59 - وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا .
عن ابن عباس قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلّم أن يجعل لهم الصفا ذهبا وأن ينحي لهم الجبال عنهم فيزرعوا فقيل له : إن شئت أن نستأني بهم وإن شئت أن يأتيهم الذي سألوا فإن كفروا هلكوا كما هلكت من كان قبلهم من الأمم . قال : " لا بل أستأن بهم " وأنزل الله تعالى : { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } ( أخرجه أحمد والنسائي عن ابن عباس ) الآية . وعن ابن عباس قال قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلّم : ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك قال : " وتفعلون ؟ " قالوا : نعم قال فدعا فأتاه جبريل فقال : إن .
ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك : إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا فمن كفر بعد ذلك عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين وإن شئت فتحت لهم أبواب التوبة والرحمة فقال : " بل باب التوبة والرحمة " .
وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده : لما نزلت { وأنذر عشيرتك الأقربين } صاح رسول الله صلى الله عليه وسلّم على أبي قبيس : " يا آل عبد مناف إني نذير " فجاءته قريش فحذرهم وأنذرهم فقالوا : تزعم أنك نبي يوحى إليك وإن سليمان سخر له الريح والجبال وإن موسى سخر له البحر وإن عيسى كان يحيي الموتى فادع الله أن يسير عنا هذه الجبال ويفجر لنا الأرض أنهارا فنتخذ محارث فنزرع ونأكل وإلا فادع الله أن يحيي لنا موتانا لنكلمهم ويكلمونا وإلا فادع الله أن يصير لنا هذه الصخرة التي تحتك ذهبا فننحت منها وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف فإنك تزعم أنك كهيئتهم . قال فبينا نحن حوله إذ نزل عليه الوحي فلما سري عنه قال : " والذي نفسي بيده لقد أعطاني ما سألتم ولو شئت لكان ولكنه خيرني بين أن تدخلوا باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلوا عن باب الرحمة فلا يؤمن منكم أحد . فاخترت باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم وأخبرني أنه أعطاكم ذلك ثم كفرتم أنه يعذبكم عذابا لا يعذبه أحد من العالمين " ونزلت : { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } وقرأ ثلاث آيات ولهذا قال تعالى : { وما منعنا أن نرسل بالآيات } أي نبعث الآيات ونأتي بها على ما سأل قومك منك فإنه يسير لدينا إلا أنه قد كذب بها الأولون بعد ما سألوها وجرت سنتنا فيهم وفي أمثالهم أنهم لا يؤخرون إن كذبوا بها بعد نزولها كما قال تعالى في المائدة : { قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين } وقال تعالى عن ثمود حين سألوا الناقة : { قال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب } ولهذا قال تعالى : { وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها } : أي دالة على وحدانية من خلقها وصدق رسوله { فظلموا بها } أي كفروا بها ومنعوها شربها وقتلوها فأبادهم الله عن آخرهم وانتقم منهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر .
وقوله تعالى : { وما نرسل بالآيات إلا تخويفا } قال قتادة : إن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من الآيات لعلهم يعتبرون ويذكرون ويرجعون ( أخرج أبو يعلى عن أم هانئ : أنه صلى الله عليه وسلّم لما أسري به أصبح يحدث نفرا من قريش يستهزئون به فطلبوا منه آية فوصف لهم بيت المقدس وذكر لهم قصة العير فقال الوليد بن المغيرة : هذا ساحر فأنزل الله : { وما جعلنا الرؤيا } الآية . وأخرج ابن المنذر عن الحسن ونحوه . وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أصبح يوما مهموما فقيل له : ما لك يا رسول الله ؟ لا تهتم فإن رؤياك فتنة لهم فأنزل الله : { وجعلنا } الآية . وأخرج ابن جرير من حديث سهل بن سعد نحوه وأخرج ابن أبي حاتم من حديث عمرو بن العاص ومن حديث يعلى بن قرة ومن مرسل .
سعيد بن المسيب نحوها . قال السيوطي : وأسانيدها ضعيفة . ) ذكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود Bه فقال : يا أيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه وهكذا روي أن المدينة زلزلت على عهد عمر بن الخطاب Bه مرات فقال عمر أحدثتم والله لئن عادت لأفعلن ولأفعلن وفي الحديث المتفق عليه : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله D يخوف بهما عباده فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره - ثم قال - يا أمة محمد والله ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا "