16 - وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين .
- 17 - لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين .
- 18 - بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون .
- 19 - وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون .
- 20 - يسبحون الليل والنهار لا يفترون .
يخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض بالحق أي بالعدل والقسط ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى وأنه لم يخلق ذلك عبثا ولا لعبا كما قال : { وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذي كفروا فويل للذين كفروا من النار } وقوله تعالى : { لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين } قال مجاهد : يعني من عندنا يقول : وما خلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا ولا حسابا . وقال الحسن وقتادة { لو أردنا أن نتخذ لهوا } اللهو : المرأة بلسان أهل اليمن وقال إبراهيم النخعي { لاتخذناه } من الحور العين . وقال عكرمة والسدي : والمراد باللهو ههنا الولد وهذا الذي قبله متلازمان وهو كقوله تعالى : { لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار } فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقا ولا سيما عما يقولون من الإفك والباطل من اتخاذ عيسى أو الملائكة { سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا } وقوله : { إن كنا فاعلين } قال قتادة والسدي : أي ما كنا فاعلين وقال مجاهد : كل شيء في القرآن " إن " فهو إنكار . وقوله : { بل نقذف بالحق على الباطل } أي نبين الحق فيدحض الباطل ولهذا قال : { فيدمغه فإذا هو زاهق } أي ذاهب مضمحل { ولكم الويل } أي أيها القائلون لله ولد { مما تصفون } أي تقولون وتفترون . ثم أخبر تعالى عن عبودية الملائكة له ودأبهم في طاعته ليلا ونهارا فقال : { وله من في السماوات والأرض ومن عنده } يعني الملائكة { لا يستكبرون عن عبادته } : أي لا يستنكفون عنها كما قال : { لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون } وقوله : { ولا يستحسرون } أي لا يتبعون ولا يملون { يسبحون الليل والنهار لا يفترون } فهم دائبون في العمل ليلا ونهارا مطيعون قصدا وعملا قادرون عليه كما قال تعالى : { لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون } . وقال محمد بن إسحاق عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : جلست إلى كعب الأحبار وأنا غلام فقلت له : أرأيت قول الله تعالى للملائكة : { يسبحون الليل والنهار لا يفترون } أما يشغلهم عن التسبيح الكلام والرسالة والعمل ؟ فقال : من هذا الغلام ؟ فقالوا من بني عبد المطلب قال : فقبل رأسي ثم قال : يا بني إنه جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس أليس تتكلم وأنت تتنفس وتمشي وأنت تتنفس ؟