قريش وسار رسول الله صلى الله عليه وآله حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان أتاه عينه الخزاعي فقال : إني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش وجمعوا لك جموعا وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت .
فقال النبي صلى الله عليه وآله : أشيروا علي أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم فإن قعدوا قعدوا موثورين محزونين وإن لحوا تكن عنقا قطعها الله أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه ؟ فقال أبو بكر : الله ورسوله أعلم يا رسول اللهن إنما جئنا معتمرين ولم نجيء لقتال أحد ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه .
فقال النبي صلى الله عليه وآله : فروحوا إذن .
فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وآله : إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين .
فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش .
وسار النبي صلى الله عليه وآله حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته فقال النبي صلى الله عليه وآله : حل حل فألحت فقالوا : خلأت القصواء .
فقال النبي صلى الله عليه وآله : ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل .
ثم قال : والذي نفس محمد بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها .
ثم زجرها فوثبت فعدل بهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء إنما يتربضه الناس تربضا فلم يلبث الناس أن نزحوه فشكي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه .
قال : فو الله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه .
فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وآله من أهل تهامة فقال : إني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيتز فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إنا لم نجيء لقتال أحد ولكن جئنا معتمرين وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره .
فقال بديل سأبلغهم ما تقول .
فانطلق حتى أتى قريشا فقال : إنا قد جئناكم من عند الرجل وسمعناه يقول قولا فإن شئتم نعرضه عليكم فعلنا .
فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء .
وقال ذو الرأي منهم هات ما سمعته يقول .
قال : سمعته يقول :