بسم الله الرحمن الرحيم .
- 1 - تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا .
- 2 - الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا .
يقول تعالى حامدا لنفسه الكريمة على ما نزله على رسوله الكريم من القرآن العظيم كما قال تعالى : { الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب } وقال ههنا : { تبارك } وهو تفاعل من البركة المستقرة الثابتة الدائمة { الذي نزل الفرقان } نزل فعل من التكرر والتكثر كقوله : { والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل } لأن الكتب المتقدمة كانت تنزل جملة واحدة والقرآن نزل منجما مفرقا مفصلا آيات بعد آيات وأحكاما بعد أحكام وسورا بعد سور وهذا أشد وأبلغ وأشد اعتناء بمن أنزل عليه كما قال في هذه السورة : { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا } ولهذا سماه ههنا الفرقان لأنه يفرق بين الحق والباطل والهدى والضلال والغي والرشاد والحلال والحرام وقوله : { على عبده } هذه صفة مدح وثناء لأنه أضافه إلى عبوديته كما وصفه بها في أشرف أحواله وهي ليلة الإسراء فقال : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا } وكما وصفه بذلك في مقام الدعوة إليه { وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا } وقوله : { ليكون للعالمين نذيرا } أي إنما خصه بهذا الكتاب المفصل العظيم المبين المحكم الذي { لا يأيته الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد } الذي جعله فرقانا عظيما ليخصه بالرسالة إلى من يستظل بالخضراء ويستقل على الغبراء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : " بعثت إلى الأحمر والأسود " وقال : " وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وإلى الناس عامة " كما قال تعالى : { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا } الآية وهكذا قال ههنا : { الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك } ونزه نفسه عن الولد وعن الشريك ثم أخبر أنه { خلق كل شيء فقدره تقديرا } أي كل شيء مما سواه مخلوق مربوب وهو خالق كل شيء وربه ومليكه وإلهه وكل شيء تحت قهره وتدبيره وتسخيره وتقديره