- الحديث الثالث : روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم .
- كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية قلت : رواه الأئمة الستة في " كتبهم " ( 1 ) من حديث عائشة قالت : كفن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة انتهى . ورواه إسحاق ابن راهويه في " مسنده " وزاد فيه : قالت : فأما الحلة فإنها اشتبهت على الناس لأنها اشتريت ليكفن بها فلم يكفن فيها وكفن في ثلاثة أثواب فأخذ الحلة عبد الله بن أبي بكر فقال : أجعلها كفني ثم قال : لو رضيها الله لرضيها لرسوله فباعها وتصدق بثمنها انتهى . والحديث حجة على أصحابنا في عدم القميص على أن مالكا يحمله على أنه ليس بمعدود بل يحتمل أن يكون الثلاثة الأثواب زيادة على القميص والعمامة والشافعي يجعله على ظاهره ولأصحابنا ( 2 ) حديث أخرجه ابن عدي في " الكامل " عن ناصح بن عبد الله الكوفي عن سماك عن جابر بن سمرة قال : كفن النبي صلى الله عليه وسلّم في ثلاثة أثواب : قميص . وإزار . ولفافة انتهى . وضعف ناصح بن عبد الله عن النسائي ولينه هو وقال : هو يكتب حديثه انتهى .
- حديث آخر : أخرجه أبو داود في " سننه " ( 3 ) عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس قال : كفن رسول الله صلى الله عليه وسلّم في ثلاثة أثواب : قميصه الذي مات فيه . وحلة نجرانية انتهى . ويزيد بن أبي زياد ضعيف قال أبو عبيد : الحلة إزار . ورداء ولا تكون الحلة إلا من ثوبين انتهى .
- حديث آخر : رواه محمد بن الحسن في " كتاب الآثار " ( 4 ) أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلّم كفن في حلة يمانية . وقميص انتهى . وأخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " وأخرج عن الحسن ( 5 ) نحوه .
- الأحاديث المخالفة لما تقدم : روى ابن حبان في " صحيحه " من حديث الفضل بن العباس أن النبي صلى الله عليه وسلّم كفن في ثوبين سحوليين انتهى . وروى أيضا من حديث أبي هريرة أنه E كفن في ثوب نجراني . وريطتين .
- حديث آخر : رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " . والبزار في " مسنده " ( 6 ) عن حماد بن سلمة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلّم كفن في سبعة أثواب انتهى . قال البزار : لا نعلم أحدا تابع بن عقيل عليه ولا يعلم رواه عنه غير حماد بن سلمة انتهى . ورواه ابن عدي في " الكامل " وأعله بابن عقيل وضعفه عن ابن معين فقط ولينه هو وقال : روى عنه جماعة من الثقات وهو ممن يكتب حديثه انتهى . ورواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " وأعله أيضا بابن عقيل وقال : إنه كان ردئ الحفظ فيأتي بالخبر على غير وجهه فلما كثر ذلك في رواياته استحق المجانبة ولكنه كان من سادات الناس .
- حديث آخر : أخرجه ابن عدي في " الكامل " عن قيس بن الربيع عن شعبة عن أبي جمرة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلّم كفن في قطيفة حمراء انتهى . وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة ابن عدي وقال : قيس بن الربيع لا يحتج به والصحيح ما رواه مسلم عن غندر ووكيع . ويحيى بن سعيد عن شعبة به أن النبي صلى الله عليه وسلّم جعل في قبره قطيفة حمراء انتهى . قال ابن القطان في " كتابه " : أخاف أن يكون تصحف على بعض رواة " كتاب الكامل " لفظ : دفن بكفن انتهى كلامه .
قوله : عن أبي بكر Bه أنه قال : اغسلوا ثوبي هذين وكفنوني فيهما قلت : رواه الإمام أحمد بن حنبل في " كتاب الزهد " حدثنا يزيد بن هارون حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله اليمني - مولى الزبير بن العوام - عن عائشة قالت : لما احتضر أبو بكر Bه تمثلت بهذا البيت : .
أعاذل ما يغنى الحذار عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر .
فقال لها : يا بنية : ليس كذلك ولكن قولي : { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد } ثم قال : أنظروا ثوبي هذين فاغسلوهما ثم كفنوني فيهما فإن الحي أحوج إلى الجديد منهما انتهى . ثم قال في " كتاب الزهد " : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثنا هارون بن معروف حدثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن عبادة بن نسى قال : لما حضرت أبا بكر الوفاة قال لعائشة Bها : اغسلوا ثوبي هذين ثم كفنوني فيهما فإنما أبوك أحد رجلين : إما مكسو أحسن الكسوة أو مسلوب أسوأ السلب وليس هذا من رواية أحمد .
- طريق آخر : رواه عبد الرزاق في " مصنفه " ( 7 ) أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : قال أبو بكر - لثوبيه اللذين كان يمرض فيهما - : اغسلوهما وكفنوني فيهما فقالت عائشة : ألا نشتري لك جديدا قال : لا إن الحي أحوج إلى الجديد من الميت انتهى . أخبرنا ابن جريج ( 8 ) عن عطاء قال : سمعت عبيد بن عمير : يقول : أمر أبو بكر : إما عائشة . وإما أسماء بنت عميس بأن تغسل ثوبين كان يمرض فيهما ويكفن فيهما فقالت عائشة : أو ثيابا جددا ؟ قال : الأحياء أحق بذلك انتهى .
- طريق آخر : رواه ابن سعد في " الطبقات " ( 9 ) أخبرنا الفضل بن دكين حدثنا سيف بن أبي سليمان قال : سمعت القاسم بن محمد قال : قال أبو بكر حين حضره الموت : كفنوني في ثوبي هذين اللذين كنت أصلي فيهما واغسلوهما فإنهما للمهل والتراب انتهى . أخبرنا الواقدي ( 10 ) حدثنا معمر بسند عبد الرزاق ومتنه وذكره محمد بن الحسن في " كتاب الآثار " بلاغا فقال : بلغنا عن أبي بكر الصديق أنه قال : اغسلوا ثوبي هذين وكفنوني فيهما وفي " البخاري " ( 11 ) خلاف هذا أخرج عن عائشة أن أبا بكر قال لها : في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ؟ قالت : في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة قال : في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ؟ قالت : يوم الاثنين قال : فأي يوم هذا ؟ قالت : يوم الاثنين قال : أرجو فيما بيني وبين الليل فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران فقال : اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما قالت : إن هذا خلق قال : إن الحي أحق بالجديد من الميت إنما هو للمهلة فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح انتهى . قال النووي : - الردع - " بالمهملات " الأثر - والمهلمة - " بضم الميم . وفتحها . وكسرها " صديد الميت انتهى . ذكره عبد الحق في " التعاليق " .
- ومن أحاديث الباب : " الذي وقصته راحلته " أخرجه الأئمة الستة ( 12 ) عن ابن عباس " وكفنوه في ثوبين " وفي لفظ : " في ثوبيه " .
_________ .
( 1 ) البخاري في " باب الثياب البيض للكفن " 169 ، ومسلم : ص 305 مع الزيادة التي رواها إسحاق بن راهويه وأبو داود في " باب الكفن " ص 93 - ج 2 ، والنسائي في " باب كفن النبي صلى الله عليه وسلّم " ص 268 ، والترمذي في " باب ما جاء في كم كفن النبي صلى الله عليه وسلّم " ص 119 ، وابن ماجه فيه : ص 107 .
( 2 ) ويستدل للتكفين في القميص بحديث جابر في قصة عبد الله بن أبي فإن النبي صلى الله عليه وسلّم أعطى ابنه القميص الذي كان على النبي A فكفنه فيه " التلخيص الحبير " .
( 3 ) أبو داود في " باب الكفن " ص 93 - ج 2 ، وابن سعد : ص 67 - ج 2 ، القسم الثاني والبيهقي ص 400 - ج 3 .
( 4 ) " كتاب الآثار - باب غسل الميت " ص 39 ، و " طبقات ابن سعد " ص 67 ، القسم الثاني .
( 5 ) وابن سعد في " طبقاته " ص 67 - ج 2 ، القسم الثاني .
( 6 ) وأحمد بن حنبل في " مسنده " ص 94 - ج 1 ، و ص 102 - ج 1 ، وابن سعد في " طبقاته " ص 67 - ج 2 ، القسم الثاني .
( 7 ) قال الحافظ في " الدراية " ص 141 : إسناده صحيح .
( 8 ) قلت : إسناده صحيح .
( 9 ) ابن سعد في " طبقاته " ص 146 - ج 3 ، القسم الأول .
( 10 ) ابن سعد : ص 67 - ج 3 الأولى .
( 11 ) البخاري في " الجنائز - في باب موت يوم الاثنين " ص 186 .
( 12 ) تقدم في : ص 256