وهذا آخر الإخبار عن موسى ثم أخبر الله تعالى عن نفسه بقوله فأخرجنا به يعني بالماء أزواجا من نبات شتى أي أصنافا مختلفة في الألوان والطعوم كل صنف منها زوج وشتى لا واحد له من لفظه كلوا أي مما أخرجنا لكم من الثمار وارعوا أنعامكم يقال رعى الماشية يرعاها إذا سرحها في المرعى ومعنى هذا الأمر التذكير بالنعم إن في ذلك لآيات أي لعبرا في اختلاف الألوان والطعوم لأولي النهى قال الفراء لذوي العقول يقال للرجل إنه لذو نهية إذا كان ذا عقل قال الزجاج واحد النهى نهية يقال فلان ذو نهية أي ذو عقل ينتهي به عن المقابح ويدخل به في المحاسن قال وقال بعض أهل اللغة ذو النهية الذي ينتهى الى رأيه وعقله وهذا حسن أيضا .
قوله تعالى منها خلقناكم يعني الأرض المذكورة في قوله جعل لكم الأرض مهادا والإشارة بقوله خلقناكم إلى آدم والبشر كلهم منه وفيها نعيدكم بعد الموت ومنها نخرجكم تارة أي مرة أخرى بعد البعث يعني كما أخرجناكم منها أولا عند خلق آدم من الأرض .
ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى قال موعدكم يوم الزينة وان يحشر الناس ضحى فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان