ثقافة الفداء في مواجهة ثقافة التكفير

ثقافة الفداء في مواجهة ثقافة التكفير

 

 

ثقافة الفداء في مواجهة ثقافة التكفير

                                       بقلم علي مهدي زيتون

 

الفداء مصطلح مركّب مبني على ثنائيّة السلوك والموقف. ويعني ذلك أن أيّ طرفٍ من طرفي هذه الثنائية لا ينفكّ عن الآخر. فالموقف الذي لا يُترجم سلوكاً هو موقف مفرَغ. يصبح لغواً, وقد يصبح معوّقاً مخلَّصاً من أيّ بعد إيجابي. هذا والسلوك الذي لا يمثّل ترجمة لموقف ليس فداءً حقيقياً. هو سلوك مجّاني مفرَغ ، وقد يصبح معوّقاً مخلّصاً من أيّ بعدٍ إيجابي أيضاً. وارتباط السلوك بالموقف ارتباطاً جدليّاً يعني أنه متعلّق بسلم قيمي. والسلّم القيمي لا يكون بالطبع, إلا بوجود منظومة مفاهيمية تقتضيها ثقافة محدّدة. والثقافة ثقافات: منها الثقافة السماوية المرتبطة بدين من الأديان, ومنها الثقافة الوضعيّة المتعلّقة بفلسفة من الفلسفات ، أو علم من العلوم . وإذا كان لكل منظومة مفاهيميّة سلّمُ قيمٍ مرتبطٌ بها يعني أنّ مصطلح الفداء متعدد بتعدّد زوايا الرؤية التي يُنظر إليه منها . فهل يعني ذلك أن هذا المصطلح ليس مفهوماً ثابتاً؟ ولكي لا ندخل في جدل، قد يكون عقيماً؛ لأنّ الفداء وفق الماركسية تضحية تصبّ في مصلحة الطبقة العاملة العالميّة, وهو بالنسبة إلى الرأسمالية الأميركية خصوصاً تضحية من أجل ديموقراطية مشكوك بأخلاقياتها. وهو غائب تماماً عن سماء الفلسفة الوجودية، غير مطروح للدرس أوللفهم.

ولقد تحدّرت إلينا من التاريخ البشري تجارب فداء متعلّقة بالموقف من الحقيقة التي يؤمن بها الفادي . تجرّع سقراط كأس السمّ مختاراً الموتَ بديلاً مشرِّفاً من الخضوع لرأي لا يؤمن به. وتعالى صوت غاليلو: "ولكن الأرض تدور" لحظة إعدامه الذي تسبّب به قولُه بدوران الأرض. ولقد تحوّل هذان العلمان إلى رمزين للفداء حفظتهما الثقافة البشريّة على امتداد تاريخها، فكانا جزءاً من الشعريّة العالميّة الخالدة.

وجاء الإسلامُ ثقافةً تغييريّةً لها منظومتها المفاهيميّة ، ولها وجهة نظرها في الفداء. ولعلّ النموذج الأوضح في القرآن الكريم هو تجربة سيّدنا إبراهيم الخليل(ع) . وتجربته مع كفار عصره الذين حاولوا قتله حرقا كانت تجربة فدائيّة بامتياز. تقبّل الاحتراق من دون أن يعرف بأنّ النار ستكون  بردا وسلاما عليه. وهو لم يَفْدِ الحقيقة والدين اإلّا بناء على موقف متعلّق بمنظومة مفاهبمه قوامها الأسلام الحنيف, ومحاججته قومَه التي كانت مادّتُها القمرَ والشمسَ وأفولَهما كانت  حجاجا مبنيّا على عقل علمي يمثّل ضرورة لإقناع الناس برسالته. وهو بوصفه واحدا من رسل الله مهديٌّ كما جاء في القرآن  الكريم على لسان  هؤلاء الرسل " وما لنا لا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا" (إبراهيم، 1412 ). وإذا قامت الهداية على بصيرة نافذة إلى الحقيقة، فإنها لا تقوم الإ على (بيّنة). والبيّنة قرينة الحقيقة اليقينيّة،أداة العقل العلمي   الذي تبنّاه الإسلام في خطابه القرآني . ما يُرادُ الوصولُ إليه هو أن الفداء الإبراهيمي فداء نموذجي. وهو عندما حطّم  أصنام قومه إنما كان يضعهم في مواجهة الحقيقة الملموسة. لمَ تعبدون ما لا يستطيع الدفاع عن نفسه؟

وهو عندما اتّهم كبير الأصنام بالتكسير، إنما أراد أن يصل بالناس إلى حقيقة لا مجال لردّها. وإذا كانت ثقافة قومه ثقافة غير علميّة بالأصل لم يتقبلوا العلميّ الذي واجههم به (ع). ووصول إبراهيم إلى أن يواجه الموت حرقا يعني أنه تقبّل الشهادة دون الحقيقة التي حمّله الله مسؤوليتّها. وهو إذ لم يتردّد في ذبح ولده إسماعيل ، فلأنه شديد الإيمان بالثقافة التي وُكِّل إليه أمرُإشاعتها بين الناس . كانت رؤياه التي تمثل طلبا حقيقيا من الله رؤيا وظيفيّة ، القصدُ منها اختبار قدرته على الفداء وفق وتيرة أعلى . وإذا كانت التضحية بالذات أمرا مستصعَبا، فإنّ تقبّل التضحية بالإبن مسألة أشدّ صعوبة. وفداء إسماعيل بذبح عظيم إنما كان إخراجا إلهيّا للحيلولة دون ذبحه ؛ لأنّ المقصود كان الاختبار الذي نجح به سيدّنا إبراهيم(ع) أيّما نجاح.                              ويوصلنا هذا إلى القول بأنّ التركيب اللغوي (ثقافة الفداء) قائم على التجوّز. فإضافة كلمة(ثقافة) إلى كلمة (فداء) قد خرجت بالمضاف إليه من دلالته المعجميّة التي تقوم على البدليّة . دفعت به  ليصبح رديفا لكلمة (شهادة) تخصيصا . وكلمة (شهادة) ، وإن كانت فداءً وفق مستوى عالي الوتيرة، إلّا أنّها صرفت انتباهنا عن خصوصيّة ما تعنيه كلمة (فديناه) في قوله تعالى :   " وفديناه بذبح عظيم " حيث الفدية ضحيّة حيوانيّة ، أو ما يعنيه (فداء) عبدالله بن عبد المطّلب بذبح مئة ناقة من الإبل ، أو ما تعنيه ذبائح الأضاحي أو النذور ، لتدخلنا دائرة ذات خصوصيّة معيّنة تضعنا في مناخات الموقف من القضايا الكبرى ، والذي يدفع بصاحبه إلى سلوكٍ يُتوَّج بالفداء / الشهادة . والقضايا الكبرى التي يفديها الإنسان بحياته تصنّف عملَه هذا في أعلى مقامات الفداء . والفداء في علاقته بالموقف من القضايا الكبرى متعالٍ على ذلك الموقف ؛ لأنّ الموقف ، بحدّ ذاته ، ليس فداء متحقّقا . فصاحب الموقف قد يُقدم على الفداء وقد لا يقدم . كثيرون من أصحاب القضيّة الفلسطينيّة : فلسطينيّين ، وعربا ، ومسلمين ، وإنسانيّين مقتنعون بعدالة هذه القضيّة ، ولكنّهم ليسوا جميعا مستعدّين للشهادة من أجلها .

والفادي ، بناء على ذلك ، إنسان سلوكه عين قناعاته . نستطيع وصفه بأنّه إنسان التوهّج .                                                                    ولئن قصرنا الفداء على الشهادة ؛ لأنّها قاعدة التحرّر في هذه المرحلة التاريخيّة ، فإنّ ذلك لا يقلّل من مستويات الفداء الأخرى ولا يلغي وظيفتها . فإذا تطلّب الموقف أن نضحّي بأموالنا حفظا للقضيّة ، تكون هذه التضحية منتهى التضحية في هذه التجربة بالذات . وهجرة أبي بكر الصدّيق مع الرسول (ص) ، تاركا جميع أمواله في مكّة وقد كان غنيّا ، يعني أنّه اختار القضيّة على المال . وحين تقتضي القضيّة استعدادا للشهادة من أجلها ، فإنّ هذا الإستعداد هو ذروة التضحية . ونوم عليّ (ع) في فراش الرسول ، ليلةَ هجرته إلى المدينة ، يعني أنّ القضيّة قد تعالت عنده على الحياة . وإذا تطلّب  الأمرالمبادرة إلى الاستشهاد وافتداء القضيّة بالروح كانت الشهادة عين الفداء ومنتهاه ، لا بل كانت أرقى أنواعه . والحسين (ع) حين خرج للإصلاح في أمّة جدّه ، وكان الإصلاح هو القضيّة الملحّة الكبرى بعد أن عاث يزيد فسادا وإفسادا ، حين جعل الدنيا متعالية على الدين، فإنّه يكون قد اختار القضيّة وانحاز إليها على حساب حياته ، أراد للدين أن يكون متعاليا على الدنيا .     ومهما يكن من أمر فإنّ الآليّة الإسلاميّة للدفاع عن الإسلام وعن ثقافته آليّة عابرة للعصور . وشهادة الإمام عليّ (ع) سواء أكانت تلك المفترضة ، يوم نام في سرير الرسول(ص) ، أم كانت تلك التي تحقّقت في مسجد الكوفة وهو يؤمّ المصلّين، هي المحرّك الفاعل لثقافة إسلاميّة فدائيّة ممتدّة على الزمان ، خصوصا أنّه قد عدّ الشهادة فوزا . وجاءت شهادة الإمام الحسين(ع) امتدادا لشهادة والده . كانت شهادة الوالد (ع) في مواجهة تعالي الدنيا الإعلانَ الأوّل عن توقّف الفاعليّة السليمة للثقافة الإسلاميّة  في ذلك الزمان . وجاءت شهادة الإبن (ع) ، في أثناء محاولته الإصلاحَ في أمّة جدّه ، إعادةَ الفاعليّة لتلك الثقافة لتمثّل الإعلانَ الثاني . ولقد كانت هاتان الشهادتان المؤشّر القويّ إلى أنّ المسيرة الإسلاميّة لم تعد بخير ، خصوصا أنّ السلطة (الدنيا) قد باتت بأيدي أهل الدنيا . وهذا ما لفت النظر إلى الحديث الشريف عن المنتظَر في آخر الزمان . وإذا كان الإسلام هو الثورة الأولى والأخيرة في حياة البشريّة ، فإنّ شهادة الإمامين هي بذرة الخير المحرّكة لإحياء الثورة الإسلاميّة ، وهي النموذج . وما قام به الإمام الخميني (قده) ، وما تقوم به المقاومة الإسلاميّة التي تشكّل امتدادا للفكر الخمينيّ ، هما نتاج الثورة الأولى من جهة ، وهما من الفاعليّات التمهيديّة لزمن الظهور .                                       ومهما يكن من أمر ، فإنّ الحديث عن الفداء يجرّنا إلى التوقّف عند معاني الفداء ومقتضياته في عصرنا الراهن . خرج الأتراك العثمانيّون من بلادنا بداية القرن العشرين أي بعد أربعة قرون من الاحتلال ، من دون أن يؤهّلوها للاستمرار في حياة صحيّة معافاة ؛لأنّهم مارسوا خلال هذه المدّة أنواعا شتّى من الظلم والتجهيل . وحضر الغرب إليها مالئا الفراغ تحت شعار(الاستعمار)                    الذي لم يكن استعمارا ، ولكنّه على العكس من ذلك ، مارس نهب ثروات مجتمعاتنا التي جعلها سوقا استهلاكيّة لمنتوجات مصانعه . وكان أن زرع في فلسطين جسما غريبا ، شرطيّا يحافظ له على تخلّفنا من جهة ،وعلى مصالحه من جهة ثانية . وما يحدث الآن في سوريا ، حسب تقديري ،هو آخر معاركنا في مواجهته . إنّها المعركة الحاسمة ، وبنفَسٍ تفاؤليّ سيكون الحسم لصالح مجتمعنا . ستزول إسرائيل ، وسينتهي الاستعمار .  وتجربة (الفداء) التي تمركزت في أرض الجنوب اللبناني ، فحقّقت الانتصار الأوّل على العدوّ الإسرائيلي في التاريخ العربي الإسلامي الحديث ، ستكون المهاد القويّ للانتصار الثاني ،إن شاء الله ، في سوريا ، وللانتصار الكبير في فلسطين . فحركة الفدائيّين الفلسطينيّة كانت حركة رائدة . والشهيد سمير القنطار الذي كان نتاجا من نتاجاتها ورمزا من رموزها مثّل بحركته نحو الشهادة ما كانت تحمله تلك الحركة من هواجس ومعاني . وتجربة الاستشهاد التي بدأت مع الأحزاب القوميّة واليساريّة ،وأعطت أُكُلَها مع استشهاديّي المقاومة الإسلاميّة تحريرا لكامل التراب اللبناني تقريبا ، ومصدرا لرعب الإسرائيليّين ، أعادت للقضيّة الفلسطينيّة الأمل، خصوصا أنّها قد ألقت بانتصارها الحجّة على الأمّة بعد أن أرتها أنّ تحرير فلسطين أمر ممكن . هو فعل فداءٍ واستشهاد . ولقد أدّت بنا لنفكّر من داخل دائرة الانتصار ، بعد أن فرضت علينا الهزائم العربيّة التفكير من داخل دائرتها . وكما فهمنا نحن هذا الدرس ، فهمه الأعداء . وأفادوا من الخلل الذي شهده تاريخنا الثقافي ارتكازا على ما جاء به ابن تيميّة . ولقد حضر التكفير إلى مجتمعنا  إعلانَ حرب على الثقافة الإسلامية القرآنية المتعلقة بالفداء. ذلك أنّ ابن تيمية الذي لم يلتفت إلى غضب الرسول(ص) من ذلك المقاتل المسلم الذي أجهز على منازلِهِ في القتال بعد أن أعلن ذلك المنازِلُ إسلامَه. وإذا  احتجَّ المسلم أنّ القتيل كاذب في إعلانه، أجابه الرسول(ص): "وهل شققت صدره، وأطلعت على فؤاده؟ إنها الحيطة الإسلامية العالية في التعامل مع استعجال التكفير. يكون الخروج من البيت إلاّ من الباب الذي دُخل منه إليه. وإذا كان الإسلام قائماً على الشهادتين ،فإن الخروج منه لا يكون إلاّ بالتنكر للشهادتين نفسيهما. والمسلم هو من نطق بهما بقطع النظر عن عمق إيمانه بهما.

ولقد كان لإبن تيمية إمتدادٌ في عصرنا. فمحمد بن عبد الوهاب لم يكن مجتهدا، كان أداة بريطانية في مرحلة أولى وغربيّة أميركية في مرحلة   ثانية . وظيفتهاالأساسية زرع بذرة الشّقاق في الحياة الإسلامية. والدليل الكبير على ذلك أن الحركة الوهابية لم تقم بالدعوة إلى الإسلام خارج الديار الإسلامية، قامت ببثّ عقيدة التكفير داخل البلاد الإسلامية. يعني أنها كانت إسفينا قاسيا دُقّت به الثقافة الإسلامية ، لكي تتآكل من الداخل. وبدلا من أن يكون النفط عاملا إيجابيا في خدمة الأمة ، وقضايا الأمة ، وعلى رأسها تخليص فلسطين من أيدي الصهاينة، صار فاعلا قويا في تفتيت الأمة وصرف نظرها عن قضاياها الملحة. وكما خدم ابن تيمية أعداء الأمة حين سعّر الحرب على بعض الطوائف التي أدّت دورا تاريخيا مهمّا في الدفاع عن شواطئنا الغربية  في سوريا ولبنان ، مثّل الفكر الوهابي التكفيري، اليوم، الأداة الفاعلة في يد إسرائيل للإجهاز على الأمة.

وإذا كانت العمليّات الاستشهاديّة هي الرعب القاتل للإسرائيليّين ؛ لأنّها فوّتت عليهم تفوّقَهم التقني العسكري ،وقدرتَهم على إرهابنا ، محدّدة درب التحرير، وهذا أقصى حلمِنا وأقسى مصيرِهم ، فإنّ المشروع الغربي ، والذي تشكّل إسرائيل جزءا حيويّا منه ، لم ينكفيء . لجأ إلى محاولة تعطيل آلية الاستشهاد عبر تشويه طهريّتها في أعين المسلمين أنفسهم اعتمادا على ثقافة التكفير . إستولد الانتحاريّين الذين زيّن لهم العقل التكفيري ما زيّن . حاول ، عبر أدواته دولا ومنظّمات ، صَرْفَ نظرِ مجتمعِنا عن عدوّه الحقيقي إسرائيل مستبدلا به عدوّا آخر،هو النصير الحقيقيّ لقضيّتنا ، والذي بلغت نصرتُه إيّاها حدَّ التبنّي .                                                                    وتوجيه العمليّات الفرديّة التفجيريّة إلى جهة غيرِ جهتِها الحقيقيّة مدعاةٌ إلى وضع العمليّات الاستشهاديّة التي نُفّذت ضدّ العدوّ الإسرائيلي بالموازاة مع العمليّات الانتحاريّة . والقصد من وراء ذلك ليس إرهابَنا فقط ، ولكن الإساءَةَ إلى فكرة الفداء أيضا ، تمهيدا للقضاء عليها في أذهاننا . وما تبثّه وسائل الإعلام من خلطٍ بين الأعمال القتاليّة التي يقوم بها الجيش السوري وحلفاؤه من جهة ، وبين أعمال التكفيريّين القتاليّة المشينة من جهة أخرى ، سوى ذرٍّ للرماد في العيون ، خصوصا حين تتحدّث عن البراميل المتفجّرة ، وعن كيفيّة قتل النظام السوريّ شعبَه . يصبّ كلّ ذلك في الفكرة عينها ، تشويهِ فكرة الفداء لصالح إسرائيل والغرب .                                          نحتاج ، من أجل الانتصار في معركتنا التاريخيّة الفاصلة هذه ، فضلا عن الفداء ، جهودا ثقافيّة إعلاميّة تبرز صورةَ الفداء في التاريخ الإسلامي عبر رموزه المعروفة ، وصورةَ الفداء في تاريخنا الحديث ، وعبر رموزه المعروفة أيضا . معركتنا ليست معركة عسكريّة فقط . إنها معركة صراع الأفكار . ولعلّ المواجهة القائمة الآن داخل ثنائيّة (الفداء/الانتحار) إنّما تدلّ على أنّ الصراع بين الحقّ والباطل قد بلغ أوجه .لقد شحذ العدوّ آخر أسلحته، وعلينا أن نعرف كيف ننتصر .