- الحديث الثالث : قال عليه السلام : .
- " ألا إن قتيل خطأ العمد : قتيل السوط والعصا وفيه مائة من الإبل " .
قلت : روي من حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث ابن عمر ومن حديث ابن عباس .
- فحديث عبد الله بن عمرو : أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه ( 1 ) عن خالد الحذاء عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل : منها أربعون في بطونها أولادها انتهى . ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثالث والأربعين من القسم الثالث قال في " التنقيح " : وعقبة بن أوس وثقه ابن سعد والعجلي وابن حبان وقد روى عنه محمد بن سيرين مع جلالته والقاسم وثقه أبو داود وابن المديني وابن حبان انتهى . وأخرجه النسائي أيضا عن خالد عن القاسم عن عقبة بن أوس عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم وأخرجه أيضا عن خالد عن القاسم عن عقبة أن النبي صلى الله عليه وسلّم مرسلا وأخرجه الدارقطني في " سننه - في الحدود " عن أيوب السختياني عن القاسم بن ربيعة عن عبد الله بن عمرو مرفوعا نحوه لم يذكر فيه عقبة بن أوس قال ابن القطان في " كتابه " : هو حديث صحيح من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص ولا يضره الاختلاف الذي وقع فيه وعقبة بن أوس بصري تابعي ثقة انتهى .
- وأما حديث ابن عمر : فأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه ( 2 ) عن علي بن زيد بن جدعان عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خطب يوم الفتح بمكة فكبر ثلاثا ثم قال : لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده إلا إن كل مأثرة كانت في الجاهلية من دم أو مال تحت قدمي إلا ما كان من سقاية الحاج وسدانة البيت ثم قال : ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا مائة من الإبل : منها أربعون في بطونها أولادها انتهى . ورواه أحمد والشافعي وإسحاق بن راهويه في " مسانيدهم " ورواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في " مصنفيهما " ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في " معجمه " والدارقطني في " سننه " قال ابن القطان في " كتابه " : وهو حديث لا يصح لضعف علي بن زيد انتهى .
- وأما حديث ابن عباس : فرواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا عيسى بن يونس ثنا إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " شبه العمد قتيل الحجر والعصا فيه الدية مغلظة من أسنان الإبل مختصر وقد تقدم قريبا .
- وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : فأخرجه أبو داود ( 3 ) عن محمد بن راشد ثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ولا يقتل صاحبه وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس فيكون رميا في عمياء في غير ضغينة ولا سلاح انتهى . قال في " التنقيح " : محمد بن راشد يعرف بالمكحول وثقه أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم وقال ابن عدي : إذا حدث عنه ثقة فحديثه مستقيم انتهى . وهذا داخل في الأول .
- حديث آخر مرسل : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه - في الديات " حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن قتادة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " قتيل السوط والعصا شبه عمد فيه مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها انتهى .
- الآثار : أخرج ابن أبي شيبة في " مصنفه " عن علي موقوفا قال : قتيل السوط والعصا شبه عمد وأخرج عن الشعبي والحكم وحماد قالوا : ما أصبت به من حجر أو سوط أو عصا فأتى على النفس فهو شبه العمد وفيه الدية مغلظة وأخرج عن إبراهيم النخعي قال : شبه العمد كل شيء تعمد به بغير حديد ولا يكون شبه العمد إلا في النفس ولا يكون دون النفس انتهى .
- ومن أحاديث الباب - أعني القتل بالمثقل - : ما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه ( 4 ) عن سليمان بن كثير عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس قال : قال سول الله صلى الله عليه وسلّم : من قتل في عمياء أو رمياء بحجر أو سوطا أو عصا فعليه عقل الخطأ انتهى . قال في " التنقيح " : إسناده جيد لكنه روي مرسلا .
- وحديث النعمان بن بشير : كل شيء خطأ إلا السيف وفي كل خطأ أرش رواه بهذا اللفظ أحمد في " مسنده " فقال : حدثنا وكيع ثنا سفيان عن جابر الجعفي عن أبي عازب عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم فذكره : ورواه أيضا من حديث ورقاء عن جابر عن مسلم بن أراك عن النعمان بن بشير مرفوعا : كل شيء خطأ إلا ما كان بحديدة ولكل خطأ أرش انتهى . ومسلم بن أراك هو أبو عازب قال في " التنقيح " : وقال أبو حاتم : اسمه مسلم بن عمرو قال : وعلى كل حال فأبو عازب ليس بمعروف انتهى . قال البيهقي في " المعرفة " : والحديث مداره على جابر الجعفي وقيس بن الربيع وهما غير محتج بهما انتهى .
- أحاديث الخصوم : واحتج القائلون بوجوب القتل بالمثقل بحديث أنس ( 5 ) أن يهوديا رضخ رأس امرأة بين حجرين فقتلها فرضخ عليه السلام رأسه بين حجرين رواه البخاري ومسلم .
- حديث آخر : أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه ( 6 ) عن ابن جريج ثنا عمرو بن دينار أنه سمع طاوسا يخبر عن ابن عباس عن عمر أنه نشد قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الجنين فجاء حمل بن مالك بن النابغة فقال كنت بين امرأتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلّم في جنينها بغرة وأن تقتل بها انتهى . ورواه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم في " المستدرك - في كتاب الفضائل " قال البيهقي في " المعرفة " : ( 7 ) وقد رواه عبد الرزاق ومحمد بن بكر عن ابن جريج وذكرا في الحديث أن عمرو بن دينار شك في قتل المرأة بالمرأة فأخبره ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قضى بديتها وبغرة في جنينها انتهى .
- حديث آخر : رواه البيهقي ( 8 ) من طريق مسدد ثنا محمد بن جابر عن زياد بن علاقة عن مرداس أن رجلا رمى رجلا بحجر فقتله فأقاده النبي صلى الله عليه وسلّم منه انتهى .
- قوله : وتجب الدية في ثلاث سنين لقضية عمر قلت : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا عبد االرحيم بن سليمان عن أشعث عن الشعبي وعن الحكم عن إبراهيم قالا : أول من فرض العطاء عمر بن الخطاب وفرض فيه الدية كاملة في ثلاث سنين ثلثا الدية في سنتين والنصف في سنتين والثلث في سنة وما دون ذلك في عامه انتهى . وروى عبد الرزاق في " مصنفه " أخبرنا ابن جريج أخبرت عن أبي وائل أن عمر بن الخطاب جعل الدية الكاملة في ثلاث سنين وجعل نصف الدية في سنتين وما دون النصف في سنة أخبرنا الثوري عن أشعث عن الشعبي أن عمر جعل الدية في الأعطية في ثلاث سنين والنصف في سنتين والثلث في سنة وما دون الثلث فهو في عامه انتهى . أخبرنا الثوري عن أيوب بن موسى عن مكحول أن عمر بن الخطاب قال : الدية اثنا عشر ألفا على أهل الدراهم وعلى أهل الدنانير ألف دينار وعلى أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل البقر مائتا بقرة وعلى أهل الشاء ألفا شاة وعلى أهل الحلل مائتا حلة وقضى بالدية في ثلاث سنين في كل سنة ثلث على أهل الديوان في عطياتهم وقضى بالثلثين في سنتين وثلث في سنة وما كان أقل من الثلث فهو في عامه ذلك انتهى . وقال الترمذي في " كتابه " ( 9 ) : وقد أجمع أهل العلم على أن الدية تؤخذ في ثلاث سنين في كل سنة ثلث الدية انتهى .
_________ .
( 1 ) عند أبي داود في " الديات - في باب دية شبه العمد " ص 269 - ج 2 ، وعند ابن ماجه " فيه - في باب دية شبه العمد مغلظة " ص 192 ، وعند النسائي في " القود - في باب دية شبه العمد " ص 246 ، وعند الدارقطني في " الحدود " ص 232 ، وأخرجه الدارقطني أيضا عن وهيب عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس مرفوعا .
( 2 ) عند أبي داود في " باب دية الخطأ شبه العمد " ص 269 - ج 2 ، وعند ابن ماجه في " باب دية شبه العمد مغلظة " ص 192 ، وعند النسائي في " القود - في باب كم دية شبه العمد " ص 246 - ج 2 ، وعند الدارقطني في " الحدود " ص 333 .
( 3 ) عند أبي داود في " الديات - في باب ديات الأعضاء " ص 272 - ج 2 .
( 4 ) عند أبي داود في " أواخر الديات " ص 275 - ج 2 ، وعند ابن ماجه في " الديات " ص 193 ، وعند النسائي في " القود - في باب من قتل بحجر أو سوط " ص 245 ، وص 246 - ج 2 .
( 5 ) عند مسلم في " القصاص " ص 58 - ج 2 ، وعند البخاري في " الديات - في باب من أقاد بحجر " ص 1016 - ج 2 .
( 6 ) عند أبي داود في " الديات - في باب دية الجنين " ص 272 - ج 2 ، وعند ابن ماجه فيه : ص 194 ، وعند النسائي في " القود - في باب دية جنين المرأة " ص 248 ، وفي " المستدرك - في مناقب حمل بن مالك بن النابغة الهزلي " ص 575 - ج 3 .
( 7 ) قال صاحب " الجوهر النقي " ص 44 - ج 8 : وإذا كان الصواب في هذه القضية القضاء بالدية لا القود كما هو المفهوم من كلام البيهقي وقد قتلتها بحجر أو عمود فسطاط كما ثبت في " الصحيح " والأظهر أن مثل هذا القتل إنما يكون بآلة قاتلة دل هذا الحديث على أن القتل بما يقتل غالبا ولا يعاش منه شبه عمد فهو حجة على البيهقي وإمامه ومخالف لمقصود البيهقي انتهى .
( 8 ) عند البيهقي في " السنن " ص 43 - ج 8 .
( 9 ) ذكر الترمذي في " أوائل الديات " ص 179 - ج 1