76 - ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون .
- 77 - حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون .
- 78 - وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون .
- 79 - وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون .
- 80 - وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون .
- 81 - بل قالوا مثل ما قال الأولون .
- 82 - قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون .
- 83 - لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين .
يقول تعالى : { ولقد أخذناهم بالعذاب } أي ابتليناهم بالمصائب والشدائد { فما استكانوا لربهم وما يتضرعون } أي فما ردهم ذلك عما كانوا فيه من الكفر والمخالفة بل استمروا على غيهم وضلالهم ما استكانوا أي ما خشعوا { وما يتضرعون } أي ما دعوا كما قال تعالى : { فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم } الآية . عن ابن عباس أنه قال : جاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم فقد أكلنا العلهز يعني الوبر والدم - فأنزل الله : { ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا } ( أخرجه ابن أبي حاتم والنسائي وأصله في الصحيحين ) وأصله في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم دعا على قريش حين استعصوا فقال : " اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يرسف " . وقوله : { حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون } أي حتى إذا جاءهم أمر الله وجاءتهم الساعة بغتة فأخذهم من عذاب الله ما لم يكونوا يحتسبون فعند ذلك أبلسوا من كل خير وأيسوا من كل راحة وانقطعت آمالهم ورجاؤهم ثم ذكر تعالى نعمه على عباده بأن جعل لهم السمع والأبصار والأفئدة وهي العقول التي يذكرون بها الأشياء ويعتبرون بما في الكون من الآيات الدالة على وحدانية الله وأنه الفاعل المختار لما يشاء وقوله : { قليلا ما تشكرون } أي ما أقل شكركم لله على ما أنعم به عليكم ثم أخبر تعالى عن قدرته العظيمة وسلطانه القاهر في برئه الخليقة وذرئه لهم في سائر أقطار الأرض على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم ثم يوم القيامة يجمع الأولين منهم والآخرين لميقات يوم معلوم ولهذا قال : { وهو الذي يحيي ويميت } أي يحيي الرمم ويميت الأمم { وله اختلاف الليل والنهار } أي وعن أمره تسخير الليل والنهار كل منهما يطلب الآخر طلبا حثيثا يتعاقبان لا يفتران ولا يفترقان بزمان غيرهما كقوله : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار } الآية وقوله : { أفلا تعقلون } أي أفليس لكم عقول تدلكم على العزيز العليم الذي قد قهر كل شيء وخضع له كل شيء ؟ ثم قال مخبرا عن منكري البعث الذين أشبهوا من .
قبلهم من المكذبين { بل قالوا مثل ما قال الأولون ... قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون } يعني يستبعدون وقوع ذلك بعد صيرورتهم إلى البلى { لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين } يعنون الإعادة محال إنما يخبر بها من تلقاها عن كتب الأولين واختلافهم وهذا الإنكار والتكذيب منهم كقوله إخبارا عنهم { أئذا كنا عظاما نخرة قالوا تلك إذا كرة خاسرة } { وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم ... قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } الآيات