17 - فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون .
- 18 - وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون .
- 19 - يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون .
هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة وإرشاده لعباده إلى تسبيحه وتحميده في هذه الأوقات المتعاقبة الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه عند المساء وهو إقبال الليل بظلامه وعند الصباح وهو إسفار النهار بضيائه ثم اعترض بحمده مناسبة للتسبيح وهو التحميد فقال تعالى : { وله الحمد في السموات والأرض } أي هو المحمود على ما خلق في السماوات والأرض ثم قال تعالى : { وعيشا وحين تظهرون } فالعشاء هو شدة الظلام والإظهار هو قوة الضياء كما قال تعالى : { والنهار إذا جلاها ... والليل إذا يغشاها } وقال تعالى : { والليل إذا يغشى ... والنهار إذا تجلى } وقال تعالى : { والضحى والليل إذا سجى } والآيات في هذا كثيرة . وفي الحديث : " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أصبح وكلما أمسى : سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون " ( أخرجه الإمام أحمد ) . وقوله تعالى : { يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي } هو ما نحن فيه من قدرته على خلق الأشياء المتقابلة فإنه يذكر خلقه الأشياء وأضدادها ليدل على كمال قدرته فمن ذلك إخراج النبات من الحب والحب من النبات والبيض من الدجاج والدجاج من البيض والإنسان من النطفة والنطفة من الإنسان والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن . وقوله تعالى : { ويحيي الأرض بعد موتها } كقوله تعالى : { وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون } وقوله تعالى : { وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج } ولهذا قال : { وكذلك تخرجون }