84 - قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون .
- 85 - سيقولون لله قل أفلا تذكرون .
- 86 - قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم .
- 87 - سيقولون لله قل أفلا تتقون .
- 88 - قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون .
- 89 - سيقولون لله قل فأنى تسحرون .
- 90 - بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون .
يقرر تعالى وحدانيته واستقلاله بالخلق والتصرف والملك { قل لمن الأرض ومن فيها ؟ } أي من مالكها الذي خلقها ومن فيها من الحيوانات والنباتات والثمرات وسائر صنوف المخلوقات ؟ { إن كنتم تعلمون ؟ سيقولون لله } أي فيعترفون لك بأن ذلك لله وحده لا شريك له فإذا كان ذلك { قل أفلا تذكرون } أنه لا تنبغي العبادة إلا للخالق الرزاق لا لغيره { قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ؟ } أي من هو خالق العالم العلوي بما فيه من الكواكب النيرات والملائكة الخاضعين له في سائر الأقطار منها والجهات ؟ ومن هو رب العرش العظيم يعني الذي هو سقف المخلوقات ؟ كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال : " شأن الله أعظم من ذلك إن عرشه على سماواته هكذا " وأشار بيده مثل القبة ( أخرجه أبو داود في سننه ) . وفي الحديث الآخر : " ما السماوات السبع والأرضون السبع وما بينهن وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن الكرسي بما فيه بالنسبة إلى العرش كتلك الحلقة في تلك الفلاة " عن ابن عباس : إنما سمي عرشا لارتفاعه وقال مجاهد : ما السماوات والأرض في العرش إلا كحلقة في أرض فلاة وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : العرش لا يقدر قدره أحد إلا الله D . ولهذا قال ههنا : { ورب العرش العظيم } أي الكبير وقال آخر السورة { رب العرش الكريم } أي الحسن البهي فقد جمع العرش بين العظمة في الاتساع والعلو والحسن الباهر قال ابن مسعود : إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار نور العرش من نور وجهه وقوله : { سيقولون لله قل أفلا تتقون } أي إذا كنتم تعترفون بأنه رب السماوات ورب العرش العظيم أفلا تخافون عقابه وتحذرون عذابه في عبادتكم معه غيره وإشراككم به ؟ .
قوله : { قل من بيده ملكوت كل شيء } أي بيده الملك { ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها } أي متصرف فيها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : " لا والذي نفسي بيده " وكان إذا اجتهد باليمين قال : " لا ومقلب القلوب " فهو سبحانه الخالق المالك المتصرف { وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون } كانت العرب إذا كان السيد فيهم أجار أحدا لا يخفر في جواره وليس لمن دونه أن يجير عليه لئلا يفتات عليه ولهذا قال الله : { وهو يجير ولا يجار عليه } أي وهو السيد العظيم الذي لا أعظم منه الذي له الخلق والأمر ولا معقب لحكمه { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون } { سيقولون لله } أي سيعترفون أن السيد العظيم الذي يجير ولا يجار عليه هو الله تعالى وحده لا شريك له { قل فأنى تسحرون } أي فكيف تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره مع اعترافكم وعلمكم بذلك ؟ ثم قال تعالى : { بل أتيناهم بالحق } وهو الإعلام بأنه لا إله إلا الله وأقمنا الأدلة الصحيحة الواضحة القاطعة على ذلك { وإنهم لكاذبون } أي في عبادتهم مع الله غيره ولا دليل لهم على ذلك كما قال في آخر السورة { ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه } فالمشركون إنما يفعلون ذلك اتباعا لآبائهم وأسلافهم الحيارى الجهال كما قال الله عنهم { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون }