- قوله : وعلى ذلك انعقد الإجماع - يعني على سقوط المؤلفة قلوبهم من الأصناف الثمانية المذكورين في القرآن - قلت : روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " ( 1 ) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر الشعبي قال : إنما كانت المؤلفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما ولى أبو بكر Bه انقطعت انتهى . وروى الطبري في " تفسيره " ( 2 ) في قوله تعالى : { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية حدثنا محمد بن عبد الأعلى ( 3 ) حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن يحيى ابن أبي كثير قال : المؤلفة قلوبهم من بني أمية : أبو سفيان بن حرب ومن بني مخزوم : الحارث ابن هشام وعبد الرحمن بن يربوع ومن بني جمح : صفوان بن أمية ومن بني عامر بن لؤي : سهيل ابن عمرو وحويطب بن عبد العزى ومن بني أسد بن عبد العزى : حكيم بن حزام ومن بني هاشم : أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ومن بني فزارة : عيينة بن حصين بن بدر ومن بني تميم : الأقرع بن حابس ومن بني نصر : مالك بن عوف ومن بني سليم : العباس بن مرداس ومن ثقيف : العلاء بن حارثة أعطى النبي عليه السلام كل رجل منهم مائة ناقة إلا عبد الرحمن بن يربوع وحويطب بن عبد العزى فإنه أعطى كل رجل منهم خمسين انتهى . وروى أيضا : حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثنا هشام : حدثنا عبد الرحمن بن يحيى عن حبان بن أبي جبلة قال : قال عمر بن الخطاب Bه وقد أتاه عيينة بن حصين : الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر - يعني ليس اليوم مؤلفة - انتهى . وأخرج عن الشعبي قال : لم يبق في الناس اليوم من المؤلفة قلوبهم أحد إنما كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم انتهى . وأخرج نحوه عن الحسن البصري Bه واستدل ابن الجوزي في " التحقيق " لمذهبنا على سقوط المؤلفة بحديث معاذ : صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم قال : وهذا محمول على أنه قاله في وقت غير محتاج إلى التأليف .
قوله : وفي الرقاب أن يعان المكاتبون منها في فك رقابهم قلت : روى الطبري في " تفسيره " ( 4 ) من طريق محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري أن مكاتبا قام إلى أبي موسى الأشعري وهو يخطب الناس يوم الجمعة فقال له : أيها الأمير حث الناس علي فحث عليه أبو موسى فألقى الناس عليه : هذا يلقي عمامة وهذا يلقي ملاءة وهذا يلقي خاتما ختى ألقى الناس عليه سوادا كثيرا فلما رأى أبو موسى ما ألقي عليه قال : اجمعوه ثم أمر به فبيع فأعطى المكاتب مكاتبته ثم أعطى الفضل في الرقاب نحو ذلك ولم يرده على الناس وقال : إن هذا الذي قد أعطوه في الرقاب انتهى . وأخرج عن الحسن البصري Bه والزهري وعبد الرحمن بن زيد ابن أسلم قالوا : { وفي الرقاب } هم المكاتبون انتهى . واستشهد شيخنا علاء الدين بحديث أخرجه ابن حبان ( 5 ) والحاكم عن البراء بن عازب قال : جاء رجل إلى النبي عليه السلام فقال : دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني عن النار قال : أعتق النسمة وفك الرقبة قال : أو ليسا واحدا ؟ قال : لا عتق النسمة أن تفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين في ثمنها انتهى . وهذا ليس في المقصود فإن مراد المصنف تفسير الآية لا تفسير الفك نعم الحديث مفيد في معرفة الفرق بين العتق والفك والله أعلم .
_________ .
( 1 ) ابن أبي شيبة : ص 66 - ج 3 ، قلت : جابر هذا هو الجعفي ضعيف .
( 2 ) ص 112 - ج 10 .
( 3 ) كان في " الطبري " عبد الأعلى عن محمد بن ثور عن معمر لكن رأينا ابن جرير أكثر من هذا الاسناد وفيه محمد بن عبد الأعلى أو ابن عبد الأعلى سوى هذا الموضع فعرفنا أن في " نسخة التفسير " غلط والله أعلم .
( 4 ) ص 113 - ج 10 .
( 5 ) وأحمد في " مسنده " ص 299 - ج 4