والثاني أن المنتصر لم يخرج عن فعل أبيح له وإن كان العفو أفضل ومن لم يخرج من الشرع بفعله حسن مدحه قال ابن زيد جعل الله المؤمنين صنفين صنف يعفو فبدأ بذكره وصنف ينتصر .
والثالث أنه إذا بغي على المؤمن فاسق فلأن له اجتراء الفساق عليه وليس للمؤمن أن يذل نفسه فينبغي له أن يكسر شوكة العصاة لتكون العزة لأهل الدين قال إبراهيم النخعي كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم الفساق فاذا قدروا عفوا وقال القاضي أبو يعلى هذه الآية محمولة على من تعدى وأصر على ذلك وآيات العفو محمولة على أن يكون الجاني نادما .
قوله تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها قال مجاهد والسدي هو جواب القبيح إذا قال له كلمة اجابة بمثلها من غير أن يعتدي وقال مقاتل هذا في القصاص في الجراحات والدماء .
فمن عفا فلم يقتص وأصلح العمل فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين يعني من بدأ بالظلم وإنما سمى المجازاة سيئة لما بينا عند قوله فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه البقرة 194 قال الحسن إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم من كان أجره على الله فلا يقوم إلا من عفا .
ولمن انتصر بعد ظلمه أي بعد ظلم الظالم إياه والمصدر هاهنا مضاف إلى المفعول ونظيره من دعاء الخير فصلت 49 و وبسؤال نعجتك ص 24 فأولئك يعني المنتصرين ما عليهم من سبيل أي من طريق إلى لوم ولا حد إنما السبيل على الذين يظلمون الناس أي يبتدؤون بالظلم ويبغون في الأرض بغير الحق أي يعملون فيها بالمعاصي