من كان في الدنيا أعمى عن معرفة قدرة الله في خلق الأشياء فهو عما وصف له في الآخرة أعمى رواه الضحاك عن ابن عباس والثاني من كان في الدنيا أعمى بالكفر فهو في الآخرة أعمى لأنه في الدنيا تقبل توبته وفي الآخرة لا تقبل قاله الحسن والثالث من عمي عن آيات الله في الدنيا فهو عن الذي غيب عنه من أمور الآخرة أشد عمى والرابع من عمي عن نعم الله التي بينها في قوله ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر إلى قوله تفضيلا فهو في الآخرة أعمى عن رشاده وصلاحه ذكرهما ابن الأنباري والخامس من كان فيها أعمى عن الحجة فهو في الآخرة أعمى عن الجنة قاله ابو بكر الوراق .
والثاني أنها النعم ثم في الكلام قولان أحدهما من كان أعمى عن النعم التي ترى وتشاهد فهو في الآخرة التي لم تر أعمى رواه عكرمة عن ابن عباس والثاني من كان أعمى عن معرفة حق الله في هذه النعم المذكورة في قوله ولقد كرمنا بني آدم ولم يؤد شكرها فهو فيما بينه وبين الله مما يتقرب به اليه أعمى وأضل سبيلا قاله السدي قال ابو علي الفارسي ومعنى قوله في الآخرة أعمى أي أشد عمى لأنه كان في الدنيا يمكنه الخروج عن عماه بالاستدلال ولا سبيل له في الآخرة الى الخروج من عماه وقيل معنى العمى في الآخرة أنه لا يهتدي إلى طريق الثواب وهذا كله من عمى القلب .
فان قيل لم قال فهو في الآخرة أعمى ولم يقل أشد عمى لأن العمى خلقة بمنزلة الحمرة والزرقة والعرب تقول ما أشد سواد زيد وما أبين زرقة عمرو وقلما يقولون ما أسود زيدا وما أزرق عمرا .
فالجواب أن المراد بهذا العمى عمى القلب وذلك يتزايد ويحدث منه