- الحديث التاسع عشر : روي أنه عليه السلام .
- نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس .
قلت : روي من حديث ابن عباس ومن حديث أبي هريرة ومن حديث الخدري ومن حديث عمرو بن عبسة .
- فحديث ابن عباس رواه الأئمة الستة في " كتبهم ( 1 ) " أنه قال : شهد عندي رجال مرضيون - وأرضاهم عندي عمر - أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس انتهى .
- وأما حديث أبي هريرة فرواه البخاري ( 2 ) . ومسلم ( 3 ) عنه أنه عليه السلام نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس انتهى .
- وأما حديث الخدري فأخرجه البخاري . ومسلم أيضا عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس " انتهى .
- وأما حديث عمرو بن عبسة فأخرجه مسلم ( 4 ) عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال له : " صل الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس فإذا طلعت فلا تصل حتى ترتفع فإنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ثم صل حتى تصلي العصر ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار " مختصر .
واعلم أن ركعتي الطواف داخلتان في المسألة فكرهها أصحابنا في الأوقات الخمسة المتقدمة وخالفنا الشافعي فأجازها فيها آخذا بحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة ( 5 ) من حديث سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلي أية ساعة شاء من ليل أو نهار " انتهى . ورواه ابن حبان في " صحيحه " والحاكم في " المستدرك " - في كتاب الحج " وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه قال الشيخ في " الإمام " : إنما لم يخرجاه لاختلاف وقع في إسناده فرواه سفيان كما تقدم ورواه الجراح بن منهال عن أبي الزبير عن نافع بن جبير سمع أباه جبير بن مطعم ورواه معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا نحوه ورواه أيوب عن أبي الزبير قال : أظنه عن جابر فلم يجزم به وكل هذه الروايات عند الدارقطني قال البيهقي بعد إخراجه من جهة ابن عيينة : أقام ابن عيينة إسناده ومن خالفه فيه لا يقاومه فرواية ابن عيينة أولى أن تكون محفوظة ولم يخرجاه انتهى . وعبد الله بن باباه ويقال : ابن بابيه ويقال : ابن بابي قال النسائي : ثقة وقال ابن المديني : هو من أهل مكة معروف وأخبرني الشيخ محب الدين بن العلامة علاء الدين القونوي عن والده أنه بحث هنا بحثا فقال : إن بين حديث ابن عباس وحديث جبير عموما وخصوصا فحديث ابن عباس عام بالنسبة إلى المكان خاص بالنسبة إلى الوقت فهذا الحديث خاص بالنسبة إلى المكان عام بالنسبة إلى وقت الصلاة قال : فليس حمل عموم هذا الحديث في الصلاة على خصوص حديث ابن عباس أولى من حمل عموم حديث ابن عباس في المكان على خصوص هذا الحديث فيه قلنا : حديث ابن عباس أصح من حديث جبير فلا يقاومه إلا ما يساويه في الصحة فيحمل على حديث ابن عباس ولا يحمل على غيره وأيضا فقد ورد من فهم الصحابة ما يدل على عدم المعارضة روى إسحاق بن راهويه في " مسنده ( 6 ) " أخبرنا النضر بن شميل ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال : سمعت نصر بن عبد الرحمن يحدث عن جده معاذ بن عفراء أنه طاف بعد العصر أو بعد الصبح ولم يصل فسئل عن ذلك فقال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب انتهى .
- حديث آخر أخرجه الدارقطني ( 7 ) عن أبي الوليد العدني عن رجاء أبي سعيد عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال : " يا بني عبد المطلب أو يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا يطوف بالبيت ويصلي فإنه لا صلاة بعد الصبج حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا عند هذا البيت يطوفون ويصلون " انتهى . قال صاحب " التنقيح " : وأبو الوليد العدلي لم أر له ذكرا في " الكنى - لأبي أحمد الحاكم " . وأما رجاء بن الحارث أبو سعيد المكي فضعفه ابن معين انتهى .
- أحاديث الخصوم في النافلة بمكة واستدل الشافعي على جواز النافلة بمكة في الأوقات الخمسة المتقدمة بدون كراهية بما تقدم من حديث جبير بن مطعم مرفوعا " يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار " وبحديث أخرجه الدارقطني في " سننه ( 8 ) " عن عبد الله بن المؤمل المخزومي عن حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال : قدم أبو ذر فأخذ بعضادتي باب الكعبة ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " لا يصلي أحدكم بعد الصبح إلى طلوع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا بمكة " يقول ذلك ثلاثا انتهى . وهو حديث ضعيف قال أحمد : أحاديث ابن المؤمل مناكير وقال ابن معين : هو ضعيف الحديث ورواه البيهقي ( 9 ) وقال : هذا يعد في أفراد ابن المؤمل وهو ضعيف إلا أن إبراهيم ابن طهمان قد تابعه في ذلك عن حميد وأقام إسناده ثم أخرجه عن خلاد بن يحيى ثنا إبراهيم بن طهمان ثنا حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال : جاءنا أبو ذر فأخذ بحلقة الباب الحديث قال البيهقي : وحميد الأعرج ليس بالقوي ومجاهد لا يثبت له سماع من أبي ذر وقوله : جاءنا أي جاء بلدنا قال : وقد روي من وجه آخر عن مجاهد ثم أخرجه من طريق ابن عدي بسنده عن اليسع بن طلحة القرشي من أهل مكة قال : سمعت مجاهدا يقول : بلغنا أن أبا ذر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم أخذ بحلقتي الباب يقول ثلاثا : " لا صلاة بعد العصر إلا بمكة " قال البيهقي : واليسع بن طلحة ضعفوه والحديث منقطع مجاهد لم يدرك أبا ذر انتهى . قال الشيخ في " الإمام " : وحديث أبي ذر هذا معلول بأربعة أشياء : أحدها : انقطاع ما بين مجاهد . وأبي ذر ثم ذكر كلام البيهقي . والثاني : اختلاف في إسناده فرواه سعيد بن سالم عن ابن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن مجاهد عن أبي ذر لم يذكر فيه قيس بن سعد أخرجه كذلك ابن عدي في " الكامل " قال البيهقي : وكذلك رواه عبد الله بن محمد الشامي عن ابن المؤمل عن حميد الأعرج عن مجاهد . والثالث : ضعف ابن المؤمل قال النسائي . وابن معين : ضعيف وقال أحمد : أحاديثه مناكير وقال ابن عدي : عامة حديثه الضعف عليه بين . والرابع : ضعف حميد مولى عفراء قال البيهقي : ليس بالقوي وقال أبو عمر بن عبد البر : هو ضعيف انتهى .
- حديث آخر خاص بركعتي الطواف قال الشيخ في " الإمام " : وقد ورد ما يشعر بأن هذا الاستثناء بمكة إنما هو في ركعتي الطواف فأخرج ابن عدي عن سعيد بن أبي راشد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس من طاف فليصل " أي حين طاف انتهى . قال ابن عدي : وسعيد هذا يحدث عن عطاء وغيره بما لا يتابع عليه قال البيهقي : وذكره البخاري في " التاريخ " وقال : لا يتابع عليه انتهى .
_________ .
( 1 ) البخاري في " باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس " ص 82 ، ومسلم : ص 275 ، وأبو داود في " التطوع - في باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة " ص 188 .
( 2 ) ص 83 .
( 3 ) ص 275 في " باب أوقات النهي عن الصلاة " .
( 4 ) ص 276 في " فضائل القرآن " .
( 5 ) أبو داود في " المناسك - في باب الطواف بعد العصر " ص 267 - ج 1 ، وكذا الترمذي في " باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح في " الطواف " ص 106 ، والنسائي في " المواقيت - في باب إباحة الصلاة في الساعات كلها بمكة " ص 98 ، وابن ماجه في " الصلاة " - في باب الرخصة من الصلاة بمكة في كل وقت " ص 90 ، والطحاوي في : 395 ، والحاكم في " المناسك " ص 448 - ج 1 والبيهقي في " سننه " ص 461 - ج 2 ، والدارقطني : ص 162 ، وص 274 ، والدارمي : ص 247 .
( 6 ) والبيهقي في " سننه " ص 464 - ج 2 ، وأخرج الطحاوي المرفوع فقط في : ص 179 ، وأخرج أحمد ص 219 - ج 4 الأثر مع المرفوع وكذا الطيالسي : ص 170 .
( 8 ) ص 163 .
( 7 ) ص 163 ، والطحاوي : ص 369 .
( 9 ) ص 461 - ج 2