قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين قال أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم تقدم الكلام على قصص الآية في سورة البقرة وما في قوله ما منعك استفهام على جهة التوبيخ والتقريع و لا في قوله ألا تسجد قيل هي زائدة والمعنى ما منعك أن تسجد وكذلك قال أبو حيان أنها زائدة كهي في قوله تعالى لئلا يعلم أهل الكتاب قال ويدل على زيادتها سقوطها في قوله تعالى ما منعك أن تسجد في ص انتهى وجواب إبليس اللعين ليس بمطابق لما سئل عنه لكن لما جاء بكلام يتضمن الجواب والحجة فكأنه قال منعني فضلي عليه إذ أنا خير منه وظن إبليس أن النار أفضل من الطين وليس كذلك بل هما في درجة واحدة من حيث أنهما جماد مخلوق ولما ظن إبليس أن صعود النار وخفتها يقتضي فضلا على سكون الطين وبلادته قاس أن ما خلق منها افضل مما خلق من الطين فأخطأ قياسه وذهب عليه أن الروح الذي نفخ في آدم ليس من الطين وقال الطبري ذهب عليه ما في النار من الطيش والخفة والاضطراب وفي الطين من الوقار والأناة والحلم والتثبت وروي عن الحسن وابن سيرين أنهما قالا أول من قاس إبليس وما عبدت الشمس والمقر إلا بالقياس وهذا القول منهما ليس هو بإنكار للقياس وإنما خرج كلامهما نهيا عما كان في زمانهما من مقاييس الخوارج وغيرهم فأرادا حمل الناس على الجادة وقوله سبحانه فاهبط منها الآية يظهر منه أنه اهبط أولا وأخرج من الجنة وصار في السماء لأن الأخبار تظاهرت أنه أغوى آدم وحواء من خارج الجنة ثم أمر اخرا بالهبوط من السماء مع آدم وحواء والحية وقوله إنك من الصاغرين حكم عليه بضد معصيته التي عصى بها وهي الكبرياء فعوقب بالحمل عليه بخلاف شهوته وامله والصغار الذل