القائلين أن الخير من فعل النور والشر من فعل الظلام وقوله تعالى هو الذي خلقكم من طين فالمعنى خلق آدم من طين وقوله سبحانه ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده اختلف في هذين الاجلين فقال الحسن بن أبي الحسن وغيره أجلا أجل الإنسان من لدن ولادته إلى موته الأجل المسمى عنده من وقت موته إلى حشره ووصفه بمسمى عنده لأنه استأثر سبحانه بعلم وقت القيامة وقال ابن عباس أجلا الدنيا وأجل مسمى الآخرة وقيل غير هذا وتمترون معناه تشكون وقوله سبحانه وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم قاعدة الكلام في هذه الآية أن حلول الله في الأماكن مستحيل تعالى أن يحويه مكان كما تقدس أن يحده زمان بل كان قبل أن خلق المكان والزمان وهو الآن على ما عليه كان وإذا تقرر هذا فقالت فرقة من العلماء تأويل ذلك على تقدير صفة محذوفة من اللفظ ثابتة في المعنى كأنه قال وهو الله المعبود في السموات وفي الأرض وعبر بعضهم بأن قدر وهو الله المدبر للأمر في السموات والأرض وقال الزجاج في متعلقة بما تضمنه اسم الله من المعاني كما يقال أمير المؤمنين الخليفة في المشرق والمغرب قال ع وهذا عندي أفضل الأقوال وأكثرها إحرازا لفصاحة اللفظ وجزالة المعنى وإيضاحه أنه أراد أن يدل على خلقه وآثار قدرته واحاطته واستيلائه ونحو هذه الصفات فجمع هذه كلها في قوله وهو الله أي الذي له هذه كلها في السموات وفي الأرض كأنه قال وهو الله الخالق الرازق المحي المحيط في السموات وفي الأرض كما تقول زيد السلطان في المشرق والمغرب والشام والعراق فلو قصدت ذات زيد لقلت محالا وإذا كان مقصد قولك الآمر الناهي الناقض المبرم الذي يعزل ويولي في المشرق والمغرب فأقمت السلطان مقام هذه كان فصيحا صحيحا فكذلك في الآية أقام لفظة الله مقام تلك الصفات المذكورة وقالت