جميعه فسجدوا لذلك الصنم .
فلما أراداها قالت لهما : قد بقيت لي حاجة أخرى .
قالا : وما هي ؟ قالت : لي شراب لا يطيب لي من العيش إلا به .
قالا : وما هو ؟ قالت : الخمر .
فدعتهما الفتنة إلى ذلك فقال أحدهما لصاحبه : إنا قد أمرنا أن لا نشرب خمرا ! فقال الآخر : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ محرما ولكنا نفعله ثم نتوب من جميعه .
فشربا الخمر .
فلما أراداها قالت : قد بقيت لي حاجة أخرى .
قالا : وما هي ؟ قالت : تعلماني الكلام الذي تعرجان به إلى السماء .
فعلماها إياه فلما تكلمت به عرجت إلى السماء فلما انتهت إلى السماء مسخت نجما فلما ابتليا بما ابتليا به عرجا إلى السماء فغلقت أبواب السماء دونهما وقيل لهما أن السماء لا يدخلها خطاء ! فلما منعا من دخول السماء وعلما أنهما قد افتتنا وابتليا عجا إلى الله بالدعاء والتضرع والإبتهال فأوحى الله إليهما : حل عليكما سخطي ووجبت فيما تعرضتما واستوجبتما وقد كنتما مع ملائكتي في طاعتي وعبادتي حتى عصيتما فصرتما بذلك إلى ما صرتما إليه من معصيتي وخلاف أمري فاختارا إن شئتما عذاب الدنيا وإن شئتما عذاب الآخرة .
فعلما أن عذاب الدنيا وإن طال فمصيره إلى زوال وأن عذاب الآخرة ليس له زوال ولا إنقطاع فاختارا عذاب الدنيا فهما ببابل معلقين منكوسين مقرنين إلى يوم القيامة .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق داود بن أبي هند عن بعض أصحابه قال : كان ملك الموت صديقا لإدريس عليه السلام فقال له إدريس يوما : يا ملك الموت قال : لبيك .
قال : أمتني فأرني كيف الموت ؟ قال له ملك الموت : سبحان الله يا إدريس ! إنما يفر أهل السموات والأرض من الموت وتسألني أن أريك كيف الموت ؟ قال : إني أحب أن أراه فلما ألح عليه قال له : يا إدريس أنا عبد مملوك مثلك وليس إلي من الأمر شيء .
قال : فصعد ملك الموت فقال : رب إن عبدك سألني أن أريه الموت كيف هو ؟ قال الله له : فأمته .
فقال له ملك الموت : يا إدريس إنما يفر الخلق من الموت قال : فأرني .
فلما مات بقي ملك الموت لا يستطيع أن يرد نفسه إليه فقال : يا رب قد ترى ما إدريس فيه ؟ فرد الله إليه روحه فمكث ما شاء حيا ثم قال يا ملك الموت : أدخلني الجنة فأنظر إليها ؟ قال له : يا إدريس إنما أنا عبد مملوك مثلك ليس إلي من الأمر شيء فألح عليه فقال ملك الموت : يا رب إن عبد إدريس قد ألح علي فسألني أن