في العالم وما برز من تحديات فلسفية وكلامية جديدة وانتفاء الحاجة الى المدرسة الكلامية القديمة لم تفتح هذه المدرسة مساراً علمياً لما يمكن ان يطلق عليه علم كلام جديد.

4-       ضعف المؤسسة الدينية الأبرز لأهل السنة والجماعة.

اعني بها مؤسسة الأزهر الشريف ، المدرسة العريقة في فكرها وفقهها وجهادها[99] ، استطاع الفكر الوهابي من احتوائها من الداخل ، وبالاخص بعد موت عبد الناصر 1970 وتولى انور السادات الحكم في مصر. فضلاً عن ارتباط الأزهر بالسلطة الرسمية . التي اضعف دوره في التصدي لمشكلات العالم الاسلامي.

5-       ضعف الالتزام الديني في الحياة المعاصرة

ان سيطرة الاستعمار على البلاد الاسلامية وما احدثه من صدمة على مستوى العالم الاسلامي ، والتي ادت الى الانبهار بالثقافة الغربية، وتبنى فلسفة المنتصر، وادت بجيل من المسلمين الى الاغتراب عن دينهم ، والأخذ بفلسفات غربية معاصرة ، وتبني نظم لا علاقة لها بالاسلام الذي اضحى في عقول الشباب جامداً عن مواكبة التطور. وبعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران سنة 1979 بقيادة الامام الخميني، الذي استطع ان يؤسس لفكرة ان الاسلام دين حياة ، وقدرته على قيادة المجتمع في ظل صراعات اقليمية ودولية، في السياسة والثقافة ما بين الرأسمالية والاشتراكية.

الدين يقود الحياة والمجتمع ، بعد مقولة "الدين افيون الشعوب" ، وهذا اثر في عودة المسلمين الى دينهم ، وبدأ تبني الاسلام يتطور في حياة الشباب المسلم ، وعودة الكثيرين منهم ممن تبنوا أفكار ثقافية بعيدة عن الاسلام الى التدين به.

ثم ان الدوافع مواجة الثورة من قبل امريكا ودول الخليج ملء الساحة الاسلامية السنية في مواجهة ما اسموه تصدير الثورة الاسلامية ، استطاعت المدرسة الوهابية بفكرها الجذاب ودعم مالي كبير وسياسة موجهة واعلام منتشر ، وتحدي طائفي وقومي ومذهبي مستفيدة من ظروف متعددة ، لنشر دعوتها عند الشباب المسلم السني، والتأثير بهم في مقابل ضعف خط الوحدة الاسلامية في تثبيت اركانه على الأرض لاسباب لا مجال لذكرها.

ما إن اعلنت الثورة الاسلامية في ايران وترحيب معظم العالم السني آنذاك بها ومنهم الإخوان المسلمين وبعودة الاسلام الى مسرح الحياة ، حتى اعلنت المؤسسة الوهابية الرسمية حربها على ايران (الشيعة – الفارسية) ، حرب شعواء لم تترك اي من الأوراق الصفراء في خضم الصراعات القديمة الا والقتها في مواجهة ايران.[100]

6-   فشل الاخوان المسلمين في اقامة مشروع الخلافة او الدولة: هذا الامر ، دفع بالكثيرين من هذه المدرسة وبالاخص من يؤمن بالمدرسة القطبية داخل الأخوان الى الارتماء في حضن الوهابية في تقاطع كبير ، ادى فيما بعد الى نشوء التيارات مثل القاعدة وغيرها . وتطوراً الى داعش.

 

7-      تأثر الاخوان المسلمين بالفكر الوهابي

من العوامل المهمة تأثر اكبر حزب اسلامي سني اعني الاخوان المسلمين 1928 بالافكار الوهابية، وذلك بعد صدامات مع السلطة في مصر الخمسينات في زمن عبد الناصر (ت 1970) وصولاً الى اعدام سيد قطب 1966، وفي سوريا الثمانينات في عهد الرئيس حافظ الأسد (ت 2000م) أدى بهؤلاء الى الهجرة الى السعودية والخليج مما احدث تفاعلاً كبيراً بينهما. اثروا وتأثروا، وليس ادل على ذلك من "السرورية"[101] ووجود شخصيات كبيرة كانت قريبة من الاخوان مثل "عبد الله عزام" و "بن لادن" وغيره، وقد تأثر الاخوان المسلمين في مرحلة سابقة بالوهابية كحركة اصلاحية تنفي عن الدين الشوائب ، ولكن دون التأثر بالعقدية الوهابية، الا ان تحولاً قد طرأ عن هذه المدرسة وهي ما اطلق عليه المدرسة القطبية والذي ينسب اليه فكرة تكفير المجتمع والتي تتلاقى بشكل كبير مع الفكر الوهابي دون الفكر الحنبلي التقليدي، اذ كانت هذه الفكرة من انشاء الخوارج، وهنا احببت ان اعلق على مسألة تكفير المجتمع في الفكر الحنبلي القديم والوهابي والقطبي الحديث، والتي استلهمت افكار الداعية الباكستاني الأعلى المورودي في (ت 1970 في / كتابه/ المصطلحات الاربعة في القرآن الكريم[102].

تكفير المجتمع

ان فكرة تكفير المجتمع هي صميم الفكر الخارجي في التاريخ الاسلامي ، ولطالما شكلت المدرسة الاسلامية بكل فرقها رداً على هذه المدرسة ، وبالاخص ما ظهر في ادبيات المدرسة السنية وهو مفهوم الجماعة"[103]

وقد ظهر هذا المفهوم من جديد مع افكار سيد قطب (ت1966) الداعية الى تكفير المجتمع الاسلامي يقول سيد قطب في كتابه "ان المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم ... وأخيراً يدخل في اطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها انها مسلمة"[104] ثم يتحدث سيد قطب عن العزلة وهنا "يرشدهم الله الى اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال " المجتمع الجاهلي"[105].

ومع انبعاث الوهابية في منتصف القرن التاسع عشر، التي اكدت في ادبياتها الصراعية في مرحلة التأسيس على مقولة دار الإسلام ودار كفر، ثم جاءت كتابات ابو الاعلى المودودي (ت 1970). التي ساهمت افكاره في التأثير على سيد قطب (ت1966) في مفهوم تكفير المجتمع.

"ان الناس ليسوا مسلمين كما يدعون، وهم يحيون حياة الجاهلية ، ليس هذا اسلاماً وليس هؤلاء مسلمون"[106] والسؤال الذي يطرح هل يوجد في الفكر الحنبلي ما يساعد في تكريس هذا الاتجاه؟ الواقع انني من المتابعين لهذا الفكر، لم الحظ وجود هذه الأفكار عندهم، بل ان اداؤهم يدل على خلاف ذلك، فهل كانت المجتمعات الاسلامية السابقة لا تشبه المجتمعات الحالية...!

ففي اثناء الخلاف العقائدي الكبير الذي حصل ما بين اهل السنة والجماعة ، وبالاخص الحنابلة والخلافة العباسية ، ما عرف بفتنة خلق القرآن. والتي ادت الى سجن الامام احمد بن حنبل وضربه، ومع ذلك بقي يعترفون بالخلافة الشرعية كناظم للحياة السياسية والدينية للمسلمين،[107] ورفض منطق الثورة عليها، وفي اجابته عن بعض الأسئلة يمكن ان تستنتج ان الامام احمد بن حنبل اقصى ما اجاب عنه في امتحان العقيدة ترك الوظيفة ومع استثناءات.

سأل عن "الأمام يخاف ان يمتحن على الامامة قال يتركها ، قلت فالمؤذن يخاف ان يمتحن على الأذان قال يتركه قلت فالمقرئ يخاف ان يمتحن على القراءة قال : لا يتركها . ليس كل الناس يحفظ القرآن " [108] وكثيرا ما كان الامام احمد ينتقد بعض العلماء لانهم يرون السيف" اي الثورة وفي نسبة الى الآيات القرآنية، حول قتال المشركين كافة..

وسأستعرض بعض النماذج قال الحافظ الذهبي " فلما قتل الأمين واستخلف المأمون على رأس المائتين نجم التشيع وابدى صفحته وبزغ فجر الكلام وغلبت حكمة الأوائل ومنطق اليونان وعمل رصد الكواكب ونشأ للناس علم جديد مُرْدٍ مهلك"[109].

وعلق ايضاً في حوادث سنة (251 ه / 865 م) "فقد تقال اصحاب الحديث وتلاشوا.. يهزأ بهم اعداء الحديث والسنة ويسخرون منهم ... مكبين على عقليات من حكمة الأوائل وآراء المتكلمين ... فعم البلاء واستفحلت الاهواء ... فرحم الله امرأ اقبل على شأنه في الصحيح وعبد الله قبل ان يبغته الأجل"[110].

وقد ذكر الأجري / ت 360 ه/970م ) في تعليقه على حديث "لتتبعن أمر من كان قبلكم حذوا النعل بالنعل " قائلاً "من تصفح امر هذه الامة من عالم عاقل علم ان اكثرهم والعام منهم تجري امورهم على سنن اهل الكتابيين ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم او على سنن كسرى وقيصر او على سنن الجاهلية مثل السلطنة واحكام في العمال والأمراء وغيرهم وامر المصائب والأفراح والمساكن واللباس والحلية والأكل والشرب والولائم والمراكب والخدام والمجالس والمجالسة والبيع والشراء والمكاسب من جهات كثيرة واشباه لما ذكرت يطول شرحها، تجري بينهم على خلاف السنة والكتاب وانما تجري بينهم على سنن من قبلنا .. ما اقل من يتخلص من البلاء الذي قد عم الناس ، وان يميز هذا الا عاقل عالم قد أدبه العلم"[111]  ويقول ابن تيمية "وليغفر الله فيه لمن لم يقم الحجة عليه ما لا يغفر به لمن قامت الحجة عليه كما في الحديث. المعروف "يأتي على الناس زمان لا يعرفون فيه صلاة وال صياماً ولا حجاً ولا عمرة، الا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة ويقولون ادركنا أباءنا وهم يقولون لال اله الا الله ، فقال تنجيهم من النار، تنجيهم من النار تنجيهم من النار" [112]من خلال ما تقدم نلاحظ ان تكفير المجتمع لم يكن في ادبيات الحنابلة القدماء وأكاد أحزم انها من افكار الحديثة والمعاصرة، والسؤال الذي يطرح "هل تتحول اصولية هذا الزمان الى فتنة كبرى تأكل اولادها وتدفع بالمسلم في مواجهة المسلم في تصارع وتقاتل وتناصر لا يبقى ولا يذر ... إننا نسير بالفعل الى هذا المنحدر.[113]

ولكن بالرغم من ان فكر سيد قطب ظل الى حد ما نظرياً. اذ ما قارنا أثره بكتاب رسالة الإيمان التي نشرها العام 1973 صالح سرية احد ابرز المخططين لاغتيال الرئيس المصري انور السادات[114] ثم كتاب الفريضة الغائبة لمحمد سلام فرج اواخر العام 1980"[115]

 

العوامل المساعدة في نهضة الاتجاه السلفي – التكفيري

ان المتتبع لتاريخ الأزمات والصراعات والاخص التي تمثل اضطرابات داخلية ، او خارجية، يظهر له بروز تيارات متشددة او تأخذ خيارات دموية وعنيفة.

في التاريخ المعاصر شهد العالم انبعاث الأفكار التكفيرية والعنفية في مرحلة حساسة تشهد اضطراباً في الأفكار والخيارات، لهذا مثل تنبعث هذه الأفكار في هذه المرحلة الحساسة والمضطربة ، وهناك عوامل مساعدة ادت الى خلق هذه الظاهرة التي تشغل عالم اليوم ومنها:

أ‌-        جدلية السياسي والديني

كانت العلاقة ما بين السلطات المتعاقبة المؤسسة الدينية على اختلاف مكوناتها وافكارها في العالم الاسلامي علاقة تعاون وثيق الصلة ، واحياناً يتناحرون ويختلفون خصوصاً في الجانب العقائدي وفي جدلية العلاقة ما بين الشريعة والسياسة، ، كما حصل في تبني الخلافة العباسية في زمن المأمون لأفكار المعتزلة ، او في السلطة العقيدة اسلامية ، لا يقبل بها البعض وليس ادل على ذلك من بعض اوجه الصراع ما بين الاشاعرة والحنابلة.

ومن القضايا التي يتعاون عليها الاثنان اي السلطة ولمؤسسة الدينية هو في مواجهة العدو الخارجي - الداخلي اي خارج مفهوم الجماعة السنية، وهنا تتقاطع المصلحة لكل من السلطة السياسية والمؤسسة الدينية التي يبرز في مثل هذه الحالات الاتجاه السفلي على الخصوص . وليس ادل على ذلك مع حصل في الفتوى التي اطلقها ابن تيمية ضد الشيعة في كسروان سنة (705/ 1305م)"[116] وما ادت الى مجزرة بحقهم وتهجيراً هذا التقاطع في المصلحة انتج هذا الجانب التكفيري الإلغائي.

علماً: ان شيعة "دمشق" وغيرها من المناطق لم يتعرضوا لهذه المذبحة وخاصة اذا ما علمنا بالصداقات الكبيرة التي كانت تجمع "ابن تيمية" وبعض علماء الشيعة كأبن السكاكيني[117] ومع الفقيه الشيعي ابراهيم بن أبي الغيث[118] ... كان حياً عام (734ه/ 1334م)

وما اشبه الامس باليوم عندما نجد ان الفقيه المعاصر الدكتور يوسف القرضاوي قد اعترف بان الشيعة هم مسلمون وان قرآننا واحد[119] .. وبعد الاحداث التي عصفت بسوريا آذار 2011 ، وتدخل حزب الله في سوريا الى جانب محور المقاومة ، أصبح الشيعة عنده كفاراً ...."[120]

وفي مثل هذه الاجواء يأتي الشحن الطائفي وبصورة اقوى الشحن المذهبي، ليصم الآذان ويعمي القلوب والعقول عن الاستجابة لكل دعوة الى الاعتدال والكف عن ممارسة السلوكيات الارهابية ... ويمكن اصحاب المصالح من تغليف صراعاتهم وتطلعاتهم السياسية والاقتصادية بغلاف ديني او مذهبي"[121]

هذا الإتجاه هو "هوية فكرية متأرجحة مفتوحة على تأثير العامل السياسي الى حد تنتج فيه الاتجاهات الفكرية والفقهية بناءً للمصالح السياسية المتكثرة للأمراء والمجموعات"[122].

"وما تلك الاصولية التي تدفع بالمسلم ضد المسلم الا فتنة رسمها الاعداء بعناية وأنفقوا عليها في سخاء وجندوا لها الفئات الحاقدة .... وهي دعوة الى الفرقة وهي تحريض للمسلم ليقتل المسلم وهي استدراج خبيث لشبابنا ، ليبددوا قواه في معارك داخلية وليضيع بلده في حروب اهلية ولينصرف بذلك عما يحاك له من مؤامرات في الخارج ... هي عودة لفكر الخوارج والقرامطة"[123].

ب‌-          الأزمات السياسية والاجتماعية

تعتبر الازمات الداخلية من اهم الفرص لهؤلاء الجماعات التي تسعى الى الدخول في تركيبة المجتمع ، وتقديم مشروعها ... وعادة ما يجد هذا النوع من التنظيمات مبررات وجوده وشرعيته في استشراء الظلم والقهر والفقر والاستبداد والتخلف والتبعية وغيرها من المظالم التي يعاني المسلمون ويلاتها وفي الاستغلال والاحتلال والإنسحاق الكامل امام الغرب"[124].

وقد شهد العالم الاسلامي وخصوصاً في مطلع القرن العشرين ولا يزال يعاني المزيد من التفتت والأزمات على المستوى الداخلي :

1-      الأزمات الاقتصادية: البطالة- الفقر- احتكار الثروات من قبل قلة فاسدة .. بينما تقع الأغلبية تحت خط الفقر والعوز والحرمان.

يقول الامام علي (ع) : الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة"[125] على ضوء هذا  القول، نفهم لماذا شكلت الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ... مناخاً ملائما لممارسة المترتبات العملية والدعوية التي لا تقيم شرع الله .. او هجر هذه المجتمعات واعداد العدة للانقضاض على اي منها اذا توفرت الظروف الملائمة لإقامة دولة الاسلام التي تشكل قاعدة لمتابعة الجهاد حتى اقامة الدولة الامة الاسلامية أو بعض هؤلاء القادة ليسوا بالضرورة من عامة الناس الذين وصفنا ثقافتهم بل نجد معظمهم من المتعلمين الذين همشتهم البطالة وسدّت امامهم ابواب الرزق وابواب العمل المشروع لاصلاح الاحوال الفردية والمجتمعية في انظمة يسود فيها الارهاب الرسمي.. ما يشعرهم بالغربة عن اوطانهم والبحث عن موطن يتمكنون فيه الهجرة الى الله عبر الجهاد في سبيله بحثاً عن اقامة دولة الاسلام[126].

2-      ضعف التعليم وسطحية الثقافة[127]

في مثل هذه الظروف من "ألطبيعي ان تكثر نسبة الأمية في الأوساط الاجتماعية الفقيرة المهمشة وإن تقتصر الثقافة .... على الموروث الثقافي السائدة .. منقولاً من الأجيال السابقة الى الاجيال اللاحقة بواسطة الأهل وبعض الوعاظ من ائمة المساجد ... ووسائل الاعلام المرئية ... بصورة تغلب عليها السطحية والشكلية والعجز عن التمحيص"[128].

3-      احتواء وضعف المؤسسة الدينية.

4-      ضعف الخطاب الديني في مواكبة العصر.

5-      الهزائم المتكررة.

لقد شعر المسلمون السنة بالغبن منذ الغاء الخلافة العثمانية سنة 1924 على يد اتاتورك" ونهاية لحلم جميل ظل طوال 13 قرن يحمل العنوان الجامع لهم بصرف النظر عن تقييم مسار الخلافة.

وعندما وقع العالم الاسلامي منذ بداية القرن التاسع عشر حتى بداية القرن العشرين تحت سلطة الاستعمار وما افرزه من تقسيم المنطقة : سايكس –بيكو 1916 ومن ثم وصلة الانتداب وما افرزه من تقسيم العالم الاسلامي الى دويلات وكيانات متعددة تحكمها نخب تنتمي الى مدرسة التغرب وتتبنى فلسفة المنتصر "لا شك ان ميلاد الاصولية الاسلامية بكل تطرفها كان بسبب الهجمة الاستعمارية الشرسة على امتداد الرقعة الإسلامية من الجزائر والمغرب وتونس وليبيا ومصر والسودان الى الهند وباكستان. وبسبب الحكومات التي جاءت بعد رحيل الاستعمار. فقد كانت نتيجة هذا الكبت والقهر والقمع المستمر نشأ اتجاه معاكس للبحث عن الذات واسترداد الهوية والعودة الى الاصول. وكانت للأسف عدوة تشنجية لم تأخذ من الدين الا الشكليات والمظاهر والشعارات"[129].

وبالتالي فإنه تحول البلدان الاسلامية من صورة جامعة ولو شكلاً الى كيانات متعددة ومن ثم تبنى العلمانية والاشتراكية والقومية كمصادر حاكمة لهذه البلدان . وقد سبق ذلك تأسيس الكيان الصهيوني سنة 1948. ما افرزه من تهجير ومجازر وما الحقه بالعرب سلسلة من هزائم بدأت من 1948 وصولاً الى 1967 واجتياح بيروت سنة 1982 ثم حرب البوسنة 1994 وغزو روسيا للشيشان . 1995 وصولاً الى احتلال أفغانستان من قبل امريكا 2001 واحتلال العراق 2003.

فقد ادى سقوط العراق وانتقال الحكم من السنة (نظرياً ) الى الشيعة  وسوريا محكومة من قبل الطائفة العلوية، فالعراق عاصمة العباسيين ودمشق عاصمة الامويين، في هذه الظروف والازمات والحروب التي عصفت بعالمنا العربي والاسلامي شجعت الشباب على الأقبال على هذه الاتجاهات لعلها توصل بها ما انقطع.

ج-انتصار الثورة الاسلامية في ايران

ادى انتصار الثورة الاسلامية وعودة الاسلام على مسرح السياسة الدولية الى المزيد من القلق عند اصحاب الاتجاه التكفيري المتقاطع مع المصالح السلطوية الذي ادى الى استنهاض هذا المشروع لمواجهة ما اسموه حركة التشيع ولاحقاً الهلال الشيعي الذي اطلقه الملك عبد الله الأردني سنة 2004.

د- انتصار حزب الله اللبناني

ان انتصارات المتلاحقة لحزب الله وتماسك محور المقاومة لإسرائيل. الذي نُظر له على انه محور شيعي (بالمناسبة كانت حماس المتحالفة مع حزب الله وايران وسوريا يطلق عليها الاتهامات مثل (التشيع في فلسطين – بناء الحسينيات الخ..) هذه المقاومة التي اذهلت القريب والبعيد. اطلقت بعداً ثقافياً مهماً . وهو استنهاض الامة وقدرتها على كسر الجيش الذي لا يقهر. وهذا ما ادى في تقاطع المصالح الى محاولة الحد من نفوذه الاخلاقي – القيمي عند جمهور العرب والمسلمين في حركة دؤوبة لتشويه سمعة حزب الله . هذه الانتصارات شجع هذا الفريق الى بث اجواء التكفير والمذهبية لمواجهة هذا الحزب الذي لطالما آمن بالوحدة الاسلامية وعمل عليها.

ه- تفكك الدول وضعفها

ادت الهزائم المتلاحقة والاهتزازات الداخلية لبلداننا وما رافق ذلك من الضعف الاقتصادي والبنيوي في معظم هذه الدول . الى انتشار الفكر الديني السلفي ( اعلام – اموال- انتصارات في أفغانستان) وهذا ما يعتبر فرصة كبيرة لهذا الخط وما نظرية ادارة التوحش[130] الا مثالاً على كيفية استفادة هذه التيارات من ضعف مركزية الدولة مستفيدة ايضاً من التفكك العربي الاضغان التي تحملها الدول العربية لبعضها البعض.[131]

و- التقاطع الدولي – الداخلي

لقد خبر الغرب في تعامله مع العرب والمسلمين كيفية الاستفادة والتحكم والسيطرة على عقولهم وثرواتهم. ومنع وحدتهم"[132]

وقد سبق للولايات المتحدة الأمريكية في صراعها مع الاتحاد السوفياتي بعد غزوها لأفغانستان، ان تعاملت وساهمت بالتعاون مع المملكة العربية السعودية. في تأسيس ورفد حركات الجهاد الافغاني التي تأسست مع الشيخ عبد الله عزام (ت/ 1989 ) ومن ثم قيادة "بن لادن" لحركة الجهاد ضد الوجود الروسي في افغانستان. ومع بداية ما سُميّ الربيع العربي ، ظهر جلياً مدى التنسيق الامني واللوجستي مع بعض هذه الجماعات مباشرة او عبر دول محلية. داعمة لها ضمن لعبة المصالح الكبرى ما بين الجبهتين.

والأغرب من ذلك إن بعضاً منها والتي تقاتل في سوريا واعني بها جبهة النصرة[133] لا تتوانى عن التعامل اليومي اللوجستي والاستخبارات وتنسيق العمليات مع العدو الاسرائيلي وخصوصاً في جبهة الجولان.

"تراهم لا يعبسون في وجه الكيان الصهيوني في حين انهم يتآمرون ويوجهون شتى انواع واشكال الضربات الى الدول الاسلامية وشعوبها وبذرائع شتى.[134]

ولطالما كان ضياع الاولويات عند هذه الجماعات الغائب الأكبر في سلوكها ، ألم يخرج اناس من فلسطين او من دول الطوق لمواجهة السوفيات في افغانستان، في الوقت الذي لم يطلق رصاصة واحدة على الكيان الصهيون والأغرب اننا لا نجد في قاموسها الديني او السياسي ما يشير الى قتال اسرائيل ، وقديماً افتى ابن تيمية ان قتال الشيعة اوجب من قتال الأرمن"[135].

"ان تيار التكفير والحكومات التي تدعمه وتحميه انما تتحرك كلها باتجاه النوايا المبيّتة للاستكبار والصهيونية. وان كل ما يفعلونه انما يخدم اهداف امريكا والدول الاستعمارية. الاوروبية والكيان الصهيوني ... ان للتيار التكفيري ظاهراً اسلامياً لكنه من الناحية العملية ليس سوى خدمة للتيارات الاستعمارية... التي تعمل ضد العالم الاسلامي ومن ضمن الشواهد التي يذكرها الامام الخامنئي.

1-   ان تيار التكفير هذا استطاع ان يحرف ركة الصحوة الاسلامية .,.. وان يغير وجه هذه الحركة العظيمة المعادية للاستكبار ولأمريكا وللاستبداد الى حرب بين المسلمين واقتتال بين الأخوة . لقد كانت حدود فلسطين المحتلة تمثل الخط الامامي للنضال في هذه المنطقة فجاء هذا التيار التكفيري وحوّل هذا الخط الامامي الى شوارع بغداد ومسجد دمشق الجامع وشوارع باكستان والمدن المختلفة في سوريا. بحيث اصبحت هذه الاماكن هي الخط الامامي للمواجهة"[136].

ويمكن ان تشير الى بعض هذه التحكم المباشر وغير المباشر في دعم هذه الحركات طالما هي توافق اجندة الغرب في الفوضى الخلاقة وتقسيم المنطقة وسيادة اسرائيل عليها.

1-      فتح الطرق ووسائل النقل الى المنطقة المستهدفة

2-      السماح بالتمويل والتسليح

3-      اعطاء المجال النظامي ووسائل الاعلام المتصدرة

 

سبل المواجهة

إن سبل مواجهة هؤلاء هي مسؤولية الجميع افراد ومؤسسات، نخب دول. واهم هذه الاقتراحات

1-      تفعيل خط الوحدة الاسلامية، وتثبيت الماضي المشترك والحاضر الذي ادى الى انتصارات في غزة ولبنان.

2-   العودة الى قضية الامة الأولى – فلسطين. فمن اراد الاستثمار في الدنيا عليه بفلسطين ومن اراد استثمار في الدنيا والأخرة، فعليه بفلسطين، فالعدو الأول للأمة هم الصهاينة.

3-      الحد واتخاذ المواقف القاطعة من شخصيات تاريخية يساء اليها وهنا تأتي فتوى الامام الخامنئي في حرمة سب الصحابة كنموذج.

4-   تفعيل اللقاءات والندوات التخصصية . وهناك حالات ناجحة. مثل فتوى الشيخ زهير الشاويش الذي حكم على الشيعة بانهم مسلمين.

5-      تفعيل دور مصر الاقليمي

6-      تفعيل دور الازهر وعودته الى الساحة الاسلامية بشكل اقوى

7-      تفعيل دور التنمية في المجتمعات وفتح مسارات تنموية.

8-      تفنيد بشكل جدي وفاعل وبطريقة علمية من قبل علماء الاسلام في فضح هذه الجماعات وبعدها عن الاسلام.

9-      كسر الحواجز النفسية والاجتماعية بين طوائف الامة

10-        اعود لأذكر ما قاله السيد الخامنئي في كلمته في افتتاح المؤتمر العالمي لمواجهة التيارات التكفيرية وهي على سبيل الايجاز:

‌أ-      نهضة علمية : تشكيل نهضة علمية ومنطقية شاملة من قبل جميع علماء المذاهب الاسلامية من اجل اقتلاع تيار التكفير ومثل هذا الامر لا يختص بمذهب دون آخر. ... معنى جميع المذاهب الاسلامية.. اي تشارك في تحمل المسؤولية ، يجب القيام بحركة علمية عظيمة.

‌ب-          كشف حقائق السياسات الاستكبارية

‌ج-            التوجه نحو القضية المركزية

11.           تفعيل التفسير السنني للقرآن الكريم

12.           التثقيف على الاخلاق الاسلامية – المودة – الرحمة..

13.           تفعيل دور علم الكلام الجديد. بين علماء الامة. للاجابة على تحديات العصر ومواكبته.

14.           هؤلاء الجماعات هم اخوة لنا في الاسلام والانسانية ، لا بد من فتح مسارات حوارية هادفة معهم.

15.           مواجهة ودون هوادة مع هؤلاء المجموعات ومنعها من السيطرة لما تشكله من خطر على الاسلام والمجتمعات والتعددية.

16.           فتح مسارات حوارية وبالاخص مع علماء الوهابية وخاصة من ينظر الى الاسلام كدين وليس كمذهب او عصبية.

17.           التأكيد وتفعيل على حوار الاديان – تفعيل العمل في المشتركات وفتح نافذة التعرف على الآخر.

18.           تفعيل المشاركة في الاحتفالات وخطب الجمعة

19.           التأكيد على دور ايران الاقليمي كرافعة لقضايا الامة، ودورها في نشر مفاهيم الاسلام العلمية والاستفادة منها

20.           تركيز على سلسلة الاعلام في الامة من الفريقين الذين نشطوا في مجال التقريب ، واحياء تراثهم ووضع سيرتهم في متناول الجميع

21.           نقد التراث المتعلق بالصراعات الدينية والتأسيس عليه ، لانه اضر الامة ، في ظروف احدثتها السياسة ووجد في مناخات مؤاتية.

قائمة المصادر والمراجع

‌أ-               المصادر

1-             القرآن الكريم

2-             نهج البلاغة

-                   ابن ابي يعلي الحنبلي: طبقات الحنابلة

-                   ابن الفتح الشهرستاني: الملل والنحل

-                   ابن تيمية: مجموع الفتاوى

-                   مجموع الرسائل والمسائل

-                   ابن خلدون (ت 808هـ/ 1404م) المقدمة

-                   ابن رجب الحنبلي، ذيل طبقات الحنابلة.

-                   أبو الأعلى المورودي : المصطلحات الأربعة في القرآن.

-                   الآجري (ت 360 ه/ 970م: الشريعة)

-                   الذهبي : 1_ طبقات الحفاظ

§                 سير اعلام النبلاء.

2_ ذيل تاريخ الاسلام

-                   السبكي : طبقات الشافعية الكبرى

-                   سيد قطب :

1-             في ظلال القران

2-             معالم في الطريق

-                   الصفدي: الوافي بالوفيات.

-                   القس حنانيا المنير : الدر المرصوف في تاريخ الشوف

-                   مجموعة: الدرر السنية في اجوبة علماء النجدية

-                   محمد اديب آل تقي الدين الحصني: كتاب منتخبات التواريخ لدمشق.

-                   المقربزي : الخطط.

-                   ابن الأثير : البداية والنهاية

-                   الامام محمد بن عبد الهادي: العقود الدرية من مناقب شيخ الاسلام احمد بن تيمية.

‌ب-          المراجع

-                   د. حسن ابراهيم حسن: تاريخ الاسلام السياسي والديني والثقافي ولاجتماعي.

-                   د. محمد اسعد طلس : تاريخ العرب.

-                   د. نسيب حطيط: السلفية التكفيرية

-                   د. هلا أمون : رحلة العنف المقدس

-                   الشيخ نجم الدين الطبسي: السلفية والسلفيون.

-                   محمد محمود : الحنابلة في بغداد

-                   يحيى فرحات

1-             دور الفقهاء السياسي والديني والاجتماعي في بالد الشام في العصر المملوكي الاول.

2-             عقائد السلفية الجديدة.

-                   د. محمد علوش: السلفية الجهادية

-                   د. مصطفى محمود : الاسلام السياسي والمعركة القادمة.

-                   الشيخ حسن بن فرحان المالكي: داعية وليس نبياً.

-                   الشيخ علي الخضير: الحقائق في التوحيد.

-                   عادل حمودة: اغتيال رئيس.

-                   علي يوسف : الاسلام وتهمة الارهاب.

-                   فرانسوا اوبرال وجورج سعد: معجم الفلاسفة الميسر دار الحداثة للطباعة – بيروت ط1، 1993.

-                   مجموعة: السلفية ، معهد المعارف الحكمية

‌ج-            مقالات

-                   الأب يوسف مونس، جريدة النهار، 19-7-2013

-                   اسعد شرارة تلاقي الفكر الصهيوني بالفكر التكفيري . جريدة الاخبار ، 17-7-2013

-                   الامام الخامنئي: التكفير والاستكبار ، اصدار المركز الاسلامي_ بيروت ، مؤتمر العالمي لمواجهة التيارات التكفيرية طهران، 2015

-                   د. بدر الابراهيم: جذور العنف عند الجماعات التكفيرية

-                   د. صادق النابلسي: ايديولوجيا التكفير ، جريدة الاخبار.

-                   د. عطا الله المهاجري : الشرق الاوسط، 30-9-2013

-                   العميد الياس فرحات: جذور العنف التكفيري.

-                   غسان ملحم ، الإسلام السياسي والحداثة في زمن العولمة، الاخبار ، 18-7-2013

-                   قاسم قصير، السفير، 22-8-2013

-                   مسودة الوثيقة الثقافية الصادرة عن المعهد المعارف الحكمية – بيروت، 18-6-2010

-                   هادي قبيسي:

1.               تقديس الجريمة

2.        ازمة الهوية السلفية القتالية



[1]  - الإمام الخامنئي : التكفير والاستكبار خطران متلازمان ، كلمته في مؤتمر العالمي لمواجهة التيارات التكفيرية، اصدار المركز الاسلامي – بيروت 2015.

[2]  -"وما ارسلناك الا رحة للعالمين، سورة : الانبياء/ الآية 107.

[3]  - هادي قبيسي: تقديس الجريمة

[4]  - الأمام الخامنئي ، م. س.

[5]  - د. صادق النابلسي، جريدة الأخبار، ايديولوجيا التكفير . 18-7-2013.

[6]  - الأب يوسف مونس ، جريدة النهار، 19-7-2013

[7]  - سورة الفرقان / الآية 44

[8]  - د. هلا امون، رحلة العنف المقدس، ص 9

[9]  - سورة المائدة ، الآية 28-29

[10]  - د. نسيب حيط، السفلية التكفيرية ص: 14

[11]  - د. نسيب حطيط ، م. ن، ص: 14 ، لا اوافق ما ذهب اليه الدكتور حطيط انه يمكن تسميتهم الوثنية الاسلامية، انه تشابه وتلاقي مع الفكر الصهيوني مع الفكر التكفيري : اسعد شرارة جريدة الأخبار 17/7/ 2013

[12]  - الأب مونس ، جريدة النهار، 19-7-2013

[13]  الشرق الأوسط، 30-9-2013

[14]  د. صادق النابلسي، ايديولوجيا التكفير. جريدة الأخبار.

[15]  السلفية طريقة في المعتقد والفقه ، مفادها الرجوع الى ما كان عليه الجيل الأول السلف الصالح في العقيدة والعبادة والاخلاق، السلفية، النشأة المرتكزات الهوية، سلسلة من الباحثين، الشيخ زهير الشاويش ص 9، اصدار معهد المعارف الحكمية – بيروت – ط1، 2004. وان اول من استعمل كلمة سلف هو الإمام احمد بن حنبل الذي احتج بقول السلف في مسألة خلق القرآن، لقد روى عن غير واحد من سلفنا انهم كانوا يقولون القرآن كلام الله غير مخلوق ، وهو الذي أذهب اليه

[16]  الأحناف مذهب فقهي ينسب الى مؤسسه الامام ابو حنيفة النعمان / ت 150ه/ 767م)

[17]  الشافعية : مذهب فقهي ينسب الى مؤسسه الامام الشافعي (ت204ه/ 819م)

[18]  المالكية: مذهب فقهي نسب الى مؤسسه الامام مالك بن انس (ت 179هـ/ 795م)

[19]  ابن خلدون (ت 808ه/ 1405م) ا لمقدمة : ص: 448.

[20]   المقربزي : الخطط ، 2/343

[21]  صراع الأشاعرة وأهل الحديث عبر محطات تاريخية متعددة را: نموذج فتنة القشيري (ت 514 هـ/ 1120م) ابن رجب، ذيل طبقات الحنابلة 1/ 42.

[22]  د. هلا أمون، رحلة العنف المقدس، ص: 20

[23]  بلغ تعصبهم الى حد قطع العلاقات التجارية مع الشام والعراق حتى سنة 1269ه، / 1852م) كما اذا وجدوا تاجراً يحمل متاعا الى المشركين (اي الشام والعراق). صادروا املاكه، : نجم الدين الطبسي، السلفية والسلفيون. ص: 106/ القس حنانيا المير: الدر المرصوف في تاريخ الشرف ص 160.

[24]  كلمة الشيخ سليمان بن عبد الوهاب: الصواعق الالهية في الوعد الوهابية ص : 27. نقلاً عن نجم الدين الطبسي، السفلية والسلفيون ص: 56.

[25]  د. هلا امون، م. س. ص: 23

[26]  غسان ملحم ، الاسلام السياسي والحداثة في زمن العولمة، الاخبار، 18-7-2013.

[27]  هادي قبيسي، ازمة الهوية السلفية القتالية.

[28]  . د. بدر الإبراهيم: جذور العنف عند الجماعات التكفيرية.

[29]  فرانسوا اوبرال وجورج سعد، معجم الفلاسفة الميسر، ص 118

[30] فرانسوا اوبرال : معجم الفلاسفة الميسر، ص 121- 124

[31]  سورة النفال / الآية 42.

[32]  الامام الخامنئي ، كلمة في المؤتمر العالمي لمواجهة التيارات التكفيرية. كانون الثاني، 2015.

[33]  التوحيدية

[34]  د. نسيب حطيط ، السلفية ، م. س، ص16.

[35]  مسودة الوثيقة الثقافية الصادرة عن معهد المعارف الحكمية، بيروت تاريخ 18-6-2015

[36]  د. محمد طلس ، تاريخ العرب، م (2) ، 5/ 162- 165

[37]  مدرسة اصحاب الحديث: مالك بن انس ثم لاحقاً الامام احمد بن حنبل.

[38]  واصل بن عطاء. شيخ المعتزلة (ت181 ه/ 797م) الذي اعتزل مجلس الحسن البصري : الشهرستاني 1/54

[39]  اعتبر المعتزلة البيان العربي في المجاز والتشبيه والاستعارة التي ترتكز عليها فكرة التأويل وقد اختلف الاصوليون حول قضية المجاز، فالحنابلة لا يستعملون القياس لان العقل عاجز عن الوصول الى ما وراء النص الديني

اما المعتزلة قالو ان اللغة ليست توفيقية بمعنى أنها من وضع البشر وما سيطرأ عليها من تغير في الدلالة فمرده الى تغير حياة المجتمع نفسه را: الحنابلة في بغداد ، محمد محمود. المكتب الاسلامي ، ط (1) 1986 ، بيروت ، ص 19-20

[40]  الشهرستاني، الملل والنحل، 1/243 – 246.

[41]  الاجري ، (ت 360 هـ / 970 م) الشريعة ، تحقيق محمد حامد الفقي. دار الكتب العلمية، بيروت (1) ، 1983، ص 51

[42]  ابو منصور الماتريدي ، عالم كلام، ولد في سمرقند.

[43]  المأمون بن هارون، تولى العهد سنة 18 سنته 198هـ الى 218هـ 814 م الى 833م

[44]  المعتصم ، ابو اسحاق بن الرشيد تولى الحكم 218- 833 ه) (ت 227هـ / 842)

[45]  ان مذهب المعتزلة قد تبنته الخالفة العباسية منذ مجيئ المتوكل على الله بن جعفر بن المعتصم، 232هـ/ 846م ) (247 هـ / 861 م ) بداية الانحلال في الدولة العباسية ، بدأ المتوكل عهده بنهي الناس عن القول بخلق القرآن.

[46]  حتى كانت الدولة العباسية تطلق الاسرى عند الدولة البيزنطية مقصوراً على الذين يقولون بخلق القرآن – را: د. حسن ابراهيم ص تاريخ الاسلام السياسي والدين والثقافي والاجتماعي، دار النهضة المصرية ، 1956 ، 3/213

[47]  ابن ابي يعلي ، طبقات الحنابلة، 1/ 90 "طار بحظها وعنائها في الاسلام

[48]  ابن ابي يعلي، م .ن، 10/88 ترجمة ابن الزوزني (ت 451 هـ/ 1059م)

[49]  ابن رجب ذيل طبقات الحنابلة، 1/90 نقلاً عن البرداني = (461 هـ/ 1068م)

[50]  ابن ابي يعلي ، طبقات الحنابلة، 1/ 13 وابن رجب، ذيل طبقات الحنابلة ، 1/20 من لم يكن حنبليا فليس بمسلم.

[51]  ابن ابي يعلي ، طبقات الحنابلة ، 1/ 7.

[52]  را: عن التأويل : ابن رجب، ذيل طبقات الحنابلة، 1/ 64 و 1/ 384 مع ترجمة ابن الفاعوس الحجري (ت 521 هـ/1127 ) وتعليق ابن رجب 1/ 385

[53]  حديث شريف

[54]  را: الآجري، الشريعة ، ص 14-18

[55]  ابن رجب ، ذيل طبقات الحنابلة، 1/ 64 ترجمة ابو القاسم بن مندة (ت 470 هـ/ 1077م)

[56]  ابن ابي يعلي ، طبقات الحنابلة 10 / 286.

[57]  ابن رجب ، ذيل طبقات الحنابلة 10/301. سمعت احمد بن حنبل يقول في اجابة عن سؤال رجل يفضل عمر بن عبد العزيز على معاوية بن ابي سفيان فقال احمد : لا تجالسه ولا تؤاكله ولا تشاربه، اذا مرض فلا تعده.

[58]  ابن ابي يعلي، طبقات الحنابلة ، 1/184 182 = 210 تاريخ بغداد ، للبغدادي، 2/179

[59]  ابن ابي يعلي ، طبقات الحنابلة 10/ 17.

[60]  ابن ابي يعلي ، م. ن. 2 / 122

[61]  الصفدي ، الوافي بالوفيات ، 12/146 -147 رقم 119- را: ابن تيمية : مجموع الرسائل والمسائل حققه: مجموعة، دار الكتب العملية – بيروت ، ط(1) 1983، 1/218 وما نقله عن الإبانة وبما كان عليه احمد بن حنبل قائلون ولما خالف فيه مجانبون لأنه الامام الفاضل والرئيس الكامل الذي ابان الله به الحق وعند ظهور الضلال واوضح المنهاج وقمع به بدع المتبدعين، وزيغ الزائغين ، وشك الشاكيين وحرمة الله عليه من امام مقدم وكبير مفهم وعلى جميع ائمة المسلمين.

[62]  ابن ابي يعلي ، طبقات الحنابلة، 1/310 را: عن لباس المرأة في العصر العباس الاول ، د. محمد اسعد طلس، تاريخ العرب المجلد الثاني، 5/125

[63]  ابن ابي يعلي، طبقات الحنابلة، 1/79 -122 و 115

 [64] ابن ابي يعلي، م. ن، 1/29

[65]  الجهم بن صفوان ثار على بني امية قتل سنة (116 هـ/734م)

[66]  ابن ابي يعلي، طبقات الحنابلة ، 1/8

[67]  الآجري، الشريعة ،  ص 14

[68]  ابن ابي يعلي ، م. س، 1/90

[69]  ابن ابي يعلي، طبقات الحنابلة 1/8

[70]  توحيد الإلوهية : هو افارد الله تعالى بالعبادة

[71]  توحيد الربوبية: افراد الله تعالى بالخلق والرزق والملك والتدبير....

والنفع والمنع هو سبحانه الذي له الامر كله، وهو لا يكفي في الدخول في الاسلام، فالذي يدخل الرجل في الاسلام هو توحيد الألوهية را: ابن تيمية : مجموع الفتاوى ، 3/72.

[72]  توحيد الأسماء والصفات: افراد الله تعالى باسمائه الحسنى وصفاته العظيمة بصفات الكمال وفق شرطين

1-                  الاسماء والصفات الواردة بالكتاب والسنة بدون تأويل ظاهري ولا باطني بلا تكييف.

2-                 تنزيه الله تعالى عن التشبيه

را: عقائد السلفية ، يحيى فرحات، 2015

[73]  المراد بأسماء الدين مثل مسلم ومشرك ومؤمن وكافر. فكل حكم علق بأسماء الدين من اسلام وايمان وكفر وردة.. انما يثبت لمن اسقف بالصفات الموجبة لذلك وان مسائل التكفير والتنسيق هي من مسائل الاسماء والاحكام وتتعلق بها الموالاة والمعاداة والقتل والحكمة ، را: ابن تيمية مجموع الفتاوى ، 35 / 226 – 12/ 468.

را: ايضاً عن الموضع بالتفصيل: كتاب الحقائق في التوحيد تأليف الشيخ علي الخضير.

[74]  الدرر السنية في اجوبة علماء النجدية ، 1/10-86 – 9/291 - 205

[75]  نجم الدين الطبسي ، السلفية والسلفيون ، ص: 61

[76]  الدرر السنية 10/39.

[77]  صحابي : قتل اسامة ابن زيد مشركاً بعدما قال لا اله الا الله، فقال له رسول اله (ص): فكيف تصنع بلا الله الله الاله؟ اذا جاءت يوم القيامة: را: الذهبي ، سير اعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة – بيروت ط(2) 1982، 2/496 رقم 104.

 [78] الدرر السنية ، 9/239 – 10/429

[79]  محمد بن عبد الوهاب ، كشف الشبهات، ص : 43

[80]  الدكتور بدر الابراهيم ، جذور العنف عند الجماعة التكفيرية

[81]  العمدي الياس فرحات ، جذور العنف التكفيري.

[82]  حديث شريف : رواه ابو داود في لزوم السنة والترمذي  في العلم.

[83]  ابن رجب ، ذيل طبقات الحنابلة، 2/72

[84]  ابن رجب، م. ن، 2/220 رقم 147.

[85]  را: يحيى قاسم فرحات ، دور الفقهاء السياسي ، الدين والاجتماعي في بلاد الشام في العصر المملوكي الأول. ص: 421-424

[86]  ابن رجب ، ذيل طبقات الحنابلة 10/11

وفي عشرات الأماكن في طبقات الحنابلة وذيلها.

[87]  الدعاء عند قبر معروف الكرخي مستجاب

[88]  را: ابن رجب ، ذيل طبقات الحنابلة، 2/348 و 466 - 476

[89]  را : طبقات الشافعية الكبرى

[90]  تأثير ابن تيمية في ابن كثير، والذهبي وغيرهم من الشافعية. يقول السبكي: إن هذه الرفقة المزي والذهبي البرزالي أضربها ابو العباس إبن تيمية، إضراراً بيناً وحمّلها من عظائم الامور امراً ليس هيناً وجرهم الى ما كان التباعد عنه اولى بهم طبقات الشافعية الكبرى، 6/254

[91]  محمد بن عبد الوهاب بن سليمان ولد سنة 1115هـ/ 1703م. في العيينة في بلاد نجد . نشر بالاصلاح الديني ويدعوا الى مذهب الامام احمد بن حنبل ويحرض على قراءة كتب ابن تيمية. تعاون بداية مع امير الدرعية محمد بن سعود في سنة 1157 ه/1744م) الذين توفي في سنة1765 م) ثم تولى سعود بن عبد العزيز الثاني (ت 1814م) سنة 1803 م اتفق هو والشيخ على نشر الدعوى بالسيف. فاتسع نطاقها وعمت جميع شرق الجزيرة العربية واليمن والحجاز الى ان مات ابن عبد الوهاب سنة / 1206ه / 1792م) في الدرعية فخلفه ابنه وقويت الصلات بين آل عبد الوهاب وأل سعود طوال العصر ، وما يزال ابناء عبد الوهاب حتى ايامنا هذه معروفين بآل الشيخ .

[92]  را : د. محمد اسعد طلس، تاريخ العرب ، 8/24

[93]  محمد اديب آل تقي الدين الحصني، كتاب منتخبات التواريخ لدمشق، قدم له د. كمال الصليبي، منشورات دار الآفاق الجديدة ، بيروت ، ط1، 1979م، 1/ 280

[94]  د. هلا أمون، رحلة العنف المقدس، ص: 20.

[95]  محمد الحصني ، م. س، 1/343- 343

[96]  محمد الحصني ، منتخبات التواريخ ، 1/ 344

[97]  محمد الحصني ، م. ن، 1/ 344

[98]  محمد الحصني ، م. ن ، 1/ 344

[99]  دور الأزهر في مقاومة الاحتلال الفرنسي وخصوصاً في 22-10-1798

[100]  الآلاف من الكتب الداعية الى تكفير ومواجهة ايران والشيعة. على سبيل المثال: احسان الهي ظهير، وجاء دور المجوس

[101]  السرورية، نسبة الى محمد سرور بن نايف زين العابدين الذي مزج السلفية الوهابية بالقطبية الاصولية. وكان يرى ان ما ينقص السلفية هو ان تكون مسيسة وثورية ووجد ان فكر سيد قطب يتكفل بهذه المهمة.

لقد نتج عن عملية المزج هذه المزيد من تحنبل الاخوان وتوهب القطبيين منهم وقطبيه تيار الصحوة الوهابي وتسيسة. را: د. عبد الغني عماد ، السلفية واشكالية الآخر بين المفاصلة والمفاضلة، نشر ضمن كتاب السلفية، معهد المعارف الحكمية = ص 74 -75

[102]  ابو الاعلى المودودي ، المصطلحات الاربعة في القرآن ، القاهرة، دار التراث العربي، ط2، 1936.

[103]  الآجري ، الشريعة، ص 71

[104]  سيد قطب: معالم في الطريق ، ص 67.

 [105] سيد قطب، في ظلال القرآن 3/816 را: السلفية الجهادية كتاب قيم تأليف د. محمد علوش، اصدار دار الملاك ص 27 وما بعد.

[106]  سيد قطب ، معالم في الطريق، ص 173. را: عن التكفير عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، حسن بن فرحان المالكي، داعية وليس نبياً . دار الرازي ، مركز الدراسات التاريخية ، عمان، ط1، 2004، ويعتبر من اهم الكتب في مجاله.

[107]  را: ابن رجب ، ذيل طبقات الحنابلة، 3/329.

[108]  ابن ابي يعلي، طبقات الحنابلة ، 1/127.

[109]  الذهبي (ت ، 748 هـ/1374 م) : طبقات الحفاظ

[110]  الذهبي ، طبقات الحفاظ

[111]  الآجري ، الشريعة ، ص: 20 را: الاوضاع الاجتماعية في العصر العباسي ، الطبي، وابن الاثير.

[112]  ابن تيمية، مجموعة الرسائل والمسائل ، دار الكتب العلمية، بيروت ، ط1، 1983 1/ 65.

[113]  د. مصطفى محمود، الاسلام السياسي والمعركة القادمة، دار اخبار اليوم، العدد 338، ص 24

[114]  را: عن اغتيال انور السادات، عادل حمودة ، اغتيال رئيس ، دار اقرأ ط1، 1985.

[115]  د. محمد علوش، السلفية الجهادية، ص: 34.

[116]  الامام محمد بن احمد بن عبد الهادي ، العقود الدرية من مناقب شيخ الاسلام احمد بن تيمية ، تحقيق ، محد حامد الفقي دار الكاتب العربي، د. ت، ص 198

[117]  الذهبي : ذيل تاريخ الأسلام ، ص. 191 / را: يحيى فرحات دور الفقهاء السياسي.

[118]  الصفدي، الوافي بالوفيات. 4/79.

[119]  خطابه في الاونيسكو بيروت

[120]  اكثر من تصريح بعد 2011

[121]  علي يوسف الإسلام وتهمة الارهاب، ص 7.

[122]  هادي قبيسي، ازمة الهوية السلفية القتالية.

[123]  د. مصطفى محمود ، الاسلام السياسي، ص  : 26 القرامطة : نسبة الى حمدان بن الأشعث ويلقب بقرمط. فهو مثلاً وضع ضريبة اسماه ضريبة الهجرة لانشاء دار الهجرة ابن الأثير 8/36.

[124]  د. هلا امون ، رحلة العنف المقدس، ص : 9.

[125]  نهج البلاغة، 4 / 15.

[126]  علي يوسف ، الاسلام وتهمة الارهاب ، سلسلة ادبيات النهوض ، دار المعارف الحكمية ، بيروت 2015، ص 4-5

[127]  د. مصطفى محمود ، الاسلام السياسي، ص: 6

[128]  علي يوسف ، الاسلام وتهمة الارهاب، ص: 6

[129]  د. مصطفى محمود الاسلام السياسي ، ص : 71

[130]  ابو بكر الناجي ، ادارة التوحش

[131]  د. مصطفى محمود، الإسلام السياسي، ص: 25.

[132]  كسنجر ، جريدة الحياة

[133]  طلب ابو محمد الجولاني من ابي بكر البغدادي الإذن له بالذهاب الى سوريا . وفي سنة 2012 ثم اعلن البغدادي في نيسان 2013 ان جبهة النصرة والتي اعلن عن تشكيلها في 24-1-2012 هي جزء من تنظيم الدولة الاسلامية في العراق معلناً دمج التنظيمين تحت مسمى واحد وهو الدولة الاسلامية في العراق والشام.

[134]  الامام الخامنئي، كلمته في المؤتمر العالمي لمواجهة التكفير، ص 14.

[135]  ابن تيمية: مجموع الفتاوى

[136]  الامام الخامنئي م. س. ص : 12.