والقبح في الأحكام إنما هو من جهة الشرع لا بصفة نفسية والتخصيص من العموم يوهم أنه نسخ وليس به لأن المخصص لم يتناوله العموم قط وقول تناوله العموم لكان نسخا والنسخ لا يجوز في الأخبار وإنما هو مختص بالأوامر والنواهي ورد بعض المعترضين الأمر خبرا بأن قال أليس معناه واجب عليكم أن تفعلوا كذا فهذا خبر والجواب أن يقال أن في ضمن المعنى إلا أن انسخه عنكم وأرفعه فكما تضمن لفظ الأمر ذلك الأخبار كذلك تضمن هذا الاستثناء وصور النسخ تختلف فقد ينسخ الأثقل إلى الأخف وبالعكس وقد ينسخ المثل بمثله ثقلا وخفة وقد ينسخ الشيء لا إلى بدل وقد تنسخ التلاوة دون الحكم وبالعكس والتلاوة والحكم حكمان فجائز نسخ أحدهما دون الآخر ونسخ القرآن بالقرآن وينسخ خبر الواحد بخبر الواحد وهذا كله متفق عليه وحذاق الأئمة على أن القرآن ينسخ بالسنة وذلك موجود في قوله عليه السلام لا وصية لوارث وهو ظاهر مسائل مالك ت ويعنى بالسنة الناسخة للقرآن الخبر المتواتر القطعي وقد أشار إلى أن هذا الحديث متواتر ذكره عند تفسير قوله تعالى إذا حضر أحدكم الموت واختلف القراء في قراءة قوله تعالى أو نسنها فقرأ ابن كثير وأبو عمرو ننسأها بنون مفتوحة وأخرى ساكنة وسين مفتوحة وألف بعدها مهموزة وهذه بمعنى التأخير وأما قراءة نافع والجمهور ننسها من النسيان وقرأت ذلك فرقة إلا أنها همزت بعد السين فهذه بمعنى التأخير والنسيان في كلام العرب يجيء في الأغلب ضد الذكر وقد يجيء بمعنى الترك فالمعاني الثلاثة مقولة في هذه القراءات فما كان منها يترتب في لفظه النسيان الذي هو ضد الذكر فمعنى الآية به ما نسخ من آية أو نقدر نسيانك لها فانا نأتي بخير منها لكم أو مثلها في المنفعة وما كان على معنى الترك أو على معنى التأخير فيترتب فيه معان أنظرها ان شئت فاني آثرت