أحدها أنه على ظاهره روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال هذا ربي فعبده حتى غاب وعبد القمر حتى غاب وعبد الشمس حتى غابت واحتج أرباب هذا القول بقوله لئن لم يهدني ربي وهذا يدل على نوع تحيير قالوا وإنما قال هذا في حال طفولته على ما سبق إلى وهمه قبل أن يثبت عنده دليل وهذا القول لا يرتضى والمتأهلون للنبوة محفوظون من مثل هذا على كل حال .
فأما قوله لئن لم يهدني ربي فما زال الأنبياء يسألون الهدى ويتضرعون في دفع الضلال عنهم كقوله واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ولأنه قد آتاه رشده من قبل وأراه ملكوت السموات والأرض ليكون موقنا فكيف لا يعصمه عن مثل هذا التخيير .
والثاني أنه قال ذلك استدراجا للحجة ليعيب آلهتهم ويريهم بغضها عند أفولها ولا بد أن يضمر في نفسه إما على زعمكم أو فيما تظنون فيكون كقوله اين شركائي وإما أن يضمر يقولون فيكون كقوله ربنا تقبل منا أي يقولان ذلك ذكر نحو هذا أبو بكر بن الانباري ويكون مراده استدراج الحجة عليهم كما نقل عن بعض الحكماء أنه نزل بقوم يعبدون صنما فأظهر تعظيمه فأكرموه وصدروا عن رأيه فدهمهم عدو فشاورهم ملكهم فقال ندعو إلهنا ليكشف ما بنا فاجتمعوا يدعونه فلم ينفع فقال هاهنا إله ندعوه فيستجيب فدعوا الله فصرف عنهم ما يحذرون وأسلموا .
والثالث أنه قال مستفهما تقديره أهذا ربي فأضمرت ألف الاستفهام كقوله أفان مت فهم الخالدون أي أفهم الخالدون قال الشاعر