- الحديث الأول : قال عليه السلام : .
- " عدة الأمة حيضتان " .
قلت : تقدم في " الطلاق " في الحديث الخامس والمصنف استدل به هنا على أن القرء اسم للحيض : .
قوله : قال عمر : لو استطعت لجعلتها حيضة ونصفا قلت : رواه عبد الرزاق في " مصنفه " ( 1 ) أخبرنا ابن جريج عن عمرو بن دينار أنه سمع عمرو بن أوس الثقفي يقول : أخبرني رجل من ثقيف قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : لو استطعت أن أجعل عدة الأمة حيضة ونصفا فعلت فقال له رجل : لو جعلتها شهرا ونصفا فسكت عمر انتهى . ورواه الشافعي في " مسنده " وابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار به ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في كتاب " المعرفة " .
قوله : قال ابن مسعود : من شاء باهلته : أن سورة النساء القصرى نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة قلت : أخرجه البخاري ( 2 ) في " تفسير سورة الطلاق - وفي أوائل البقرة " عنه قال : أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة ؟ لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } انتهى . وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بلفظ : من شاء لاعنته : لأنزلت سورة النساء القصرى بعد الأربعة أشهر وعشرا انتهى . وأخرجه البزار في " مسنده " عن علقمة عنه بلفظ : من شاء حالفته أن { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } نزلت بعد آية المتوفى فإذا وضعت المتوفى عنها حملها فقد حلت وقرأ { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } الآية انتهى . وروى عبد الله بن أحمد في " مسند أبيه " من حديث المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمر وعن أبي بن كعب قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلّم : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } المطلقة ثلاثا أو المتوفى عنها ؟ فقال : هي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها انتهى . والمثنى بن الصباح متروك بمرة ورواه الطبري وابن أبي حاتم في " تفسيريهما - في سورة الطلاق " من حديث ابن لهيعة عن عمرو به وابن لهيعة أيضا ضعيف ورواه الطبري أيضا من حديث ابن عيينة عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن أبي بن كعب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن هذه الآية فقال : أجل كل حامل أن تضع ما في بطنها انتهى . وعبد الكريم مع ضعفه لم يدرك أبيا .
قوله : قال عمر Bه : لو وضعت وزوجها على سريره لانقضت عدتها وحل لها أن تتزوج قلت : رواه مالك في " الموطأ " ( 3 ) عن نافع عن ابن عمر أنه سئل عن المرأة التي يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال : إذا وضعت حملها فقد حلت فأخبره رجل من الأنصار أن عمر قال : لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد لحلت انتهى . وعن مالك رواه الشافعي في " مسنده " وكذلك رواه عبد الرزاق في " مصنفه " عن معمر عن أيوب عن نافع به سواء ورواه هو وابن أبي شيبة في " مصنفيهما " عن ابن عيينة عن الزهري عن سالم قال : سمعت رجلا من الأنصار يحدث ابن عمر يقول : سمعت أباك يقول : لو وضعت المتوفى عنها زوجها ذا بطنها وهو على السرير لقد حلت انتهى . وفيه رجل مجهول .
[ أحاديث مختلفة ] : .
- أحاديث الباب : منها حديث سبيعة الأسلمية أخرجه البخاري ومسلم ( 4 ) عن كريب مولى ابن عباس عن أم سلمة قال : إن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال وأنها ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فأمرها أن تتزوج انتهى . وفي لفظ للبخاري : أنها وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة وفي لفظ آخر : فمكثت قريبا من عشر ليال ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلّم فقال : أنكحي انتهى . وأخرجه البخاري ومسلم ( 5 ) أيضا عن عمر بن عبد الله بن الأرقم أنه دخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فسألها عن حديثها فأخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا فتوفى عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما فرغت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك - رجل من بني عبد الدار - فقال لها : ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح ؟ والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشرا : قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسألته عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزويج إن بدا لي قال ابن شهاب : ولا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر انتهى . وذكره عبد الحق في " أحكامه " من جهة مسلم من رواية سبيعة أنها نفست بعد وفاة زوجها بليال إلى آخره وتعقبه ابن القطان في " كتابه " وقال : إن هذا خطأ ففإن سبيعة لم ترو هذا الحديث ولا رواه أحد عنها وإنما هي صاحبة القصة كأبي جهم في قصة الأبنجانية وذي اليدين في قصة السهو فلو روى راو حديث السهو عن ذي اليدين أو حديث الأبنجانية عن أبي الجهم لكان مخطئا فكذلك هذا وإنما روايه أم سلمة ثم ذكر لفظ " الصحيحين " فيه من جهة أم سلمة انتهى . وهذا وهم فاحش فقد أخرجاه من حديثها كما قدمناه وكذا رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه ( 6 ) وليس لها في الكتب الستة غير هذا الحديث وقد ذكره أصحاب الأطراف في " مسندها " وكذلك الحميدي في " الجمع بين الصحيحين " .
- حديث آخر : رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في " مصنفيهما " ( 7 ) قال الأول : حدثنا محمد بن بشر العبدي وقال الثاني : حدثنا سفيان الثوري قالا : ثنا عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه عن الزبير بن العوام أنه كانت تحته أم كلثوم وكان فيه شدة على النساء فكرهته فسألته أن يطلقها وهي حامل فأبى فلما ضربها الطلق ألحت عليه في تطليقه فطلقها واحدة وهو يتوضا ثم خرج فأدركه إنسان فأخبره أنها وضعت فقال : خدعتني خدعها الله فأتى النبي صلى الله عليه وسلّم فذكر ذلك له فقال : سبق كتاب الله فيها اخطبها فقال : إنها لا ترجع إلي أبدا انتهى .
قوله : روي عن عمر Bه أنه قال : عدة أم الولد ثلاث حيض قلت : غريب والمصنف استدل به لأصحابنا على أن عدة أم الولد ثلاث حيض في عتق أو وفاة وقال الشافعي : حيضة واحدة لكن روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أن عمرو بن العاص أمر أم ولد أعتقت أن تعتد ثلاث حيض وكتب إلى عمر فكتب بحسن رأيه انتهى . وأخرجه أيضا عن الحارث عن علي وعبد الله قالا : ثلاث حيض إذا مات عنها - يعني أم الولد - وأخرجه عن إبراهيم النخعي وابن سيرين والحسن البصري وعطاء وروى أيضا حدثنا الثقفي عن يحيى بن سعيد قال : سمعت القاسم وذكر له أن عبد الملك بن مروان فرق بين نساء ورجالهن كن أمهات أولاد ونكحن بعد حيضة أو حيضتين حتى يعتددن أربعة أشهر وعشرا فقال : سبحان الله إن الله يقول في كتابه : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } أتراهن من الأزواج انتهى . وروى ابن حبان في " صحيحه " في النوع السادس والثلاثين من القسم الخامس عن قيبصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص قال : لا تلبسوا علينا سنة نبينا عدة أم الولد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا انتهى . ورواه الحاكم في " المستدرك " ( 8 ) وقال : على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى . ورواه الدارقطني ثم البيهقي في " سننيهما " قال الدارقطني ( 9 ) : وقبيصة لم يسمع من عمرو وفي لفظ له قال : عدة أم الولد عدة الحرة إذا توفى عنها سيدها أربعة أشهر وعشرا وإذا عتقت ثلاث حيض انتهى . وقال البيهقي : قال أحمد بن حنبل هذا حديث منكر وقبيصة لم يسمع من عمرو والصواب موقوف انتهى . ورواه أبو داود وابن ماجه .
قوله : روي عن علي وابن مسعود وابن عباس أن ابتداء العدة في الطلاق عقيب الطلاق وفي الوفاة عقيب الوفاة قلت : أما حديث علي أخرجه البيهقي عنه ( 10 ) قال : العدة من يوم يموت أو تطلق انتهى .
- وأما حديث ابن مسعود : فرواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا وكيع ويحيى بن آدم عن شريك عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال : العدة من يوم يموت أو تطلق انتهى . ورواه الطبراني في " معجمه " حدثنا محمد بن عمرو بن الخالد الحراني ثنا أبي أنبأ زهير عن أبي إسحاق عن الأسود ومسروق وعبيدة عن عبد الله فذكره .
- وأما حديث ابن عباس : فغريب وذكر أنه في كتاب ابن المنذر وروى ابن أبي شيبة حدثنا ابن علية عن أيوب عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد يحسبه عن ابن عباس قال : العدة من يوم يموت انتهى .
- أثر آخر : رواه ابن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال : عدتها من يوم طلقها ومن يوم يموت عنها انتهى . وهذا سند صحيح وأخرج نحوه عن عطاء ومجاهد وابن المسيب وسعيد بن جبير وابن سيرين وعكرمة ونافع وأبي قلابة وأبي العالية والشعبي والنخعي والزهري وعبد الرحمن بن يزيد ومكحول بأسانيد جيدة .
_________ .
( 1 ) عند البيهقي " السنن - باب عدة الأمة " ص 426 - ج 7 .
( 2 ) عند البخاري في " تفسير سورة البقرة - باب قوله : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا } " ص 650 - ج 2 ، وفي " سورة الطلاق " ص 729 - ج 2 ، وعند أبي داود في " الطلاق - باب عدة الحامل " ص 316 - ج 1 ، وعند ابن ماجه " باب الحامل المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حلت للأزواج " ص 147 ، وعند النسائي " باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها " ص 115 - ج 2 .
( 3 ) عند مالك في " الموطأ - باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا " ص 216 .
( 4 ) عند مسلم " باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها " ص 486 - ج 1 ، ورواية أنها وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة عند البخاري في " تفسير سورة الطلاق " ص 729 - ج 2 ، واللفظان الآخران عنده في " باب { أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } " ص 802 - ج 2 .
( 5 ) عند البخاري في " المغازي - باب فضل من شهد بدرا " ص 569 - ج 2 ، وعند مسلم " باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها بوضع الحمل " ص 486 - ج 1 .
( 6 ) عند النسائي " باب عدة الحامل المتوفى عنها زوجها " ص 115 - ج 2 ، وعند أبي داود في " عدة الحامل " ص 315 - ج 1 ، وعند ابن ماجه " باب الحامل المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حلت للأزواج " ص 147 - ج 1 .
( 7 ) وعند ابن ماجه " باب المطلقة الحامل إذا وضعت ذا بطنها بانت " ص 147 ، وعند البيهقي في " السنن - باب عدة الحامل المطلقة " ص 421 - ج 7 .
( 8 ) عند البيهقي " باب استبراء أم الولد " ص 448 - ج 7 ، وفي " المستدرك " ص 209 - ج 2 ، وعند الدارقطني : ص 420 - ج 2 ، وعند أبي داود " باب في عدة أم الولد " ص 316 - ج 1 .
( 9 ) قال صاحب " الجوهر النقي " ص 448 - ج 7 ، قلت : قد قدمنا مرارا أن هذا على مذهب من يشترط السماع وأن مسلما أنكر ذلك إنكارا شديدا وزعم أن المتفق عليه أنه يكفي للاتصال إمكان اللقاء وقيبصة ولد علم الفتح وسمع عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وأبا الدرداء فلا شك في إمكان سماعه من عمرو وقال صاحب " التمهيد " : أدرك أبا بكر الصديق وله سن لا ينكر معها سماعه منه وقد أخرج صاحب " المستدرك " هذا الحديث وقال : صحيح على شرط الشيخين وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " انتهى .
( 10 ) عند البيهقي في " السنن - باب العدة من الموت والطلاق " ص 425 - ج 7 ، وكذا الآثار الآتية بعده مروية في " السنن الكبرى " ص 425 - ج 7