وقد كانت الرهبانية مستحسنة في دينهم والمعنى بأن فيهم علماء بما أوصى به عيسى من أمر محمد صلى الله عليه وسلم قال القاضي أبو يعلى وربما ظن جاهل أن في هذه الآية مدح النصارى وليس كذلك لأنه إنما مدح من آمن منهم ويدل عليه ما بعد ذلك ولا شك أن مقالة النصارى أقبح من مقالة اليهود .
قوله تعالى وأنهم لا يستكبرون أي لا يتكبرون عن إتباع الحق .
قوله تعالى وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول قال ابن عباس لما حضر أصحاب النبي عليه السلام بين يدي النجاشي وقرؤوا القرآن سمع ذلك القسيسون والرهبان فانحدرت دموعهم مما عرفوا من الحق فقال الله تعالى ذلك بأن منهم قسيسين إلى قوله من الشاهدين وقال سعيد بن جبير بعث النجاشي من خيار أصحابه ثلاثين رجلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليهم القرآن فبكوا ورقوا وقالوا نعرف والله وأسلموا وذهبوا إلى النجاشي فأخبروه فأسلم فأنزل الله فيهم وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول الآية وقال السدي كانوا اثني عشر رجلا سبعة من القسيسين وخمسة من الرهبان فلما قرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن بكوا وآمنوا فنزلت هذه الآية فيهم .
قوله تعالى فاكتبنا مع الشاهدين أي مع من يشهد بالحق وللمفسرين في المراد بالشاهدين هاهنا أربعة أقوال .
أحدها محمد وأمته رواه علي بن أبي طلحة وعكرمة عن ابن عباس .
والثاني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رواه أبو صالح عن ابن عباس والثالث الذين يشهدون بالإيمان قاله الحسن والرابع الأنبياء والمؤمنون قاله الزجاج وما لنا لا نؤمن بالله وما جآءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فأثابهم الله بما قالوا جنات