حيث نزلوا فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها .
ونزلت قريش منزلها أحدا يوم الأربعاء فأقاموا ذلك اليوم ويوم الخميس ويوم الجمعة وراح رسول الله صلى الله عليه وآله حين صلى الجمعة فأصبح بالشعب من أحد فالتقوا يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاث وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله صلى الله عليه وآله يرى رأيه في ذلك .
أن لا يخرج إليهم وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يكره الخروج من المدينة فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيرهم ممن كان فاته يوم بدر وحضروه : يا رسول الله أخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا فقال عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة فلا تخرج إليهم فوالله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منهم فدعهم يا رسول الله فإن أقاموا أقاموا بشر وإن دخلوا قاتلهم النساء والصبيان والرجال بالحجارة من فوقهم وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاؤوا .
فلم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وآله الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وآله فلبس لأمته - وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة - ثم خرج عليهم وقد ندم الناس وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن لنا ذلك فإن شئت فاقعد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : " ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل " .
فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله في ألف رجل من أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد تحول عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه فأصاب ذباب سيفه فاستله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله - وكان يحب الفأل ولا يعتاف - لصاحب السيف " شم سيفك فإني أرى السوف ستستل اليوم " .
ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى الجبل فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وتعبأ رسول الله صلى الله عليه وآله للقتال وهو في سبعمائة رجل وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله على الرماة عبد الله بن جبير والرماة خمسون رجلا فقال : " انضح عنا الجبل بالنبل لا يأتونا من خلفنا إن كان علينا أو لنا فأنت مكانك لنؤتين من قبلك وظاهر رسول الله صلى الله عليه وآله بين درعين " .
وأخرج ابن جرير عن السدي " أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لأصحابه يوم أحد : أشيروا